رئيس التحرير أحمد متولي
 الانتحار الحقيقي والمزيف.. هذه دوافعه المختلفة في السينما

الانتحار الحقيقي والمزيف.. هذه دوافعه المختلفة في السينما

فقدان الرغبة للاستمرار في الحياة أو مجرد الخوف منها أو شعور بالخسارة الفادحة التي لا تعوض. أسباب مختلفة تدفع للانتحار صورتها السينما المصرية والعالمية في مشاهد مختلفة  جسدها الممثلون بطريقة متقنة.

في هذا التقرير من «شبابيك»، نرصد تلك الدوافع في مجموعة من أشهر مشاهد الانتحار بداخل السينما المصرية والعالمية.

نهر الحب

بعد أن راودها حلم متكرر لقطار يدهسها، وعقب وفاة حبيبها في الحرب، تكون «نوال»، والتي جسدتها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، قد خسرت كل شيء، فحتى ابنها حرمها زوجها الأول «طاهر» من مجرد رؤيته، وأقنعه بأن والدته توفت، وذلك عقب اكتشافه بحبها الجديد تجاه رجل آخر غيره.

لا تجد «نوال» لحياتها قيمة الآن، فتقرر الإقدام على تنفيذ ما كانت تشاهده باستمرار في أحلامها، وتذهب إلى محطة القطار، وتطلق صرخة أخيرة عقب إلقائها ذاتها أمام القطار، وذلك في فيلم نهر الحب الذي عرض عام 1960.

الإخوة الأعداء

بعد أن يعترف «حمزة» لأخيه بكيفية ارتكابه لجريمة قتل والده، والتي كان أخوه هذا ذاته هو من ألهمه بكلامه للإقدام على تنفيذ تلك الجريمة، يقرر أخوه حبسه بداخل غرفته حتى يتمكن من إحضار الشرطة كي يعترف لها بارتكابه لتلك الجريمة، لتبرئة أخيهما الثالث «توفيق»، المتهم في تلك القضية، ولكن بسبب كراهيته لجميع إخوته، لا يعطي «حمزة» الفرصة لأخيه كي يرغمه على الاعتراف بجريمته، فيقدم على شنق ذاته، لينتقم من الجميع بفعلته تلك، ويبقى أخوه يشعر بالذنب، ويظل «توفيق» حبيس أسوار السجن، وذلك ضمن أحداث فيلم «الإخوة الأعداء»، الذي عرض عام 1974، وأخرجه حسام الدين مصطفى.

حافية على جسر الذهب

في آخر مشهد من فيلم «حافية على جسر الذهب» الذي أخرجه عاطف سالم وعرض عام 1976، وبعد أن عقدت اتفاقا مع «عزيز» كي تأتي إلى منزله مقابل أن يسمح لحبيبها «أحمد سامح» بالسفر بهدف العلاج دون أن يقتله أو يتعرض له مجددا، تقرر «كاميليا» التخلص من «عزيز» صاحب النفوذ الكبير عن طريق إطلاق الرصاص عليه، ولأن حياتها أصبحت الآن محكوم عليها بالموت بعد ارتكابها لتلك الجريمة، تلجأ إلى إنهاء حياتها بذاتها باستخدام المسدس ذاته، بعد أن يتملكها شعور تام باليأس.

موعد على العشاء

بعد نمو شعورها برغبة زوجها بتملكها، تنفصل «نوال» والتي تجسدها السندريلا سعاد حسني، عن زوجها «عزت» بعد معاناة، وتمر الأيام لترتبط بشخص آخر وتحبه، فيحاول زوجها العمل على عدم اكتمال تلك العلاقة بشتى الطرق، حتى يقتله بالفعل في النهاية، لتنشأ بداخل «نوال» رغبة حقيقية في الانتقام منه جراء ما سببه لها من أذى نفسي وصل إلى حد حرمانها من حبيبها إلى الأبد، فتضع له في السم في الطعام الذي دعته كي يأكل منه، ليشك في الأمر، فيطلب منها أن تأكل منه مثله، لتفضّل الانتحار رغما عنها باستخدام السم كي يطمئن ناحية الطعام، ويأكل منه، حتى تنفذ خطتها في الانتقام منه، وذلك في فيلم «موعد على العشاء» الذي أخرجه محمد خان، وعرض عام 1981.

العار

بعد أن ضحى بمبادئه في سبيل حمايته وعائلته من شبح الفقر المخيف، ولضمان نصيبه من أموال جاءت عن طريق تجارة المخدرات، يفاجأ «شكري» بضياع كل شئ هباء عندما تضيع المخدرات في الماء، ويضيع المال المترتب على بيعها، فيشعر بالإحباط وفقدان معنى الحياة، وخاصة بعد أن سقط من نظر ذاته، فيقرر الانتحار باستخدام ذلك المسدس الذي كان قد أحضره لقتل أخيه في حالة إصراره على عدم إعطائه نصيبه من المال، فيسقط «شكري» قتيلا في آخر مشهد من فيلم العار الذي أخرجه علي عبد الخالق، وعرض عام 1982.

الحريف

يُقدم «عبد الله»، والذي يجسده الفنان نجاح الموجي، على الانتحار بالقفز من فوق سطح العمارة الذي يسكنه، بعد أن يجد الشرطة تحاصره للقبض عليه، وأصبح ليس هناك مفر للهروب منها، وذلك بعد أن ارتكب جريمة قتل عن طريق الخطأ، ليختصر «فارس»، والذي يجسده الزعيم عادل إمام الدافع الذي أدى لانتحاره، قائلا: «ملعون أبو الفقر»، وذلك ضمن أحداث فيلم الحريف الذي عرض عام 1984، وهو من إخراج محمد خان.

إعدام ميت

يدفع الشعور بالخديعة «أبو جودة» إلى الانتحار باستخدام مسدسه، وذلك بعد أن خسر وظيفته إثر خداع أحد الضباط المصريين له؛ فلم يستطيع تحمل سقوطه من نظر الآخرين، ومن نظر ذاته، وفقدانه لوظيفته ولمركزه الاجتماعي، فيقرر الانتحار باستخدام مسدسه بداخل مكتبه قبل مغادرته إياه، وذلك في فيلم إعدام ميت الذي أخرجه علي عبد الخالق وعرض عام 1985.

بئر الخيانة

بعد أن يتم القبض عليه من قبل المخابرات المصرية بتهمة عمله كجاسوسا في الموساد الإسرائيلي، يفضّل «جابر»، والذي يجسده الفنان نور الشريف، الانتحار عن طريق قطع شرايين يده عوضا عن تنفيذ عقوبة الإعدام فيه، وذلك في آخر مشهد من فيلم بئر الخيانة الذي أخرجه علي عبد الخالق وعرض عام 1987.

زوجة رجل مهم

في فيلم «زوجة رجل مهم»، الذي أخرجه محمد خان وعرض عام 1988، وبعد أن يفقد الظابط «هشام» عمله، ويصبح بلا سلطة تجعله يشعر بقيمته الذاتية وسط المجتمع الذي يعيش بداخله، تتدهور حالته المزاجية، وتسوء علاقته الزوجية التي لم يصبح أمامه سواها كي يمارس عليها سلطته، فيعنفها ويقهرها ويتسبب في تدهور حالتها النفسية، لتستغيث بدورها بوالدها كي ينقذها مما تعانيه، فيجن جنون «هشام»، ليظهر وهو في كامل أناقته، ويطلق الرصاص باتجاه حماه، والذي جاء ليأخذ زوجته؛ المنفذ الأخير أمام هشام ليشعر بنفوذه وسلطته، ليتوفى والدها في الحال، بينما تصرخ زوجته وتبكي بلا توقف، لينتحر هو الآخر باستخدام المسدس ذاته، بعد أن تملك اليأس منه، وتحول من ضابط إلى قاتل، وأصبحت حياته بلا جدوى.

1000 مبروك

بعد أن عرف مساوئ شخصيته، متمثلة في الأنانية وعدم الاكتراث بالآخرين، ويكتشف جوانب من التضحية قام بها أهله، في سبيل سعادته وحده، يقرر «أحمد»، والذي يجسده الفنان أحمد حلمي، التضحية بذاته لشعوره بضآلة حجمه أمام عائلته التي ضحت بكثير من أجله، بينما كان هو لا يفكر سوى في ذاته، فيقرر التضحية بحياته ذاتها، وينتحر أمام أعينهم مفضلا حياتهم على حياته، وذلك في فيلم «1000 مبروك» الذي عرض عام 2009.

وفي الأفلام السينمائية المصرية كذلك، مشاهد يظهر فيه الجناة أصحاب النفوذ والسلطة ينفذون جرائم قتل للتخلص من بعض الأشخاص، ولكن في الإطار الذي يجعل الأمر برمته يبدو كحوادث انتحار.

غروب وشروق

بقدرته العبقرية على الأداء، ظهر الفنان محمود المليجي في مشهد من فيلم «غروب وشروق» الذي عرض عام 1970، مجسدا شخصية أحد الباشاوات أصحاب النفوذ الكبير في البلد، وهو يقول بثقة مبالغة «انتحر.. الله يرحمه»، مشيرا إلى وفاة زوج ابنته «سمير»، والذي جسده الفنان إبراهيم خان، وذلك بعد أن دبر حادث قتله تجنبا للفضيحة عقب فضح «سمير» لابنته التي جاء بها من شقة أقرب أصدقائه، ثم طلقها.

