الختان في الأديان السماوية.. الإسلام الأكثر جدلا
بالرغم من أن ختان الإناث لم يرٍد ذكره في القرآن، إلا أنه ذُكر بصور واضحة في الإنجيل والتوراة، ومع ذلك فمشروعيته من عدمه أكثر جدلا في الإسلام عن باقي الديانات السماوية، فهناك من ذهب لتجريمه وهناك من أجازه وهناك من فرضه والبعض اعتبره سنة.
يستعرض «شبابيك» المواقف التي اتخذت من الختان في الديانات السماوية الثلاث، وآراء علماء الإسلام المتباينة منذ عقود وحتى الآن.
الإسلام الأكثر جدلا
اختلفت الآراء في الختان بالنسبة للإسلام، فعلى مدار العقود الماضية، حدث تلاسن واضح وصريح بين جهات إسلامية مثل الأزهر والتيار السلفي حتى بين شيوخ الأزهر أنفسهم، ناهيك عن رأي الأئمة الأربعة الذي جاء مختلفا حتى.
أشهر الخرافات الجنسية في المجتمع المصري
الأزهر
الأزهر وحده كانت آراءه مختلفة في الختان في فترات مختلفة، أحيانا اتخذ موقفا وتراجع عنه وعاد لتأكيده ثانية.
بداية من عام 1951 ذكرت مجلة الأزهر فتوى منقولة عن الشيخ محمود شلتوت، شيخ الأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء حينها، تتضمن عدم شرعية الختان طالما أنه لا يوجد من ورائه ضرر طبي أو فساد خلقي، وهذا ما استندت إليه مجلة الدكتور الطبية المتخصصة في ذلك الوقت بتأكيدها عدم وجود دواع طبية تستلزم إجراء الختان للإناث.
لكن في عام 1994، أصدر شيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق، كتابا أفتى فيه بجواز الختان، مؤكداعلى صحة الأحاديث النبوية بشأن شرعية إجراء الختان للأنثى. واستند إلى أحاديث أضعفتها فتوى لاحقة لدار الفتوى، مثل حديث الرسول لأم عطية _سيجة معنية بالختان_ «أخفضي ولا تنهكي». استند أيضا إلى حديث أبي هريرة، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر».
واتفق معه حينها مجمع البحوث الإسلامية، ولجنة البحوث الفقهية، بأن ختان الأنثى واجب وضروري.
وفي عام 2007 اتفق شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، ومفتي الجمهورية الشيخ علي جمعة على أن الختان جريمة، وأنه ليس من الدين في شئ ولكن عادة أفريقية وفرعونية. وكانت هناك مواجهة محتدمة بين جاد الحق وطنطاوي حول شرعية الختان.
وقال طنطاوي، إن جميع الأحاديث التي وردت في ختان الإناث ضعيفة، ولا يوجد نص في الشرع سواء القرآن أو السنة يفتي بجواز الختان، مضيفا «ما يقوله الأطباء في هذه المسألة نقول لهم سمعا وطاعة».
دراسة: ختان الذكور لا يؤثر على المتعة الجنسية
وتأكيدا على رأي طنطاوي وجمعة، دار الافتاء أصدرت فتوى أخرى في يونيو 2013، قالت فيها إن الختان حرام شرعا، وطالبت الأجهزة المعنية بالتدخل للحد من «الظاهرة»، بحسب بيان الافتاء حينها.
وأفتت أمانة الفتوى التابعة لدار الإفتاء المصرية، في 2015 مرة أخرى بتحريم الختان، وقالت في فتواها «تحريم ختان الإناث هو القول الصواب الذي يتفق مع مقاصد الشرع، ومصالح الخلق».
وأشارت إلى أن محاربة الختان تطبيق لمراد الله تعالى، بالإضافة إلى أنها عادة مخالفة للشريعة الإسلامية والقانون الوضعى.
وكانت أدلة دار الفتوى حديث أم عطية، الذي رواه أبو داوود في سننه، وحوى توجيها من النبي، صلى الله عليه وسلم، لأم عطية _المرأة التي كانت متخصصة في ختان الإناث بالمدينة المنورة_ وما تضمنه الحديث من قول النبي «اخفضى ولا تنهكي»، حيث أكدت الإفتاء أن أبو داود قال عقب رواية الحديث، أنه ليس بالقوي.
وقال أستاذ الحديث بجامعة الأزهر الدكتور يحيى إسماعيل، لـ«شبابيك»، إن الختان مكرمة للمرأة طبقا لقول الرسول يا أم عطية اخفضي ولا تنهكي.
وهاجم إسماعيل شيخ الأزهر السابق محمد السيد طنطاوي، ورفض الفتوى التي أصدرها من قبل، مشيرا إلى أنه أحل ماحرمه الله وحرم ما أحله الله، ومضيفا أيضا «دا واحد هلك سيبه بالعذاب اللي ربنا حطه فيه».
إسماعيل قال إن الختان واجب وفرض على الذكر والأنثى، مشيرا إلى أن المطالبات بإلغاء ختان الإناث ظهرت عندما دخلت السياسة في الدين، مضيفا «ما دخل الساسة في شئ إلا وأفسدوه».
