باولو كويلو الأكثر إلهاما.. 5 روايات تغنيك عن كورسات التنمية البشرية
لا أحد يقدر السعادة إلا من رأى الحزن، ولا يشعر بروح الحياة إلا من تقلب في الجحيم، هكذا يقولون، وربما كان الروائي البرازيلي باولو كويلو خير مثال على هذا. لم يعش «كويلو» حياة فقر واضطهاد، بل عاش تمزقا روحيا وفكريا أدى به في النهاية لأن يكون أكثر الكتاب إلهاما للشباب.
منذ صدور روايته الشهيرة «الخيميائي» وقد أصبح «كويلو» ملهما للشباب، فهو يحدثهم عن أحلامهم، وشغفهم، ويرسم لهم صورة للحياة تجعلهم أكثر إقبالا عليها.
لكن هذه الصورة لم تكن وردية أبدا، فمن إيداع والديه له مصحة نفسية في مراهقته، إلى إنغماسه في أعمال السحر والشعوذة، ثم انضمامه للـ«هيبيز»، وتعاطيه المخدرات، ثم بحثه عن الله وتمزقه بين الديانات والأفكار المختلفة، حتى استقر أخيرا على فلسفة روحانية صوفية؛ استطاع «كويلو» أن يمنح بعض الأمل في الحياة، لكنه أمل واقعي، عن تجارب حقيقية عاشها، وربما كانت هذه الواقعية كفيلة بأن يصدقه كثير من الشباب.
في هذا التقرير سيعرض لك «شبابيك» مجموعة من روايات باولو كويلو التي قد تغنيك عن جميع كتب التنمية البشرية؛ فبعض من هذه الروايات أشبه بالسيرة الذاتية التي عاشها الروائي البرازيلي بنفسه واستطاع من خلالها أن يتجاوز المعاناة لما هو أفضل.
من البرازيل مسقط رأسه وحتى إسبانيا حيث كاتدرئية «سانتياجو دي كومبستلا» يسير «كويلو» في مغامرة روحية بحثا عن الذات، ولم يكن في ذلك الوقت كاتب شهير وصاحب الكتب الأكثر مبيعا حول العالم.
في الواقع كان «كويلو» بين مفترق طريق واختيار صعب؛ فهل يترك مهنته التي يكسب منها العيش وحقق فيها إنجازات كثيرة، أم يسعى وراء حلمه غير المضمون بأن يكون كاتبا روائيا؟
يقولون إن في السفر سبع فوائد، ويبدو أن مغامرة «كويلو»، هدته إلى الاختيار فقد عاد «كويلو» من رحلته ليدونها في رواية «الحاج» وبعدها جاءت رواية «الخيميائي» التي كتبت له الشهرة والتألق.
رواية «حاج كومبوستلا» هي مغامرة داخل الروح والنفس واكتشاف معنى الحياة والتصالح مع الذات، وفيها نقرأ أن: «الطريق التي تسلكها الآن، هي طريق القدرة ولن تتلقن إلا تمارين القدرة عبرها. والسفر الذي كان في البداية عذابا لانك لا تريد إلا الوصول بدأ يتحول إلى متعة، متعة السعي والمغامرة. هذا هو الغذاء الحقيقي لأحلامنا».
الموت والحياة هل هما ضدان حقا، أم أن أحدهما مكمل للآخر؟ في رواية «فيرونيكا تقرر أن تموت»، قررت «فيرونيكا» أن تقتل نفسها، بعد أن تخلى عنها الجميع وأودعوها مصحة نفسية لكن في نفس اللحظة التي أصبحت مستعدة لتوديع هذا العالم؛ انفتحت لها عينا ثالثة جعلتها أكثر إقبالا على الحياة.
لم تعد «فيرونيكا» تكتثرت لآراء الآخرين، ووجهت كل طاقتها لإسعاد نفسها حتى لو رآها الجميع غريبة الأطوار، ففي كلتا الحالتين هي في نظرهم مجنونة، وهل هناك حجة أفضل من ذلك لتفعل ما تريد ولا تكترث لأحد؟!
في الواقع لم تكن «فيرونيكا» في الرواية إلا تجسيدا لباولو كويلو نفسه في إحدى فترات حياته، فهو ذلك الشاب الذي أودعه والديه مصحة نفسية في مراهقته، لأنهم رأوا تخليه عن دراسة الهندسة ورغبته في الكتابة ضربا من الجنون.
وفي هذه الرواية نقرأ: «ابقي مجنونة لكن تصرفي كالناس الطبيعيين. جازفي في كونك مختلفة، لكن تعلمي القيام بذلك دون لفت الانتباه.. كانت متصلبة الرأي تجاه الأمور البسيطة في محاولة تثبت فيها قوة شخصيتها اللامبالية، في حين كانت في الواقع مجرد امرأة هشة».
في رواية «ألِف» كل شيء حولك يدعو للشك لدرجة الجنون؛ الحروب، الشرور، والجرائم التي ترتكب على مدى التاريخ باسم الدين، حتى تبدأ في الشك بنفسك، الشك في الحياة، والشك في إيمانك.
ومرة أخرى يجد «كويلو» في السفر مخلصا له من هذه الحيرة فهو وسيلته للتواصل مع نفسه وإعادة استكشافها مرة أخرى.
وهنا يجد «كويلو» نفسه أمام حقيقته الصادمة فهو يلتقي خلال رحلته بالفتاة التي أحبها وخانها قبل سنوات، ليتعلم من خلال رحلته معها كيفية مواجهة النفس، والعفران، والسلام الداخلي مرة أخرى رغم أخطاء الماضي والعالم الذي يدفعك للجنون.
وفي هذه الرواية نقرأ: «ليست أفعالك في الماضي هي ما سيؤثر في الحاضر، إن ما تفعله في الحاضر سيفدي الماضي وبالتالي سيغير المستقبل.. ستطالعنا الأسئلة ذاتها دوما، وسنحتاج دوما إلى الإقلاع عن تكبرنا لكي نتقبل أن قلوبنا على علم بسبب وجودنا هنا».
هل يمكن أن يمتزج الحب بالفلسفة وبالتصوف، أكثر منه عاطفة حمقاء؟ ولماذا إذا نجازف بالوقوع في حب غير مضمون والتعرض للخيانة أو الهجر والألم؟ وكيف يمكن لذلك أن يفيدنا في تجربتنا الروحية؟ ولماذا نسمح لأنفسنا بكل تلك المعاناة إذا كان من الممكن أن نغلق الباب في وجه العاطفة؟
رواية «على نهر بييدرا هناك جلست فبكيت» ليست رومانسية صرفة، فـ«كويلو» الذي برع في الفلسفة والروحانيات يتخذ فكرة الحب مدخلا لفهم المزيد عن النفس البشرية، وفيها نقرأ: «فلنعطِ اهتمامنا وانتباهنا لما يقوله لنا الطفل الذي مازال يعيش في قلبنا دون أن نخجل منه ودون أن نجعله يخاف لأنه ترك وحيدا، ولأننا لا نكاد نسمعه فلنشعره بأنه محبوب من جديد ولنقدم له الغبطة حتى لو كان ذلك يعني أن نعمل بغير الطريقة التي اعتدنا عليها حتى لو بدا ذلك حماقة في عيون الآخرين».
وأيضا: «أحيانا نكون فريسة لشعور بالحزن لا نستطيع السيطرة عليه و نلاحظ أن اللحظة السحرية لذلك اليوم قد مرت و انتهى أمرها و لم يعد لدينا ما نفعل فالحياة إذا تخفي سحرها و فنها».
ماذا يريد الإنسان في حياته أكثر من تحقيق أحلامه جميعها، وظيفة مرموقة يحبها، حياة رغدة ومليئة بكل وسائل الرفاهية، زوج محب وأطفال كالملائكة؟
ولكن «ليندا» بطلة رواية «الزانية» يزداد شعورها بالفراغ والاكتئاب يوميا بعد يوم، لدرجة أنها تحسد جارها العجوز الذي تبدو الابتسامة على وجهه كل صباح وهو يقوم بعمل بسيط كغسل سيارته.
وحتى تسد «ليندا» هذا الشعور بالفراغ تقيم علاقة غير شرعية مع صديق وحبيب قديم من أيام المراهقة؛ ولأجل الشعور بمزيد من المتعة والحماسة تفسد بينه وبين زوجته وتلجأ إلى المخدرات.
تشعر «ليندا» في باديء الأمر بالحماسة، وأن الحياة تعود إليها مرة أخرى، لكن شعورها بالخيانة وتمزيق أسرتها يدفعانها للتساؤل: أين هي السعادة الحقيقية إذا لم تكن في تحقيق الأحلام أو إشباع الرغبات؟
وفي هذه الرواية نقرأ: «أيمكنك تدريب نفسك على حب الرجل المناسب؟ بالطبع يمكنك. المشكلة هي في نسيان الرجل الخطأ، عابر السبيل الذي دخل بلا استئذان من باب تُرك مفتوحا».
وأيضا نقرأ: «الفتور، ادعاء السعادة، ادعاء التسلية، ادعاء النوم بهناء، ادعاء أنك حية، إلى أن تحل لحظة تصلين فيها إلى خط أحمر وهمي وتدركين أنك إذا تخطيته، سيستحيل عليك الرجوع، ثم تكفين عن التذمر؛ لأن التذمر يعني أنك لا تزالين في خضم معركة ما، تتقبلين حالة التعطل، محاولة إخفاءها عن الجميع، وهذا عمل شاق».
لزيارة الموقع الرسمي لباولو كويلو من «هنا».