مجدي طارق يكتب عن وضع الطلاب في مصر: ما العمل؟! محاولة للإجابة

مجدي طارق يكتب عن وضع الطلاب في مصر: ما العمل؟! محاولة للإجابة

شهد العام الدراسي الماضي صراعا حادا بين السلطة وطلبة الجامعات، وقد بلغ هذا الصراع ذروته بعد أن فشل الطلاب المدعومين من السلطة في حسم أهم منصبين طلابيين لصالحهم وهما رئيس ونائب رئيس اتحاد العام لطلاب مصر.

وجاءت نتيجة أول انتخابات طلابية بعد انتفاضة 30 يونيو صادمة للسلطة فبالرغم من كل ما قطعته من أشواط في رؤيتها لتأميم الجامعة إلا أنها لم تتمكن من بسط كامل سيطرتها عليها بالرغم أيضًا من عزوف طلابي كان واضح بشدة، وكذلك بالرغم من القيود المفروضة على شروط الترشح والتي أطلقت أيادي رعايات الشباب في استبعاد مئات الطلبة المسيسين، إلا أن هذا الفشل في السيطرة على هذين المنصبين الحساسين لم يكن من الممكن للسلطة أن تتقبله وأن تتعامل معه كأمر واقع خاصة وأن الطلاب المنتصرين محسوبين على التيار المدافع عن حرية واستقلالية الجامعة وهو نقيض السلطة التي تعبر عن تيار التأميم، وهو ما دفع السلطة لأن ترفض اعتماد النتيجة في فضيحة قانونية غير مسبوقة وتجر الطلاب إلى نفق قانوني لكسب الوقت حتى انتهاء العام الدراسي وهو ما تحقق لها.

وبعد نجاح السلطة في سعيها لإجهاض تلك التجربة قبل أن تبدأ، شرعت في اﻻستعداد للعام الدراسي الجديد والتفكير في آلية للتخلص من اﻻتحادات القائمة والتي دخلت في صراعات مع أغلبها ولم يكن مقبولاً بالنسبة لها أن تستمر في مواقعها؛ لتعكر صفو اللوحة الديكورية التي تسعى لتجميل وجهها القبيح بها، ومع إدراك السلطة لفشلها في صنع كوادر طلابية مؤثرة موالية لها تستطيع حسم اﻻنتخابات لصالحها بدأت في التحرك في مسارين.

الأول: جس نبض اﻻتحادات والحركات الطلابية من خلال إطلاق سيل من التصريحات حول إجراء انتخابات اﻻتحادات الطلابية المقبلة وتنظيم عملها وفقًا للائحة 2007 ومع حالة الصمت والوهن التي أصابت هذ التيار مر الأسبوع السادس الذي حددته ﻻئحة 2013 لإجراء اﻻنتخابات مرور الكرام ليتأكد إجراء اﻻنتخابات وفق للائحة 2007 وهي فضلاً عما تمثله من تنكر لأحد مكاسب يناير فإنها تمنح السلطة فرصة للتخلص من  مستوى اﻻتحاد العام لطلاب مصر حيث ﻻتنص عليه اللائحة وبالتالي تعزل اتحادات الجامعات عن بعضها لتواجه كل منها منفردة.

الثاني: تصفية الكوادر الطلابية المحسوبين على التيار المدافع عن حرية واستقلالية الجامعة من خلال تحويل بعضهم إلى التحقيق وتوقيع جزاءات تأديبية ضدهم وبالتالي حرمانهم من حق الترشح في أي انتخابات طلابية مقبلة وهو ما اتبعته ضد طلاب طنطا.

بعد أن عرضنا رؤيتنا للخطوات التي تنتهجها السلطة داخل الجامعة وتحليلنا لها وهو ما يأتي متسقًا في رأينا مع نظريتها للاصطفاف الوطني التي تحكم تعاطيها مع كل التجمعات النقابية، والتي ترى التنوع في وجهات النظر هو شق للصف الوطني وخروجًا عنه، من هنا ننتقل لما نحن مهمومين به ومسئولين عنه وهو ماذا تستطيع أن تقدم الحركة الطلابية سواء على مستوى اﻻتحادات أو الكيانات الفاعلة داخل الجامعة، وبصراحة شديدة نستطيع أن نقول أنه ﻻ يمكن التعويل على أي منهما بالأوضاع الحالية في مقاومة تغول السلطة على الجامعة، فاﻻتحادات ستأتي نصوص ﻻئحة 2007 لتسلب منها ما كان لها من هامش تستطيع من خلاله الحركة والدفاع عن حقوق الطلاب، فضلاً عن غياب اتحاد طلاب مصر وما كان يمكن أن يؤديه من أدوار.

