مؤمن عصام يكتب في يوم الطالب العالمي: حاصر حصارك لا مفر
تعود ذكري اليوم العالمي للطالب إلى واحدة من نضالات الطلاب الهامة في مواجهة النازية، فبعد مقتل "جان أوبلاتيل" في مدينة براغ "عاصمة تشيكوسلوفاكيا سابقا" اندلعت المظاهرات الطلابية العارمة في المدينة فما كان من المحتل النازي وقتها إلا أن اتخذ قرارا بغلق كافة المؤسسات التعليمية وإعدام تسع معتقلين إلي جانب اقتياد قرابة 1200 طالب إلى المعسكرات النازية وتصفيتهم بشكل جماعي يوم 17 نوفمبر 1939.
وإثر هذه الواقعة قرر مجلس الطلاب العالمي المنعقد في لندن في 1941 اعتماد ذكرى واقعة التصفية الجماعية للطلاب كيوم عالمي للطالب واستمر احتفال اتحاد الطلاب العالمي بهذه الذكرى بشكل سنوي ليصبح يوماً ضد الحروب الإمبريالية ومن أجل السلام والعدالة والحرية والتضامن والتحرر من الاستعمار.
ولكن علي مدار سنوات طويلة من نضال الطلاب المصريين ارتبط عنوان اليوم العالمي للطلاب بذكرى أخرى مصرية خالصة وهو إضراب الشعب المصري الذي دعت له وقادته اللجنة الوطنية للطلبة و العمال في 21 فبراير 1946 للمطالبة بجلاء المحتل البريطاني و مع أهمية نضال الطلاب المصريين إلا أن هذا اليوم في الحقيقة يعتبر يوم الطالب المصري ولا يشاركنا في الاحتفال به أحد.
مع اندلاع ثورة 25 يناير في مصر تسارعت الاحتجاجات العالمية في مواجهة الفساد السياسي والظلم الاجتماعي حول العالم لتكن 2011 سنة الأحلام الخطيرة ولكن مع مآلات الحراك الثوري في مصر والمنطقة العربية وانحسار موجة الاحتجاجات العالمية، تصاعد في المقابل خطر الفاشية والعنصرية مع وصول السيسي للحكم فيه مصر وأشباهه من الرؤساء في أنحاء العالم، لتحاصر قوى التغيير وتتضائل فرص "عالم أفضل ممكن" ولكن ماذا عن حالة الحركة الطلابية المصرية الآن؟
إثر صراع دارت رحاه في الجامعات المصرية بين طلاب ضد الانقلاب ونظام 3 يوليو بداخليته انحسرت قدرة الحركات الطلابية المدنية داخل الجامعات وتراجع الحراك الطلابي لكن شهد العام الماضي انفراجة مؤقتة بعودة انتخابات الاتحادات الطلابية بعد توقفها لمدة عامين دراسيين.
وبرغم كل شروط الترشح ومحاولات الوزراة بدعم قوى مثل "طلاب تحيا مصر، صوت طلاب مصر" استطاع الطلاب المدافعين عن الحقوق والحريات الطلابية كسر الطوق ووصل عبد الله أنور لمنصب رئيس اتحاد طلاب مصر وعمرو الحلو لمنصب النائب لتعود الوزارة وتستمر في ألاعيبها برفض اعتماد النتائج مما أعطي فرصة لاتحاد طلاب مصر لانتزاع شرعية بين صفوف الطلاب كان يستطيع أن يستفيد منها الكثير في تحركات علي الأرض واتخاذ قرارات تخلق هيكل حقيقي قوي للاتحاد موجود في مختلف الجامعات لا قبل للوزارة به.
ولكن ضاعت أيضا هذه الفرصة ليتجدد الحراك الطلابي بالتزامن مع تخلي النظام عن جزيرتي تيران وصنافير وتتصدر حملة "الطلاب مش هتبيع" المشهد ويقدم الطلاب أعلي قدرة حركية في مواجهة مع مختلف أشكال القمع والانتهاكات داخل وخارج الجامعات، بعد انحسار هذا الحراك بدأ العام الحالي بسؤاله القديم/الجديد : هل ستقام انتخابات اتحاد طلاب ؟!
