ماري عادي تكتب: حتى لا تدفن نفسك في الشغل
يظل السؤال الوجودي بتاع كل يوم الصبح.. هو احنا بنتشغل ليه؟
فيرد ضميرنا: فوقوا بقي كل يوم نقولكم ونعيدلكم ونزيدلكم ولا إيه، زهقتونااا حرام! ماقولنالكم: بنشتغل عشان المام.. المام "أكل العيش" يعنى ! يلا استعين على الشقا بالله كده، وقوم البس وروح الزفت عشان متتأخرش "ايموشن واحد جد جدا ومتعصب".
احنا: طيب ماتزوئش يا عمنا، ادينا أهو هنضرب جرعة الكافيين بتاعتنا ونازلين "ايموشن واحد صاحي من النوم وشه مقلوب ومعتبر نفسه لسه بيحلم وقرفان".
ده مشهد كل واحد فينا بدون استثناء بيمر بيه في روتينه اليومي، سواء بقي بيحب شغله أو بيكرهه، فينا اللى اشتغل شغلانة بعيدة عن دراسته بعد الأرض عن الشمس.. والناس دول عددهم في الليمون وبيزيودا كل يوم. أو واحد اشتغل حاجة بعيدة عن موهبته أو شغلانة أصلا مابيحبهاش، وفي اللى اشتغل شغلانة قريبة من مجاله أو في صميم مجاله وبيحبه، وفي اللى مجبور على شغل لا بيحبه ولا في مجال دراسته ولا موهبته، وشايف في نفسه الفنان اللى مضطر يشتغل شغل روتينى.. ده يروح يضرب نفسه بالنار بقي.
حياتنا عبارة عن.. نصحى من النوم، ننزل نجرى زى اللى بيجروا في الشارع عشان نلحق المواصلات الغير رحيمة بالمرة عشان نروح شغلنا في ميعاده وميتخصملناش، ندّعك طول النهار إياَ كان عدد ساعات الشغل بقي ونرجع.. ناكل وننام عشان نصحى تانى يوم الصبح نلف في نفس دورة العجلة مرة تانى، وهكذا.
وإذ فجأة يا مؤمن، نلاقينا بنكبر والأيام بتعدى واحنا مش عارفين نعمل حاجه مختلفة، نجدد بيها حياتنا، ولا نحس أننا بنعمل حاجه بنحبها بعيد عن الشغل تدينا طاقة لبعد كده في الشغل ! هتقولى مافي إجازة؟ هقولك: الإجازة دى أنت عارف بنعمل فيها إيه؟ يا بنام وده نادراً.. يا بنخلص فيها مشاويرنا اللى متأخرة يعنى حتى النوم مبيحصلش؟
هتقولى: طب نقوم ننتحر جماعة، ماهو قفلتيهالنا !
هقولك أنا شخصياً عندى نفس المشكلة دى ومش عارفة أحلها "ايموشن.. الطم ولا أجيب لطامة.. سودتوا عيشتنا بقي جبتك يا عبمعين تعينى لقيتك يا عبمعين عايز اللى يعينك" ، فقلت احط خيبتى على خيبتك ونحاول نلاقي ولو حل بسيط يخرجنا بره دايرة الروتين الممل ده.
بص يا برنس.. ممكن تتجنن في يوم من أيام الأسبوع اللى هو أصلا بتبقي ماصدقت عايز تروح ومفيص تماماً وعايز تنام، بدل ماتعمل كده ممكن تاخد المدام والأولاد وتروح بيهم سينما، تتغدوا بره، تروحوا ملاهى، تلفوا تبصوا على المحلات، تشربوا عصير قصب ، سيبك من الزيارات الأسرية مرة، وممكن تاخد أسرتك وتخرجوا بره في الهواء الطلق وتغيروا جو.
أو يا أنسة.. ممكن تقابلى صحابك بعد الشغل، مش لازم تروحي تنامي وتريحى قدام التليفزيون لأن الالتزام الزيادة ده هيكئبك مع الوقت، فممكن تخرجى مع صحاب الشغل، أو صحاب المدرسة/ الجامعة، تتقابلوا إنشاللله ساعة تاكلوا فيها سينابون مثلا.. تجددوا النشاط تضحكوا تهيسوا، ويتحرق الدايت اكتر ماهو محروق، وتروحى تنامي وتنزلي الشغل فريش.
