بدونها يخسرون الكثير.. لماذا يجب على الأجانب تعلم اللغة العربية؟

بدونها يخسرون الكثير.. لماذا يجب على الأجانب تعلم اللغة العربية؟

الكثير من الناطقين باللغة العربية يعتبرونها غير مهمة إذا قورنت بلغات أخرى كالإنجليزية، الإسبانية أو الألمانية التي تفتح أبواب العمل والسفر بالخارج.

في حين ينظر كثير من «الأجانب» للعربية على أنها ذات أهمية كبيرة لا تقل عن باقي اللغات.. فكيف ذلك؟

لغة مطلوبة دوليا

منذ خمسة عشر عاما والحكومة الأمريكية تعلن عن حاجتها للمتحدثين باللغة العربية ليشغلوا الوظائف والمناصب الحساسة في مجالات مثل السياسة والاقتصاد والمجال العسكري؛ ليسدوا العجز في المصالح الأمريكية المترامية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

لم يكن الأمر مقتصرا على الوظائف الحكومية التي تمس الأمن أو السياسة الأمريكية، ولم يكن مقتصرا كذلك على الولايات المتحدة وحدها؛ فبحسابات سوق العمل تعتبر الدول العربية «فرصة» مقدمة على طبق من ذهب، للأجانب من أوروبيين وأمريكيين وآسيويين، حيث تتضاعف رواتبهم في هذه الدول عن رواتب المواطنين الأصليين «العرب».

كان «كاميرون بين» أحد المواطنين الأمريكين الذين أدركوا أهمية دراسة اللغة العربية في سوق العمل الدولي قد قضى سنوات عديدة يدرس اللغة العربية في مصر وتونس والأردن.

لم يذهب جهد «كاميرون» هباء، فهو يعمل الآن كمساعد للطلاب والباحثين القادمين من الشرق الأوسط للدراسة في أمريكا. من السهل أن تجد من يشغل هذه الوظيفة في أمريكا، لكن من الصعب أن تجد من يتميز فيها إذا لم يكن متقنا للغة العربية أو على اطلاع بالثقافة العربية بشكل كبير.

ترتيب اللغة العربية بين لغات العالم

اللغة العربية

عند الحديث عن ترتيب اللغات الأوروبية حول العالم، فنحن كمتحدثين أصليين باللغة العربية نكون حريصين على تعلم اللغات التي تأتي في المراتب الأولى من ناحية نسبة الانتشار؛ الإنجليزية بالطبع ستكون في المقدمة ثم الإسبانية والصينية وهكذا. لكن كيف يرى الأجانب ترتيب اللغة العربية بين هذه اللغات.

للإحصائيات والأرقام دائما آراء أخرى؛ ففي مقال نُشر بموقع «Vista Wide» المختص في اللغات، جاءت اللغة العربية في المركز الخامس على مستوى العالم؛ يتحدث بها 400 مليون مواطن كمتحدثين أصليين باللغة، ما يجعلها اللغة الأصلية الأكثر شيوعا في العالم.

وفي إحصائية نشرتها شبكة «روسيا اليوم» عن كتاب «حقائق العالم» الصادر من الاستخبارات الأمريكية؛ فاللغة العربية تأتي في المرتبة الرابعة عالميا من حيث عدد المتحدثين؛ بعد اللغة الهندية والصنية ثم الإنجليزية. أما اللغة الإسبانية تأتي في المرتبة الخامسة.

مجالات العمل باللغة العربية

تتحدث باللغة العربية 22 دولة عربية؛ بالنسبة للناطقين بالعربية فهو لا يعني أكثر من رقم؛ لكن بالنسبة للساحة الدولية والدول غير الناطقة بالعربية، تعتبر منطقة الشرق الأوسط بيئة خصبة فيما يتعلق بمجالات سوق العمل.

المجالات الاقتصادية

العالم العربي يعتبر جزءًا أساسيا في الاقتصاد الدولي؛ فتسارع النمو السكاني في الدول العربية يعني بالحسابات الاقتصادية أسواقا ضخمة لتصدير المنتجات والخدمات، بمتوسط إجمالي ناتج محلي يبلغ 600 مليار دولار في العام الواحد، وفقا لـ«Vista Wide».

لا تقتصر هذه الفرصة على التصدير، فالدول العربية تعتبر بيئة خصبة لإنشاء الشركات الأجنبية والمشروعات الاستثمارية، وبالأخص الدول الجاذبة لهذا النوع من الاستثمار مثل دول الخليج.

ولأن «ألف باء» إدارة تعني أن تفهم طبيعة المستهلك لتقدم له المنتج المناسب أو حتى لتدير حملاتك الإعلانية بشكل ناجح، كان إتقان اللغة العربية والتعرف على ثقافة هذه المجتمعات فرصة مثالية للنجاح في السوق العربي.

في مقال له بموقع «American Councils»، ينصح كاميرون المواطنين الأمريكيين بتعلم اللغة العربية قائلا: «إذا كان كثير من الأمريكيين يتعلمون اللغة الصينية لدور الصين الاقتصادي البارز، لكن تعلم الصينية يربطك بدولة واحدة فقط؛ بينما تعلم اللغة العربية يجعل الفرصة أمامك متاحة للعمل أو الاستثمار في 22 دولة عربية».