لكن وزير التعليم العالي قرر أن ينقل الحديث لمربع آخر فبدلاً من احتمالية إقامة الانتخابات من عدمها أصبحنا في مواجهة شبح عودة لائحة 2007 المعروفة بلائحة أمن الدولة والتي تم إقرارها كجزء من برنامج مبارك في انتخابات 2005 وذلك بعد المؤتمر الرابع للحزب الوطني واقتصرت فلسفتها علي تطوير السيطرة علي الجامعات في مواجهة الحراك الصاعد وقتها.
فبالإضافة لضرب استقلالية الاتحادات عن الإدارة وتدخلاتها تضرب اللائحة العملية الانتخابية نفسها في مقتل بشروط الترشح المجحفة وباشتراط نصاب قانوني لصحة الانتخابات "50% في المرة الأولى – 20% في المرة الثانية" مع اشتراط سداد المصاريف الدراسية كاملة ليس فقط للترشح لكن أيضا للتصويت، في الحقيقة أن هذا قد يكون جزء من هدف الوزير والنظام الحالي لكن الهدف الأكبر هو غياب الكيان الممثل لما يزيد عن ٢ مليون طالب مصري في الجامعات الحكومية والخاصة والأزهرية والمعاهد، غياب اتحاد طلاب مصر لعدم قدرة النظام علي ضمان وجوده تحت السيطرة هو نقطة تثبت وتؤكد قوة الطلاب الذين لطالما أثاروا مخاوف كل الأنظمة الحاكمة في مصر.
و مع إصدار المجلس الأعلي للجامعات لقراره و أيا كان القرار، إحراء انتخابات من عدمها أو عملها وفقا للائحة 2013 أو 2007 فإن الطلاب مازالوا يمتلكون المقومات التي لو أُحسن استغلالها لكانوا رصيد هام لقوي التغيير في مصر ولتيار ديمقراطي، بعدة شروط منها عدم السقوط في دوامات النظام وألاعيبه بل تجاوزها بالاشتباك مع القضايا الطلابية ومواجهة واقع نعاني نحن الطلاب آثاره بأشد ما يمكن نتيجة قرارات اقتصادية تحاصر مستقبلنا وبمواجهة الطائفية والعنصرية والذكورية في الجامعات المصرية، بدعم طلاب النشاط المستقلين في حقهم في التنظيم والدفاع عن حقوقنا وحرياتنا الطلابية، وبالدعم والتنسيق مع قوى التغيير من أحزاب مدنية ذات توجه اجتماعي وقابات مهنية وعمالية وغيرها الكثير من فئات هذا المجتمع ستواجه معنا تبعات الجنون الذي يتملك النظام حالياً.
لا يريد النظام و الرئيس المزيد من التجارب مثل اتحاد طلاب جامعة طنطا ولا اتحاد طلاب مصر برئاسة عمرو وعبدالله ولا رؤساء اتحادات يرفضون دعوته علي الإفطار مثل المحمدين مرسي وصلاح ولكن يرغب في المزيد من الأطفال المدللين يمارسون معا سلطتهم الأبوية ويقبلون بكل انتهاكات مقابل الظهور في الصورة.
بالرغم من تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة فلنقاوم وإن ألغوا انتخابات اتحاد الطلاب ننخرط في نضال داخل الكليات والجامعات للتصعيد من الاتحادات الموجودة بالفعل وإن أقاموا الانتخابات وفقا للائحة 2007 نشكل اتحاد طلاب مصر من الطلاب المستقلين الذين سيتمكنوا من الفوز برئاسة اتحادات جامعاتهم وليكن الشعار ليس فقط تغيير لائحة _تُعتبر الباب الثامن من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات 1972_ لكن تعديل القانون كله ولمواجهة سياسات الإفقار ولفك الحصار عن مستقبلنا.
مؤمن عصام: المنسق العام لطلاب العيش والحرية