رئيس التحرير أحمد متولي
 الدنيا شمال.. هكذا تؤرخ المهرجانات الشعبية لمعاناة الغلابة

الدنيا شمال.. هكذا تؤرخ المهرجانات الشعبية لمعاناة الغلابة

رغم اختلافنا على المهرجانات الشعبية التي انتشرت في مجتمعنا، لكن بنظرة على كلماتها سنجد أنها تعبر عن معاناة الطبقة التي تعيش تحت خط الفقر وتشعر بالتهميش.

وكأن المهرجانات اعتبرت نفسها صوت المواطن الغلبان، وقررت أن تسلط الضوء على معاناته لكي تلفت نظر المسؤولين. وهذا يجعلنا نطرح سؤالا ألا وهو: هل تلك المهرجانات تعتبر تأريخا لحياة الناس؟

هذا التقرير من «شبابيك» يحاول الإجابة ولكن بعد استعراض بعضا من تلك المهرجانات ليبين كيف عبرت كلماتها عن تلك المعاناة. 

الرضا بالذل عشان القرش

«شوفنا فيها كتير وقسينا كتر الخيانة والغدر بينا» محمود العمدة طفل يبلغ من العمر حوالي 11 عاما استطاع من خلال تلك الكلمات من مهرجان «الدنيا شمال» أن يعبر عن المعاناة التي يعيشها في الدنيا.

وليست معاناته هو فقط بل معاناة أشخاص يعيشون أذلاء في الحياة «والتاني داير على قرشه وراضي بالذل في عيشته». ويلجأ بالشكوى إلى والده الذي رحل عنه وجعله يعيش حياة بائسة ويرتطم بواقع مأساوي «بعدك يابا أنا شوفت الويل عشرت الخاين وفاكروا أصيل، واللي يعيش علينا الدور ما هو أصله عاش حياته ذليل».

معاناة الناس وسرقة الأحلام

فريق «شبيك لبيك» من خلال مهرجان «مفيش صاحب يتصاحب» قرر يتعمق أكثر في معاناة الناس الغلابة ويسلط الضوء على معاناتهم «غلبان وعايش في الغلاء مسكين وعيشه بينزلق ومين يحس بالتاني أحلام شبابنا بتتسرق. دنيا مواني والناس بتعاني باين في وششهم القلق». ولم يكتفي فقط بذلك بل قرر أن يعطي لكل شخص حكمة «ياولاد آدم ماهيش دايمة دي قيامة قايمة هنهرب فين من رب الكون اللي خلقنا فيه ناس ديابة وناس غلابة عايشين فيها».

أزمة عدم وجود فلوس

وتكمن معاناة الناس الغلابة في هذا المجتمع لأن «كله بالفلوس» كما يغني فريق «الأحلام الدخلاوية»، ويقول «حب بالفلوس، راحة بالفلوس، عيشة بالفلوس، ضحك بالفلوس، أكل بالفلوس»، وقد عبروا عن ذلك من داخل حارتهم الشعبية «من قلب حارة شعبية صوتهم طلع جم الدخلاوية والكون ولع دي لغة الغلابة هنغني يابا ما الدنيا غابة فيها البدع». 

السرقة وتجارة المخدرات نتيجة للمعاناة

معاناة هؤلاء الناس في الحياة للحصول على مال يعيشون يومهم به قد يجعل بعضهم يلجأ إلى طرق غير مشروعة لكسب تلك الأموال سريعًا وبشكل كبير كالسرقة، وتجارة المخدارت، وتجارة الأعضاء وغيرها من الطرق المشروعة. وهذا ما يعبر عنه إسلام فانتا في مهرجان «القمة والدخيلة»، حينما قال" «لحالة تعبانة مش قادرة بنكح تراب من فترة طب نعمل إيه يا سيادنا نسرق ولا نبيع بودرة».

المهرجان.. معاناة جيل

الشاعر خليل عز الدين يقول إن قمع الطبقة المتعلمة الذي قام به الرئيس أنور السادات ومن بعده محمد حسني مبارك أدى إلى إفراز جيل ليس متعلما وفقيرا، وهذا الجيل وجد في المهرجانات كلمات تعبر عن معاناته بكل حرية لأن المهرجانات ليست على كلماتها رقيب وبها مساحات حرية.

وقد أثرت تلك الأغاني في هذا الجيل وأصبح يسمعها حينما ينفرد بنفسه وأيضًا في كل مكان يذهب إليه سواء على القهوة، أو في المواصلات. فقد أصبحت تلك المهرجانات لسان حال ذلك الجيل. وقد عمل الحكام على بقاء هذا الجيل غير متعلم لأنه إذا تعلم سوف يفهم ما يحدث حوله من قمع وإذا فهم سيعارض ويثور.  

تأريخ لحياة الفقراء 

يعتبر «عز الدين» أن بعض أغاني المهرجانات الشعبية استطاعت بالفعل تأريخ معاناة الطبقة الفقيرة بعد ثورة 25 يناير. فهى أرّخت لمرحلة ما كان فيها المزاج العام السائد هو سماع تلك الأغاني.

وكان رأي «هنا فتحي» التي طالما استمعت إلى أغاني المهرجانات أن معظمها قد عبر عن معاناة الطبقة الفقيرة في المجتمع وليست جميع الأغاني.

ويرى استشاري الطب النفسي جمال فرويز أن تلك الأغاني كانت بمثابة تفريغ نفسي للمعاناة التي تعيشها تلك الطبقة من المجتمع.

وعلى الجانب الآخر يرى «عز الدين» أن تلك الأغاني بدأ لمعانها يختفي تدريجيًا نظرًا لأنها لا تقوم بتطوير شكل أغانيها لافتقادها الثقافة الموسيقية. 

محمد خان.. سينما الحكايات الشعبية والحب والتفاصيل الصغيرة

رغدة جلال الدين

رغدة جلال الدين

صحفية مصرية تكتب في المجال الفني، إلى جانب كونها ممثلة ومغنية بفرقة «بهججة»