واحد من الناس

في مشهد من فيلم «واحد من الناس» الذي عرض عام 2006، وبمساعدة المحامي الذي يجسده الفنان أحمد راتب، يتسبب «كمال أبو العزم» أو عزت أبو عوف في قتل الضابط «نبيل الدسوقي»، لتجنب تهديده بفضح الأعمال الفاسدة لـ«أبو العزم»، ولكن بدا الأمر كله كأنه حادث انتحار ليس إلا.

أما في السينما العالمية، فتنوعت الدوافع للانتحار بين الرومانسية المفرطة والخوف والشعور بالذنب.

The Shawshank Redemption

في مشهد شهير من فيلم «The Shawshank Redemption» الذي عرض عام 1994، بعد أن يطلق سراحه المشروط، ويمنح وظيفة عامل تعبئة البقالة في أحد المتاجر، يكتشف «بروكس» أنه لا يستطيع التكيف مع العالم الخارجي ذو السرعة المجنونة عقب قضائه لحياته كلها بداخل أسوار السجن، فيتملكه الخوف تجاه تلك الحياة، ويمنعه سنه من ارتكاب جريمة تجعله يعود إلى داخل السجن مجددا. كما أنه يجد أن العمل الذي يقوم به شاق للغاية بالنسبة إلى رجل عجوز مثله، فيقرر «بروكس»إنهاء حياته عن طريق الانتحار شنقا بداخل شقته.

ذلك بجانب مسئول السجن الذي قرر قتل ذاته فور وصول وكلاء المباحث الفيدرالية للقبض عليه بتهمة الفساد وارتكاب جرائم القتل بداخل سجن "شاوشانك".

Romeo and Juliet

تعد قصة فيلم «Romeo and Juliet» من إنتاج عام 1996 والمأخوذة عن مسرحية تحمل الاسم ذاته للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير، هي الأشهر في سينما هوليوود؛ فبدافع الرومانسية، وبسبب استحالة اكتمال قصة حبهما إثر العداوة القائمة بين عائلتهما منذ زمن بعدي، يقرر «روميو» الانتحار باستخدام السم كي يلحق بحبيبته حين ظن أنها فارقت الحياة، لتفيق «جوليت» وتشهد على وفاته، فتقرر الانتحار هي الأخرى، ولكن عن طريق الرصاص.

The Devil's Advocate

في إطار من الفنتازيا، وبعد أن تخبره والدته أن والده الحقيقي هو «ميلتون»، يذهب إليه «كيفين» حتى يواجهه بما عرفه للتو، ليعرف أنه هو السبب في كل المشاكل التي حدثت له، ويكتشف كذلك أنه من اغتصب زوجته، ليطلق «كيفين» الرصاص عليه، ويفاجأ بأن الرصاص لا يخترقه، ويكشف «ميلتون» شخصيته الحقيقية قائلا إنه الشيطان، ويلومه على كل ما حدث لأنه وافق عليه بينما كان دوره كشيطان هو فقط تجهيز المسرح له، ويبدأ بدوره إقناعه كي يرث كل مملكته، ليبدو له في البداية أن «كيفين» وافق على ذلك العرض، ولكنه يفاجأ به يسدد المسدس ناحية رأسه، رافضا ذلك العرض، ليحرق الشيطان عقب ذلك.

وفي المشهد التالي، يعود «كيفن» إلى الواقع بداخل محاكمة يؤدي فيه دوره كمحامي، ليكتشف أن كل ما مر به كان بداخل رأسه فقط، وذلك في الوقت الذي يظهر فيه الشيطان كذلك مرة أخرى دون أن يراه «كيفين»، وذلك ضمن أحداث فيلم The Devil's Advocate الذي عرض عام 1997.

Titanic

بعد أن يفلت زمام الأمور من بين أيدي المتخصصين بداخل السفينة «تيتانيك»، عقب اصطدامها بجبل جليدي، وفي أثناء لحظات غرق السفينة، يطلق أحد الضباط بالسفية رصاصة عن طريق الخطأ، لتقتل أحد الركاب الفقراء على متنها، فعندما يرى ذلك المشهد، يشعر بالذنب الشديد ويشاهد الجميع يهرول هربا من شبح الموت الذي بدأ يخيم على المكان، لا يتحمل الضابط هول ما تراه عيناه، فيوجه التحية العسكرية أمام ضابط آخر، ثم يقتل نفسه باستخدام المسدس ذاته، ليسقط ميتا في مياة المحيط الأطلنطي، وذلك في مشهد من فيلم «Titanic» الذي عرض عام 1997.

أماني عماد

أماني عماد

صحفية مهتمة بمجال الفنون والثقافة.. تهوى الكتابة عن السينما والأفلام، بجانب كتابة سيناريوهات أفلام واسكتشات وقصص قصيرة.