جبهة علماء الأزهر
جبهة عملاء الأزهر والمكونة من أساتذة وشيوخ بالأزهر، كان لها رأيا معارضا لطنطاوي ودار الافتاء، واستندوا إلى كتاب جاد الحق المشار إليه، والذي أورد جميع الأحاديث التي تتحدث عن وجوب الختان.
الجبهة أعادت نشر الكتاب مرة اخرى عام 2007 عندما أفتى طنطاوي وجمعة بتحريم الختان.
الشيخ الشعرواي
الشيخ الشعروا يقول إن الدين رضى الطرفين المؤيد والرافض، مشيرا إلى أن تعبير الختان هو خطأ فهو للذكر فقط أم المرأة فيسمى خفاض، مضيفا «خفاض توحي أنه لا يقطع بشكل كامل وإنما الخفاض فهو التخفيض لحد معين».
وأضاف الشعراوي، في فتواه أن الخفاض يحفظ كرامة المرأة عند الرجل، فلو تركت دون خفاض لتحركت شهوتها بأقل حركة، وظلت مرهونة للرجل.
الشعراوي استند في فتواه إلى الحديث الذي قال شيخ الأزهر طنطاوي ودار الفتوى إنه ضعيف «يا أم عطية اخفضي ولا تنهكي».
الأئمة الأربعة
الائمة الأربعة اتفقوا على أن الختان للذكر والخافض للأنثى، واختلفوا في وجوبه، الإمامان أبو حنيفة ومالك قالا إنه مسنون وليس واجب وجوب الفرض _لكن السنة عند المالكية يؤثم تاركها _، أما الإمام الشافعي، قال إنه واجب على الذكر والأنثى، والإمام أحمد بن حنبل قال إنه واجب لدى الرجال، وسنة لدى النساء ومكرمة لهن.
السلفيون
يرى السلفيون أن ختان الإناث ضروري وهو سنة والسنة لدى السلفية واجبة التنفيذ ويؤثم تاركها، حتى أن الهيئة البرلمانية لحزب النور السلفي، رفضت قانون تجريم ختان الإناث، وقدمت مذكرة لرئيس المجلس، تقول فيه لا يجوز تجريم ختان الإناث إن كان الطبيب يرى وجود ضرورة طبية لإجرائه.
من جهته رفض محمد صلاح المتحدث باسم حزب النور السلفي، فكرة تحريم ختان الإناث، مشيرا إلى أن هناك 8 أنواع من الختان، أحدهم سني وهو ما لا يجب تحريمه والآخرين لا يعترف بهم السلفيون. مشيرا أنه لا يستطيع تحديد تلك الأنواع فالطب أدرى بها على حد تعبيره.
وأضاف صلاح في تصريح لـ«شبابيك»، نحن نرفض أي نوع من الختان يسبب ضرر للفتاة، ولكن النوع السني لا يسبب أي ضرر، فالرسول قال «أخفضي ولا تنهكي» وهو نوع الختان الذي نتحدث عنه، موضحا أن علماء الأزهر اتفقوا على هذا وبينهم من قبل جاد الحق، وعبدالحليم محمود، ومجمع البحوث الإسلامية،
وعنه قال الشيخ محمد صالح العثيمين، إن أقرب أقوال الأئمة الأربعة إلى قلبه هو القائل بأنه سنة في حق الفتاة وواجب في حق الذكر. وهو قول ابن حنبل.
وفي فتاوى ابن باز، رأى أن ختان الأنثى سنة ومكرمة في حقهن.
لهذا السبب.. دراسة بريطانية تقترح تقنين الختان
الختان في المسيحية
شريعة الختان في المسيحية أسقطت في العهد الجديد، وبالتالي فإن أغلب الكنائس لاتلزم بها أتباعها ولا تمنعهم منها، ولكن هناك بعض الكنائس البروتستانتية تفرضها إجبارا على الذكور.
وفقا للشريعة اليهودية، بعد 8 أيام من ولادة المسيح تم ختانه، ونظرا لأن المسيحيين من اليهود، وكانت الشريعة اليهودية تقر الختان، فكانوا يختتنون في المسيحية، ولكن حدث خلاف فيما بعد بعد توسع المسيحية فيما يخص الإلتزام بشريعة موسى عموما والختان خصوصا، أوجبت على المتحولين من اليهودية للمسيحية وتركت لرغبة المنضمين للمسيحية من أديان أخرى.
وبالنسبة لختان الإناث، لا يوجد في الكتاب المقدس أي ذكر لختانهن، ترفض السلطات والكنائس المسيحية بصفة عامة ختان الإناث.
الختان في اليهودية
اليهودية اعتبرت ختان الذكور حكما إلهيا، ولم تجيز ختان الإناث، ففي التوراة يقول الرب لأبراهام «هذا العهد تحافظ عليه: كل الذكور يجري ختانهم. (11) أنت ستختن نفسك وهذا سيكون علامة العهد بيني وبينك. (12) وجميع الذكور من نسلك، عندما يبلغون الثمانية أيام من العمر، يجب أن يجري ختانهم».
المفارقة في جواز أو تحريم الختان، أن الكتب السماوية في المسيحية واليهودية ذكرت الختان وأفردت له أحكاما، باستثناء القرآن الذي لم يذكر في موضع منه الختان سواء للذكور أو الإناث.