في رثاء أحمد زويل.. أميرة خالد تكتب: اتركوا أثرًا فكلنا راحلون
حين سمعت خبر الوفاة، لا أدري ما حدث بالضبط، فقد أحسست وكأنها هزة أصابت جسدي الهزيل أسقطته أرضًا، كأنها لحظة من اللحظات التي يتوقف عندها الزمن، وسالت دموعي دون استدعاء مني لها على الرغم من حرصي الشديد على إخفائها أغلب الوقت. انسالت الدموع وكأنها تعلم أنه حان موعد نزولها وشاركها قلبي فانفجر حزنًا ، وضاقت بي الدنيا ووجدت نفسي في حضن أمي أصرخ:
« قد مات زويل يا أمي... قد مات»
ضمتني أمي لتهدئ من روعي لأنها تعلم ما يعنيه ذلك بالنسبة لي، فهي تعلم أني مذ أن سكنت القراءة قلبي كانت سيرته من أوائل سكانه، فكانت هي هدية أمي حين أتممت عامي الثاني عشر، فرأيت في حياته القدوة وتعلمت منها كيف يجب أن يقدر العلماء، لكن لسوء حظنا نحن لم يقدر قط.
أحمد زويل.. هكذا تغيّر العالم بعد «الفيمتو ثانية»
شعرت يوما أننا شعبا ينبذ العلماء ويتخذ من بعض السفهاء قدوة. وتعجبت رغم عدم تقديرنا له، إلا أنه ظل حب الوطن في دمه يحيا به أبدا. ولطالما ظننت أن «نوبل» هي «زويل» و«زويل» يعني «نوبل» فقد درست في المرحلة الابتدائية في درس اللغة العربية ذات يوم أنه حصل على جائزة نوبل، ولم يسعفني عقلي وقتها لصغر سني فهم ما تعني «نوبل» حقا فدوما كنت أظنها جائزة صممت خصيصا له. لقد وقعت في حب الكيمياء عندما علمت عشقه لها وإن لم تكن ميولي علمية مثله، لكنني كنت حريصة دائما على فهم كل ما يخص الكيمياء وظللت أشهر عديدة أبحث في اكتشافاته التي حصد نوبل من أجلها.
تذكرت ذلك كله وظللت أبكي وأبكي مرددة «ده أكيد إشاعات يا أمي ....زويل أكيد ممتش أكيد ممتش».
وبعد صمت شعرت كأنه طال عبرت أمي عن ما بداخلها قائلة: «صغيرتي قد مات زويل بجسده كغيره لكن علمه وخلقه باقٍ أبدًا فتعلقي بالعلم واتركي أثراً ونحي الأشخاص جنبا فكلنا راحلون لا محالة».