متلازمة ستوكهولم.. كيف يمكن أن يدافع الضحية عن الجلاد؟
ناتاشا كامبوش، فتاة سويدية، اختُطِفت في العاشرة من عمرها من قبل مجرم يُدعى ولفجانج بريكلوبيل، واحتجزت داخل أحد الأقبية لمدة 8 سنوات وتم إطلاق سراحها والقبض على خاطفها.
ولكن عندما سمعت الفتاة أنه توفي بعد أعوام، أجهشت بالبكاء وقامت بإشعال شمعة حيث يرقد جسده. وصار ما حدث مع «ناتاشا»، يعرف بـ«متلازمة ستوكهولم».
ما هي متلازمة ستوكهولم؟
هي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المخطوف مع الخاطف.
كيف عرفت لأول مرة؟
وراء ذلك قصة، ففي عام 1973 في ستوكهولم، بالسويد، اقتحم مجموعة من اللصوص بنك «كريديت بانكن»، وأخذوا موظفي البنك رهائن لمدة 6 أيام، قبل إطلاق سراحهم.
لكن الجميع فوجئ بالرهائن يدافعون عن خاطفيهم.
طبقا لـ«BBC» في مقابلة أجريت مع كريتسن إنمارك، إحدى الرهائن في بنك السويد، قالت إنه «نوع من مجريات الأحداث التي تتعرض لها، للدرجة التي تحدث بطريقة ما تغييرا في قيمك وأخلاقياتك كلها».
وكانت «إنمارك» صاحبة أقوى العلاقات بين الرهائن الأربعة مع محتجزيها.
ففي إحدى المكالمات الهاتفية التي أجرتها من داخل أحد أقبية البنك مع رئيس الوزراء آنذاك أولوف بالم، كانت «إنمارك» تتوسل إلى هذا الأخير حتى يسمح لها بمغادرة مبنى البنك مع الخاطفين.
وكان أولسون أحد أفراد العصابة التي احتجزت الرهائن، قد طالب بإحضار سيارة لهم حتى يتمكنوا من الهرب فيها مع الرهائن، إلا أن السلطات رفضت ذلك الطلب.
وقد أعربت في المكالمة الهاتفية لرئيس الوزراء عن «خيبة أملها» فيه.
وقالت: «أعتقد أنك لا تقوم بشيء سوى الجلوس هناك واللعب بأرواحنا. إنني أثق بكلارك وبزميله أولسون، ولا أشعر بأي نوع من اليأس. هم لم يرتكبوا أي أمر سيء معنا. بل على العكس، كانوا لطيفين جدا معنا».
وأردفت مخاطبة رئيس الوزراء: «إن ما يقلقني بالفعل هو أن تداهم الشرطة المكان وتتسبب في مقتلنا».
وسميت تلك الحالة من قبل نيلز بيجيرو المتخصص في علم الجرائم والأمراض النفسية، بمتلازمة «ستوكهولم». حيث لم تكن شخصت من قبل.
تفسير الظاهرة
نيلز بيجيرو وضع معايير لحدوث تلك المتلازمة لدى الضحية وأهمها:
- الناس يتعرضون فجأة لعمل عدائي، يحدث رعبا في أنفسهم ويتأكدون أنهم مقبلين على الموت.
- يعقب ذلك المرور بمرحلة يكونون فيها كالأطفال مسلوبي الإرادة غير قادرين على فعل شئ سواء الطعام أو الذهاب إلى الحمام دون استئذان من خاطفيهم.
- إذا ما حدث في هذه النقطة وقدم المجرمون مساعدات لضحاياهم كطعام أو معاملة لطيفة بشكل عام، يتكون لديهم شعور بالامتنان تجاههم. وهو تفسير نفسي تطوري. فهي نوع من محاولات البقاء على قيد الحياة.
وخلال معظم تاريخ البشرية في المجتمعات البدائية كانت تحدث عمليات الخطف خصوصا للنساء والأطفال بشكل شائع، فيبدو أن الاستجابة العاطفية المرتبطة بالخاطف متأصلة في سيكولوجية الإنسان، كنوع من أنواع محاولة البقاء على قيد الحياة بحسب علماء النفس.
أعراضها الشائعة:
- المشاعر الإيجابية تجاه المعتدي.
- المشاعر السلبية تجاه الأسرة والأصدقاء والسلطات عند محاولة المساعدة.
- عدم الانخراط في السلوكيات التي تساعد في إنقاذه – يرفض المساعدة.
- إبداء شعور بمساعدة المعتدي.
الفئات التي تتعرض لها بشكل دائم:
- الأطفال المعتدى عليهم.
- النساء المعنفات.
- أسرى الحرب.
- عبادة الأعضاء.
- ضحايا زنا المحارم.
- حالات الرهائن الجنائية.
- أسرى المعسكرات.
الدكتور جمال فرويز، الطبيب النفسي، قال إن العلاقة بين الحارس والمتهم على سبيل المثال تتحول إلى علاقة إنسانية مع مضي الوقت.
وأضاف أن «المسجون بيدخل السجن في الأول وبياخد رقم وبعد شوية الحارس بتاعه بيعرفه وبيتعرف على الحارس ومرة يناوله الأكل ومرة الشرب إلى أن تتطور العلاقة بينهم إلى إنسان لإنسان وليس متهم لحارس».
وأضاف فرويز لـ«شبابيك» أن تلك هي ماهية متلازمة ستوكهولم، وما يحدث هو أن الألقاب والوظائف تختفي لتنشأ علاقة بين إنسان وإنسان ليس أكثر ولا أقل.