الصحافة

اللغة العربية


الشرق الأوسط منطقة تحتدم بالصراعات سواء صراعات مسلحة أو نزاعات سياسية لا أكثر.

 يجعل هذا المنطقة محط أنظار الوكالات الإخبارية الأجنبية التي تتسابق فيما بينها للتغطية الإخبارية لقضايا الشرق الأوسط وتقيم التحليلات السياسية؛ ففي كل وكالة أو شبكة إعلامية عالمية ستجد نسخة أساسية باللغة العربية؛ مثل «بي بي سي» و«سي إن إن» وحتى الوكالات غير الناطقة في الأصل باللغة الإنجليزية مثل «روسيا اليوم» و«الأناضول».

كل هذا يزيد الطلب على الصحفي الأجنبي المتقن للغة العربية والمطلع على ثقافة هذه الشعوب، والذي لن يكون قادرا فقط على التغطية الإخبارية لشئون الشرق الأوسط أو نزاعاته المسلحة، بل سيكون الأقرب لثقافته والقادر على صياغة قصة صحفية تمس المجتمع العربي ومشاكله.

وعلى سيبل المثال فموقع «بي بي سي» يقدم خدمة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ضمن سلسلة تعليم اللغات. يمكنك الدخول إليها من «هنا».

السياسة

لا يمكن للمحلل السياسي أن يكون خبيرا بشئون الشرق الأوسط دون إتقان اللغة العربية أو بالاكتفاء بالمترجمات وحسب.

ولأن الشرق الأوسط يعتبر نقطة محورية في السياسات الأوروبية والأمريكية، فقد اعتبرت الحكومة الأمريكية أن اللغة العربية لها أهمية استراتيجية، وأسست عام 2006 مبادرة لتشجيع المؤسسات التي تدرس اللغة العربية بالولايات المتحدة، وإرسال البعثات التعليمية للغة العربية أو جلب معلمين اللغة العربية إلى أمريكا.

أسباب عسكرية

اللغة العربية

الصراع العسكري في الشرق الأوسط أصبح على أشده في السنوات الأخيرة، فهذه حرب سوريا وهناك حرب في اليمن وتلك حرب في العراق، وقبل كل هذا كانت حروب فلسطين.. حوادث مأساوية يقف خلف كل منها رغبة شديدة في تعلم لغة هذه البلاد وثقافاتها؛ لأجل مزيد من السيطرة أو الفهم وفرض المصالح الخاصة في تلك البلاد.

 ووفقا لـ«Vista Wide» فقد زاد التركيز على اللغة العربية في الولايات المتحدة لأسباب استراتيجية وعسكرية منذ عام 2006، أي بعد حرب العراق بثلاثة أعوام.

المنظمات الدولية

المنظمات الدولية منتشرة في كل مكان من الشرق الأوسط، سواء أكانت منظمات حقوقية أو صحية أو تعليمية.

هذه المنظمات لا تعمل بمعزل عن المجتمع ومشاكله وثقافته وأبرز القضايا التي تهمه؛ ولكن لا تزال هذه المؤسسات تواجه نقصا شديدا في عدد الموظفين الأجانب المتقنين للغة العربية.

يقول كاميرون في مقاله: «أقل من 1% من الطلاب الأمريكيين الجامعيين يتجهون لدراسة اللغة العربية. هذا يزيد الاحتياج لمتقني اللغة العربية سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة».

ومنذ عام 2013 والمجلس الثقافي البريطاني يعمل مع مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع لتقديم برنامج لزيادة عدد مؤسسات تعليم اللغة العربية، باعتبارها ثاني أهم لغة في بريطانيا من فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية.

السلك الدبلوماسي

اللغة العربية

تعلم اللغة العربية بالنسبة للأجانب يفتح لهم الباب واسعا للتعيين في الوظائف الدبلوماسية في سفارة بلدانهم في مختلف الدول العربية.

 يقول كاميرون أن عدم إتقان اللغة العربية يؤدي لغياب التواصل والفهم الجيد بين موظفي هذه السفارة أو تلك وأبناء اللغة. قد يعمل هذا على تصدير صورة سلبية لتلك الدولة أو للمواطنين الأجانب الذين يعيشون بها.

التعليم

التعليم الدولي أو «الإنترناشيونال» رغم ارتفاع ثمنه لكن الطلب يتزايد عليه في الدول العربية دونا عن غيره، كبديل عن التعليم التقليدي الذي يحظى بانتقادات كثيرة في هذه الدول.

ولأن التعليم الدولي يقدم مناهج أجنبية، فهذه المؤسسات تتجه لتعيين المعلمين الأجانب في مختلف المواد التي تدرس باللغة الإنجليزية أو بغيرها مثل الفرنسية أو الألمانية.. ميزة أخرى تضاف للأجانب الذين يتقنون العربية بشكل ما ويستطيعون التعامل مع ثقافة هذه المجتمعات.

المصدر

  • american councils ، arabic.rt ، British council ، Vista Wide

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال