لهذه الأسباب.. فوزاير رمضان «كان فيه وخلص»

لهذه الأسباب.. فوزاير رمضان «كان فيه وخلص»

«الخاطبة» «فطوطة» «جيران الهنا»، وغيرها من الفوازير مازالت تثير في نفوس أبناء جيل الثمانينات النوستالجيا (الحنين إلى الزمن الماضي)، وصورها وذكرياتها محفورة في أذهاننا. 

«شيريهان» و«نيللي» على وجه التحديد هما أساس هذا الفن، وعند الحديث عن الفوازير نجد ذاكرتنا تستدعي على الفور صورهما تتراقصان كالفراشات في مجموعة من الملابس المميزة المبهجة خلال مشاهد مختلفة من الفوازير.

ومع كل هذا النجاح الذي قدمته الفوازير نجد هذا الفن يختفى مع الوقت وفشلت محاولات استعادته. فما الأسباب التي جعلت هذا الفن يختفي رغم أنه أثّر في جيلنا بالإيجاب وجعلنا نستمتع وفي نفس الوقت نحصد الكثير من المعلومات؟ والإجابة في هذا التقرير من «شبابيك».

جرعة ثقافية لجيل السبعينات والثمانينات

في البداية يرى الناقد الفني رامي عبد الرازق، أن تلك الفوازير استطاعت التأثير في جيلنا لما قدمته من محتوى شيق وفي نفس الوقت استفاد منها جيل السبعينات والثمانينات في الحصول على الكثير من المعلومات. في ذلك الوقت مصادر المعلومات كانت محدودة فكانت متمثلة في الإذاعة، والصحف، والمحطات المحدودة على التليفزيون.

وذلك بالطبع يختلف عن المصادر المتعددة التي توجد الآن فأصبح من السهل الحصول على أي معلومة بضغطة واحدة عبر «جوجل». وكانت الفوازير هي المصدر الذي يحصل منه الجميع على المعلومة بشكل مبسط، سواء معلومات تخص الجغرافيا، أو الأمثال الشعبية، أو الشخصيات السينمائية وغيرها من المعلومات. فكانت تقدم جرعة ثقافية كبيرة لكل فئات المجتمع.

من جانبه، يرى الناقد عصام زكريا، أن «الفوازير مرتبطة بزمن كان لا يوجد به سوى الراديو وقناتين لا أكثر على شاشة التليفزيون فكانت الفزورة بالنسبة للمشاهد هى مادة مسلية يجلس الجميع أمامها ويحاولون التفكير والبحث عن حلها».

وقال زكريا: «مع تطور الزمن وانتشار وسائل التكنولوجيا اختفت الفوازير لأن أصبح من السهل على الجميع الحصول على حل للفزورة من خلال البحث عنها على الانترنت». ويضيف أن «الزمن تجاوز الفوازير».

فقر الخيال

كما يرجع «عبد الرازق» أسباب اختفاء الفوازير إلى فقر الخيال.. «فبعد وفاة المخرج فهمي عبد الحميد الذي يعتبر الأب الروحي للفوازير أصبح هناك فقرا في تقديم نفس المحتوى الخيالي الذي كان يقدمه عبد الحميد».

ويوضح أن «عبد الحميد» في فترة السبعينات والثمانينات كان يوظف الإمكانيات البدائية لتقديم صورة خيالية تجذب عين المشاهد لها. ورغم التطور التقني الذي حدث في تلك الأيام لم نجد أحدا يتمتع بالروح الخيالية التي كان يتمتع بها فهمي عبد الحميد. فالخيال هو محور التقييم على نجاح أي تجربة فوازير.

عدم مواكبة تطور المتلقي

تجارب الفوازير التي حدثت في التسعينات لم تحقق نجاحًا لأنها لم تستطع مواكبة التطور الذي حدث عند المتلقي، وهذا سبب من الأسباب التي أدت إلى اختفاء ذلك الفن.

ويرى «عبد الرازق» أن تلك التجارب كانت تعيد ما كان يحدث فقط في فوازير السبعينات والثمانينات، ولم تراعي أن فكر المشاهد يتطور وبالتالي فهو يريد أن يرى فوازير تواكب تطور فكره.

في يوم ميلادها.. «نيللي» فزورة لن تتكرر

ظاهرة استغلال النجومية

وفي أواخر التسعينات كانت فكرة النجم قد بدأت تظهر فتحول مسار الفزورة، وأصبح هناك محاولات لعمل فوازير تقام على أساس استغلال نجومية ذلك النجم لكي يتم جذب المتلقي لمشاهدة تلك الفوازير مثل فزورة جيهان نصر، ولوسي، ودينا.

وأيضًا كان وجود النجم له غرض نفعي من قبل صاحب القناة الذي يأتي له مجموعة إعلانات بسبب وجود ذلك النجم اللامع في ذلك الوقت. ولكنها كانت محاولات لم تترك أثرًا في نفس المشاهد لفقر خيال محتواها، على عكس فوازير السبعينات والثمانينات.

بداية الألفينات

في بداية الألفينات كانت هناك محاولات ولكن فشلت. وهنا يؤكد الناقد عصام زكريا أن الفشل لا يرجع إلى عناصر العمل، ولكن يرجع كما أشار سابقا إلى أن هذا الزمن قد تجاوز عرض الفوازير. 

أما «عبد الرازق» فيرى أن الـ«ست كوم» حل محل الفوازير التي أصبحت بالنسبة للمشاهد مجرد نوستالجيا، ولكن هذا النوع من الـ«ست كوم» اختفى لأنه لم يستطع أن يطور من نفسه ويواكب تطور فكر المتلقي الذي يريد دائمًا أن يرى أشكال فنية جديدة.


 

«عبد الرازق» ليس مع تقديم تجربة فوازير مرة أخرى لأن المتفرج أصبح من السهل أن يبحث على أي معلومة، فالفزورة بالنسبة له ليست بالشيء الصعب في حلها. والأفضل هو أن يتم تقديم دراما في إطار استعراضي سواء على سبيل المثال كانت رومانسية، تاريخية، وبها محتوى يبهر عقل المتفرج.

وعنصر الإبهار في الفوازير يحتاج إلى مبالغ ضخمة لكي يتم تقديمها بشكل جيد وأقوى مما يقدمه الفيديو كليب الذي أصبح يقدم فيديوهات مبهرة على المستوى البصري.

وهذا الأمر يتطلب وعيا بتقديم فوازير مبهرة على مستوى الخيال، وتحتوي على أغاني، وشخصيات، ودراما، وبها عنصر جذب وتظل عالقة في نفس المشاهد مثلما يعلق في أذهان الجميع حتى الآن أغاني من فوازير نيللي، وشيريهان، وفطوطة.  

رغدة جلال الدين

رغدة جلال الدين

صحفية مصرية تكتب في المجال الفني، إلى جانب كونها ممثلة ومغنية بفرقة «بهججة»