شيرين عبد العزيز تكتب: استثمار الأبناء
أصبح اليوم الحديث عن الاستثمار هو شغل كل إنسان يطمح فى الحصول على قسط من النجاح وتحقيق المكاسب التى تؤمِّن له حاضر محترم ومستقبل هادف.
لم يعد خفياً على أحد أن تربية الأبناء تحتاج إلى عطاء دائم لا ينقطع وبذل جهد مضني، فى رعايتهم وتأهيلهم تربوياً وصحياً وعلمياً ونفسياً، حتى ينفعوا بذلك أنفسهم وبلدهم .
إن هذه المسئولية الكبيرة وتلك التربية الكريمة التى يقوم بها الأباء والأمهات جنباً إلى جنب تتطلب منهم بذل الكثير والكثير من وقت وجهد ومال لتوفير كل سبل الراحة للأبناء وتنميتهم علمياً وعملياً من أجل الحصول على مكانة رفيعة فى الحياة.
ولكن هل سبق لكم أيها الاباء والأمهات وسمعتهم عن مصطلح «التنمية البشرية»؟
للتنمية أوجه عديدة، فهناك التنمية الاقتصادية التي تبني المجتمعات اقتصادياً وتوفر لأفرادها احتياجاتهم الفسيولوجية من غذاء وكساء ومسكن وكذلك يوجد التنمية السياسية والتنمية الاجتماعية.. وغيرها
أما «التنمية البشرية» فيقصد بها تنمية الأفراد من جميع النواحى النفسية والعقلية والجسدية والروحية حتى يتم رفع كفاءاتهم ومهاراتهم وقدراتهم لتحسين مستواهم وتأهيلهم التأهيل المناسب الذى يتماشى مع متطلبات الحياة.
وبالرغم من أن هناك دول لم نكن نسمع عنها شيئاً فى الماضي القريب، حتى قامت من كبوتها اعتماداً على مواردها البشرية إيماناً منها بتلك الثروة الغنية التى ما أن تم توظيفها فى مكانها الصحيح نالت القوة الناجزة لتحقيق الغايات والأهداف، إلا إن مازال هناك من يشكك فى هذه القوة الخفية ويعتبرون علم «التنمية البشرية» علم من لا علم له ! .
إن الاستثمار الحقيقى والمضمون اليوم هو استثمار القدرات والإمكانيات والمهارات الخاصة لدى الأفراد لتحسين ذواتهم أولاً ومن ثم تحسين مستوى معيشتهم.
وهذا الاستثمار لا يأتى بين عشية وضحاها بل يجب أن يبدأ منذ الصغر من بداية مرحلة ماقبل الدراسة والتى تعد من أهم المراحل العمرية لأطفالنا وتستمر حتى الكبر
واستثمار الأبناء يكون باكتشاف مواهبهم ومعرفة ميولهم والعمل على تطويرها وتعزيزها إضافةً إلى توفير مستوى تعليمى جيد يتناسب مع تلك الميول والقدرات لضمان الكفاءة والفعالية فى العمل والبناء، هذا بالإضافة إلى الاستمرار فى تثقيفهم والمداومة على توعيتهم وترغيبهم فى فصول العلم وتعلم العلوم المختلفة.
ويرجع الاهتمام وتسليط الضوء على هذا النوع من الاستثمار فى الأبناء إلى القدرة على مقاومة وتغيير الأوضاع والظروف التى تحول بيننا وبين تحسين المستوى المعيشي ومواجهة الحياة بقوة وشجاعة للحصول على مستقبل أفضل.
وعلى المستوى الشخصى فإن استثمار الأبناء يمنح الفرصة لهم لرفع القدرة على الإبداع والابتكار وخلق مناخ صحي للإختراعات وتنمية المواهب الإبداعية بالإضافة إلى تعزيز الثقة بالنفس والقدرة على حل المشكلات ومواجهة الحياة وأعبائها والحصول على المنافسة العادلة والشريفة .
إن استغلال الطاقات الكامنة داخل الأفراد وتوظيفها فى مكانها الصحيح لـ هو حقاً أفضل استثمار موجه يمكِّن الجماعات والمجتمعات من تحقيق أهدافها القريبة والمستقبلية.
والأسرة التى تعي مفهوم «التنمية البشرية» جيداً وتقوم تربيتها على مبدأ استثمار الأبناء لــ هى حقاً خير أسرة لخير أبناء.
شيرين عبد العزيز، استشاري علاقات إنسانية