بالنسبه لأخ اللى هناك اللى عنده نفس مشكلتى، أنا سمعاك صدقنى، أنت الفنان البوهيمى اللى قرفان من الشغل الروتينى المجبور عليه، لو أنت بتحب ترسم وشايف نفسك بيكاسو، حاول متنمش يومياً إلا لو راسم خط على الأقل.. ميعديش عليك أسبوع إلا وتكون في رسمة رسمتها وتنزلها على النت وتنشكح وتسمع كلمات تشجيع من صحابك، ولو بتحب تقرأ وتكتب.. حاول ميعديش أسبوع على الأقل إلا وتكون قاريلك كام صفحة من روايتك المفضلة، وكاتب كام سطر في روايتك أو مقالتك الجديدة في الويك إند.
بالنسبة للى بيحبوا الموسيقى، كل يوم الصبح اسمعلك تراك أو اتنين يدوك باور كده على أول اليوم.. وفي كل شهر أو ويك إند، كل ماتلاقي حفله بتحبها روحها أنت وصحابك.. ولوعندك آلة في البيت دايماً حاول تتمرن عليها ولو 5 دقايق، ولو نفسك تتعلم تعزف على آلة جديدة بسرعة روح ومتترددش.
بتصور بقي وعندك معارض ومسابقات تشترك فيها، انزل في إجازتك وصورلك كام صورة حتى لو بايظين، هتحس إنك بتمرن نفسك من تانى وبتتعلم عشان متنساش الحرفة والموهبة اللى في إيدك، ولو بتمثل وبعدت عن التمثيل فترة ارجع كده مرة كل فين تجدد الطاقة اللى جواك وتطلع الطاقة المكبوته على المسرح، عشان تنشكح وتشرئب كده وتحس باختلاف جوا روحك.
روح النادى أعمل رياضتك اللى بتحبها.. روح الجيم والعب زومبا.. طلع الكبت اللى جواك والدهون اللى كابته على انفاسك، عشان تعرف تاخد نَفَسك وتقول هييييييح وأنت مرتاح.
دور على شغل جديد بميزات جديدة وانت في شغلك برضو، دور على الشغل اللى أنت محتاجه أو مستنيه، ومتتحيرش وسيب اللى يجى يجى، وركز برضو في شغلك الأساسي واخلص له تمامَ لحين إشعار أخر، أو مش يمكن تترقي بسرعه فيه مثلا مين عارف؟!
إياً كان الحاجة اللى بتحبها، واللى بتطلعك من أوحش موود بتبقي فيه، اسرق لحظة من الزمن واعملها، مش لازم تاخد وقت كبير مش لازم تعملها بإتقان أووى. .بس لازم تعملها كل فترة. على الأقل عشان متحسش أنك الإنسان المطحون في الشغل اللى حياته كلها شكل واحد مفيهاش تغيير.. الانسان الملتزم اللى بيصحى بدرى وينام بدرى.. اللى استقل خلاص بوجوده في مكان مسئوليه.
التغيير مش إنك تكمل شغلك في البيت، ولا تقعد على الكنبة وماسك كوباية شاى وبتتفرج على التليفزيون، وماسك الموبايل والنت.. كل دى أشياء عظيمة وبنحتاجها في أوقات راحتنا بس مايبقاش الوقت كله راحة بالشكل ده! نوّع في قضاء إجازتك ووقت فراغك عشان ماتملش من الحياه كلها.
من الآخر أنت الأداه اللى هتدير بيها نفسك وتوجه دفة حياتك، عايزها مملة كئيبة وروتينية، ولا عايزها حيوية ومليانة حاجات حلوة بتحبها وبتحس بنشوة وسعاده مش طبيعية لما تعملها و بتوازن بيها الحاجات اللى انت مجبور عليها.. فالاختيار ليك يا صديقي.
ماري عادل، مدونة مصرية