أما الكيانات الطلابية فلا يخفى على مهتم بالشأن الطلابي مدى الوهن الذي أصابها بالرغم من بسالة بعض كوادرها في الحفاظ على حد أدنى من التأثير لها داخل بعض الجامعات، _وﻻ نسعى أن نجلد أنفسنا_ فالأوضاع الراهنة مفهومة في إطار القمع الأمني والإداري وغلق كل مساحات الحركة الممكنة والنشاط داخل الجامعة وهو ما يحول دون استقطاب وفرز كوادر طلابية جديدة تتغذى بها تلك الكيانات في ظل الفقدان المستمر للكوادر اأساسية نتيجة تخرجهم.

في ظل هذا المجال المغلق وتلك العوامل السلبية تضعف مقاومة الحركة الطلابية عاما بعد آخر وهو ما يستدعي منا جميعاً وقفة ومراجعة جادة لرؤية كل طرف من الأطراف الفاعلة داخل الحركة الطلابية فليس من المنطقي أن نستمر في المقاومة بنفس أدوات السنوات الماضية، وهي كما لم تضف جديدًا، انتقلت بنا إلى التعامل بالقطعة مع كل قضية على حدى واﻻكتفاء بممارسة رد الفعل لأننا ببساطة لم نعد قادرين على المبادرة.

ومن هنا تبرز في رأينا أهمية أن تحدد الحركة الطلابية أهدافها ورؤيتها والمعارك التي تراها ضرورية للوصول لتلك الأهداف، ووفقاً للمعطيات السابقة نرى أنه على الحركة الطلابية أن تتحرك في مسارين.

الأول: التنظير لمشروع طلابي يرتكز على فلسفة حاكمة لدور الجامعة في المجتمع بحيث يؤكد على أنها ليست مجرد فصل دراسي يتم من خلاله شحن أفراد إلى سوق العمل، بل لها دور رئيسي في عملية التحول الديمقراطي من خلال التنمية السياسية ودورها في بناء مواطن مصري معاصر يمتلك من المهارات والأدوات ما يدعم بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، وهو ما يستدعي التوافق على مشروع قانون طلابي يحرر الأنشطة وانتخابات اﻻتحادات الطلابية من القيود وتدخل السلطة ويمنح اﻻتحادات الطلابية صلاحيات أوسع لتأدية واجبها تجاه الطلاب ويقر حق الطلاب في تنظيم أنفسهم .

الثاني: تنظيم كل المؤمنين بذلك المشروع من المدافعين عن حرية واستقلالية الجامعة في كيان طلابي بحيث يستوعب الطلاب المحزبين والطلاب المستقلين بصفتهم طلاب مصريين، لا وفقاً لخلفياتهم الفكرية أو صفتهم الحزبية ويتم استخدام كافة الأدوات الضرورية للتبشير بذلك المشروع من خلال استغلال كل المساحات الممكنة سواء تلك التي ستتيحها اﻻنتخابات الطلابية أو باستغلال الأسر الطلابية وتنظيم ورش العمل والندوات أو من خلال ممارسة الفعل الإحتجاجي داخل الجامعات أو من خلال التشبيك مع قوى خارجية من أحزاب وبرلمانيين وشخصيات عامة للضغط على السلطة.

ما طُرح في السطور السابقة هو محاولة للاجتهاد في الاجابة على سؤال يشغل الناشطين داخل الجامعات في ظل التغول المستمر من السلطة وهو «ما العمل؟»،وكذلك محاولة لتأدية واجبنا تجاه أجيال جديدة تخطو إلى الجامعة وتستحق أن تتفاعل في مناخ حر آمن ومستقل، ورأينا هو أن تحرك الحركة الطلابية كقوة اجتماعية مستقلة بذاتها هو السبيل الوحيد للانتصار لحرية واستقلالية الجامعة واستعادة بعض من مكاسب يناير التي اغتصبتها السلطة الحالية، وهي خطوة ليست سهلة وتتطلب الكثير من الصدق والعزيمة والإرادة الطلابية الحرة.

مجدي طارق: المتحدث الرسمي باسم طلاب التيار الشعبي

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر