في ظل الأزمة المتصاعدة بين البلدين.. هكذا يرى الإعلام السعودي مصر
الموقف من سوريا كان جوهر الخلاف بين مصر والسعودية، وعلى إثره تداولت أخبار وقف السعودية إمداد مصر بالبترول عن طريق شركة «أرامكو»، ومغادرة السفير السعودي مطار القاهرة صباح الأربعاء متجها إلى العاصمة الرياض.
ماذا حدث؟
مصر صوتت قبل أيام في مجلس الأمن، على قرارين أحدهما لصالح روسيا والآخر لفرنسا حول سوريا، والقراران يدعوان إلى هدنة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء سوريا.
روسيا استخدمت حق النقض «الفيتو» ضد مشروع القرار الفرنسي الذي طالب بنهاية فورية للضربات الجوية، وطلعات الطائرات الحربية فوق مدينة حلب السورية، فيما لم يتمكّن مشروع القرار الروسي من جمع سوى أربعة أصوات فقط هم: روسيا وفنزويلا والصين ومصر.
ورغم الجدل الذي أثاره ذلك من كيفية التصويت لقرارين يبدو أنهما متناقضان، إلا أن الكلام تركز حول الغضب السعودي من موقف مصر خلال تأييدها للمشروع الروسي الذي تناهضه المملكة.
ورد مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة على الموقف المصري، قائلا «من المؤسف أن يكون موقف ماليزيا والسنغال أقرب من موقف مصر»، واصفا موقفها بـ«المؤلم».
وأضاف «كان مؤلماً أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب إلى الموقف التوافقي العربي من موقف المندوب العربي، ولكن أعتقد أن السؤال يُوجّه إلى مندوب مصر»، مؤكدا على مواصلة دعم السعودية للشعب السوري، واصفا طرح روسيا بـ«المشروع المضاد».
بعد هذه الأزمة تغيرت نبرة الحديث مع مصر في وسائل الإعلام السعودية، بل ووصلت إلى السخرية منها، عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج #مصر_تصوت_لصالح_المشروع_الروسي.
قالوا عن مصر
بالإضافة إلى المقالات المتنوعة التي هاجمت مصر على موقفها، باستثناء مقال واحد للكاتب علي سعد الموسى، الذي دعى فيه إلى التريث مع مصر، فلا يمكن أن تحاكم السعودية الدول على مواقفها المضادة لها.
بين الرز والفول
المقرئ السعودي وإمام مسجد الرياض سابقا، عادل الكلباني، وجه رسالة سخرية إلى مصر قال فيها «اللي تشتريه بالرز يبيعك بالفول».
اللي تشتريه بالرز يبيعك بالفول!
نايف الشعلان
— عادل الكلباني (@abuabdelelah) ١٠ أكتوبر، ٢٠١٦
كبّ الرّز ولا توكله اللئام!
— عادل الكلباني (@abuabdelelah) ١٠ أكتوبر، ٢٠١٦
رئيس الديوان الملكي
فيما عبَّر رئيس الديوان الملكي سابقًا خالد التويجري عن أسفه من الموقف المصري بشأن مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن.
وقال التويجري في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر معلقًا على هاشتاج #مصر_تصوت_لصالح_المشروع_الروسي: «أسف ما بعده أسف يا فخامة الرئيس أن يحدث ذلك منكم تجاه السعودية بالذات. أنسيتم مواقفنا معكم كأشقاء!!».
عبدالله الجنيد والانحراف
الكاتب الصحفي عبدالله الجنيد عبّر عن رفضه موقف مصر، بقوله «كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب لموقف التوافق العربي منه من المندوب العربي».
وأضاف «الجنيدي» في مقال له على موقع «مكة»: «وللأسف لم يكن تصويت مصر لصالح المشروعين إلا تأكيدا على انحراف خطير في بوصلتها الاستراتيجية».
فيما نشر الأمير خالد بن طلال بن عبدالعزيز، تغريدة على الهاشتاج المتداول والمشار إليه، قائلاً «هل يرد السيسي الوفاء والجميل الذي قدم له من دعم معنوي ومادي لا محدود من المملكة آخرها زيارة خادم الحرمين؟ والاجتماع به وأن ترجع مصر دولة سنية عربية تدعم المملكة ودول الخليج في مواجهة إيران !!».
وقفتنا كانت صادقة
الكاتب الصحفي محمد العصمي، في مقال له بجريدة «عكاظ»، أدان الموقف المصري، وهاجم الإعلاميين المصريين بسبب موقفهم المهاجم للسعودية بقوله «ليس صحيحا ولا مقبولا، أيا كانت قوة وسلاطة ألسنة بعض الإعلاميين المصريين، أن أقف معك في شدتك وأُقطع من لحمي في سبيل سلامة بلدك وأخذها بعيداً عن الأزمات الماحقة ثم أفاجأ بأنك لست معي في شدتي ولا تعينني لدفع هذه الشدة».
وأرجع «العصيمي» الخلاف إلى معركة وجود عربي في مقابل الوجود الإيراني، وأضاف «مصر قوة عربية يعول عليها كثيرا في هذه الدول، لكن إذا اختارت أن تكون في مسار آخر وتحالفات مضادة للموقف الخليجي من الوضع السوري والتهديدات الإيرانية فهي تختار أن تتخلى عن حلفائها السعوديين والخليجيين ولا أحد يستطيع أن يجبرها على البقاء معهم».
لكن «العصيمي» في نهاية مقاله تمسك بالأمل بأن تراجع مصر موقفها قائلاً «رغم شدة الألم الأخير، يبقى هناك أمل بأن مصر ما زالت تدرك عواقب فك تحالفها مع دول الخليج، لحساب تحالفات أخرى، على أمنها القومي وعلى الأمن القومي العربي ككل».
فيما تناول الكاتب السعودي «علي سعد الموسى» ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن وقف المساعدات البترولية لمصر وإيحاء أن هناك خلافا سياسيا وراء هذا.
وقال الموسى في مقال له بصحيفة «الوطن» السعودية بعنوان «كي لا نخسر مصر»، إنه لا يقبل انجراف بعض أصحاب الرأي والمفكرين في إتجاه يجعل السعودية تخسر مصر من أجل موقف على طاولة مجلس الأمن التي تنازلت عنها السعودية نفسها لأنها على حد قوله لا تريد التورط في التصويتات الشائكة بمجلس الأمن المحكوم أصلا بالفيتو وليس غالبية الأصوات.
وذكر الكاتب مثالا قال فيه «لماذا لم تنبس مصر الرسمية ببنت شفة ولم تشك أو ترتاب من تحالفنا المعلن مع تركيا رغم تدخلها السافر في الشأن المصري الداخلي بعد ثورتها الشعبية الجارفة الأخيرة؟ والجواب الوحيد أن حكماء العقل السياسي في أعلى هرمي القيادة في البلدين يدركان أن العلاقات التاريخية أكبر من تصويت أو رفع إصبع على طاولة قرار أو فتح سفارة».