أسماء عمر تكتب: امرأة متعددة العلاقات
جلست تتحدث مع نفسها فى استياء ورفض شديد للواقع التى تعيشة وللخطىء المتكرر الذي لا يمكنها التخص من قيوده، كانت شديدة الغضب من نفسها وممن حولها وربما من حياتها بأكملها، وهي تشعر بأنها خائنة سيئة الخلق ضعيفة الإرادة، دمعت عيانها بغزارة وتألمت كثيرا وهى تسئل وتقول لنفسها: لمأ أفعل ذلك؟؟؟ وإلى متى سأظل هكذا؟؟؟ وكيف أتخلص منه ؟؟؟
من أغرب العادات النسائية السلبية والتى انتشرت فيما بينهم خاصة فى هذا القرن هى تعدد علاقات المرأة بشكل غير لائق، وتعدد العلاقات الذى اقصده تحديدا هو "دخولها فى علاقات عديدة مع رجال مختلفين بمختلف مسميات العلاقة" صديق، عشيق، جار... وغيرها من المسميات المختلفة. خاصة حين تتطور هذه العلاقات وتخرج عن نطاق الحدود المسموح بها دينياً وأخلاقياً ومجتمعياً.
ولكن، ما الدافع والسبب الحقيقى وراء تعدد علاقات المرأة بالرجل وتطورها فى سياق مرفوض تماما؟؟؟
قد يسرع غالبيتنا فى الإجابة على هذا السؤال ويقولون إن السبب هو أنها امرأة سيئة الخلق ليس لها مبادىء وغير متدينه، وغيرها من الجمل القاسية وإن كانت حقيقة من وجه نظر الكثير، خاصة من يحكمون بمنظور ضيق للأمور ويملكون اتجاهاً واحداً لا يعرفون غيرة فى الحكم على الأخرين.
الحقيقة أن الموضوع لا يرتبط كليا بسوء الخلق والتدين، فهو قد يكون أعمق من ذلك بكثير وله أسباب مختلفة قد يجهلها كثيرون، بما فيهم تلك المرأة متعددة العلاقات. والدليل على ذلك أن هناك نساء ملتزمات دينيا تؤدى فروض الصلوات، وتقراء القرآن، وتصوم، وتُزكى...إلخ، ومع ذلك فهى تقع فى نفس الخطأ. وذلك لأن (المعصية ذاتها بمختلف أنواعها غالبا ما يكون ورائها دافع نفسى) فهى نتيجه حتميه لمشاعر واحتياجات لم يستطيع الإنسان إشباعها دفعته للبحث عن إشباعها حتى وهو مُتيقن بأن مايفعله خطأ ولكن ضعفه وشدة حاجته هما من يسوقاه لذلك. (فالسرقة، والكذب، والخيانة، والذنى...الخ جميعهم معاصى ولكن جميعهم ورائهم دافع وضعف نتيجة إحتياج لم يشبع).
المرأة متعددة العلاقات قد تمتلك احتياجات كثيرة لم تشبع جعلتها تضعف وتصبح مشوشه فكريا وعاطفيا، وجعلت تعطشها وإحتياجها للإرتواء يزداد مما دفعها للبحث عن وسيله لإبقائها حيه متعافيه كما تعتقد بشكل خطاءً. ولعل أكثر هذه الأسباب ظهورا هى:
- (ضعف ثقتها بنفسها وبمدى تقبل الاخرين لها ورغبتهم فى التعامل معها) ما قد يدفعها لمعرفة العديد من الرجال كى تشعر بأنها محبوبة مرغوب فيها.
- (افتقادها للأمان حتى فى وجود والديها أو زوجها وأبنائها) هناك بعض النساء من تجد معاملة قاسية وصارمة من والديها تشعرها بأن لا أحد يستطيع فهمها وإحتوائها، وربما تشعر بذلك ايضا مع زوجها، والأسواء حين تشعر بأنها فى حياة زوجها شىء من ممتلكاته له حق التحكم فيه وتركه عندما يشاء، وربما تجد القسوه والأنانية من أبنائها حين يزداد اهتمامهم بحياتهم ومصالحهم ويتجاهلون احتياجها إليهم. ما يجعلها تبحث عن شخصا يفهمها ويحتويها وتشعر هى بأنها محور اهتمامه والمسيطرة عليه.
- (فقدانها للاحتواء الفكرى والعاطفى) تبحث المرأة المثقفة تحديدا عن رجلا يحتويها فكريا وتشعر بأنه يفهمها وتتعلم منه، وايضا الرجل الذى يمنحها الحب والدفىء الحقيقى التى تشعر به يسيطر على كامل كيانها ويجعلها طفله صغيرة فى أحضانه وليست مجرد علاقة عاطفية أو زوجية عادية.
- (لكونها شخصية إجتماعية بدرجة عالية ولا تستطيع التفرقة بين درجات القرب المختلفة) يجب أن تفهم المرأة جيدا بأنه ليس هناك علاقة صداقة بين رجل وإمرأة، ولكنها فقط علاقة زمالة فى حدود المسموح بيه، واى تجاوز أو تطرق لأمور شخصية بينهم سيجعل العلاقة تطور وتاخذ شكل مختلف.
- (شدة جمالها وانوثتها) ما يجعلها محور جذب لكثير من الرجال وهى غالبا قد لا يمكنها رفض تلك التقرب حتى لو رفضت تطور العلاقة، لأن ذلك يشبع بعض رغباتها النفسية كحب الظهور، وسيطرتها عليهم...الخ.
- (لكونها شخصية مادية جدا وعملية أكثر من اللازم ومصلحتها فوق الجميع) فتكون غالبية هذه العلاقات مصلحه من الدرجة الاولى حتى لو أظهرت هى غير ذلك. وفى هذه الحالة تكون المرأة غالبا على قدر عالى من الإنوثة والذكاء وعلى معرفة جيدة بنقاط ضعف الرجل وإحتياجاته المختلفة والقدرة على التعامل معه.
- (افتقارها للدفىء والجو الاسرى) قد يكون ما يدفعها للمزيد من العلاقات اعتقاداً خاطىء منها بانهم عوضاً لها عن عائلتها. والأفضل فى هذه الحالة أن تفكر فى الزواج والإنجاب فهذا ما يمنحها عائلة حقيقية تكون هى المسيطرة عليها كليا وتستمد قوتها ومتعتها منها.
هذه الأسباب ليست مبرر لتعدد علاقات المرأة ولكنها توضيح لاحتياجاتها التى قد تضعفها وتدفعها للدخول فى تلك العلاقات – وهى ايضا تنبيه إلينا رجال ونساء بأننا إذا صادفنا مثل تلك المرأة يجب قبل إتهامها ومعاقبتها أو الإساءة إليها محاولة فهمها ومساعدتها ومنحها ما تريد وتستحق كى تستعيد قوتها وعافيتها و تتغلب على مرضها النفسى وتصبح إمرأة سويه – وكذلك هى رسالة لجميع النساء بأن تلك العلاقات ممهما كان الدافع ورائها سيزيد ضعفها ومرضها وقد ينهى عليها ويجعل حياتها ونفسيتها تنهار كلياً.
نحن جميعا نعرف الصواب والخطأ ويجب أن نحاول الإبتعاد عما يضعفنا قدر الإمكان مهما كلفنا ذلك من وقت ومجهود وضغط نفسى، فإنه سيكون أفضل كثيرا من إرتكاب الخطأ والتمادى فيه وربما الغرق فى دوامته.
أسماء عمر، محاضر في علم الإدارة والتنمية البشرية