سيبك من الخناقة.. ما لا يعرفه المصريون عن الـ«Single Mother»
الأم العزباء أو «Single Mother» كلمة كانت كفيلة بإشعال مواقع التواصل الاجتماعي في يومين فقط. انتشرت الكلمة كهشتاج لدعم لفتاة تدعى «هدير مكاوي» قررت الاحتفاظ بطفلها التي حملت به نتيجة زواج عرفي، بعد أن تنصل الأب من الاعتراف بالنسب؛ بحسب قولها.
فكرة الأم العزباء أو «Single Mother» لاقت هجوما شديدا وقبولا أقل، يتفق الجميع على أنها مظهر من مظاهر التحرر الغربي، ثم اختلفوا في تأييده. البعض يراه انحلالا دخيلا عن الثقافة الشرقية، والفريق الآخر رآه فرصة للاعتراف بحق الطفل وعدم أخذه بما فعله أبواه.
وبعيدا عن مشاجرة الطرفين، لنسأل أنفسنا هل حقا مصطلح «الأم العزباء» يعني في الدول المتقدمة فقط الإنجاب دون زواج؟ وكيف تتعامل الحكومات مع هذه الظاهرة بأشكالها المختلفة؟
هل هي حقا عزباء؟
ليس المقصود من الـ«Single Mother» الفتاة التي تنجب طفلا خارج الزواج فقط؛ فالكلمة في الأساس هي مصطلح عام والمقصود منه هو أي أم تضطر للعناية بطفلها وتربيته بمفردها، سواء أكان ذلك بسبب وفاة الأب أو في حالها الطلاق أو في حالة حالة الإنجاب دون زواج.
هناك أيضا مصطلح الـ«Single Parents» وهو مصطلح أشمل للدلالة على أحد الوالدين الذي يضطر للعناية بطفله منفردا، سواء كان الأب أو الأم؛ فالأب الذي تتوفى زوجته أو يطلق ويضطر للعناية بطفله منفردا دون الزواج ثانية أو حتى يقرر العناية بطفله الذي نتج عن علاقة غير شرعية.. يطلق عليه «Single Father».
تاريخ الأم العزباء
بدأ هذا المصطلح يغزو أوروبا من زمن بعيد للغاية يعود إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلادي؛ بسبب انتشار الأوبئة والأمراض والحروب التي أدت لموت عدد كبير من الآباء، الذي أدى بدوره لزيادة عدد كبير من الأمهات اللاتي يعلن أطفالهن بمفردهن.. لم يكن مصطلح «Single Mother» وقتها يشير لإنجاب الأطفال خارج مؤسسة الزواج.
اختلف الوضع كثيرا في العشرين سنة الأخيرة، فوفقا لموقع « Gov.pe.ca» التابع للحكومة الكندية؛ تزايد الشكل الجديد للأسرة «Single Parent Family» بسبب عاملين اثنين. الأول هو زيادة معدلات الطلاق والثاني هو اختيار بعض البالغين عدم الزواج.
وكان السبب الثاني هو أكبر تحدي يواجه الشكل التقليدي للأسرة؛ فمع مجيء العام 1990 كان على الأطفال في أمريكا الشمالية أكثر عرضة للحياة مع أحد الوالدين، ليس فقط بسبب الطلاق أو الموت ولكن بسبب الإنجاب دون زواج.
ويضيف الموقع نفسه أن هؤلاء الأطفال في الغالب يتعرضون لعنف نفسي أو جسدي من الكبار.. يدفع الأطفال الصغار الثمن ويتحملون ذنب طلاق آبائهم أو موت أحدهم أو حتى إنجابهم دون زواج.
كثير من الدول الأوروبية تعترف بحقوق الطفل الذي يعيش مع أحد والديه، سواء أكان بسبب الطلاق أو الإنجاب خارج الزواج؛ مثل حقه في إثبات نسبه للأب، وفي جميع فرص الحياة الأخرى مثل غيره من الأطفال، لكن الأمر لا يخلو من مشكلات اجتماعية تحيط ببعض الأمهات.
«Single Mother» وخيانة.. هذا مصير الأبناء غير الشرعيين في السينما
بريطانيا
بريطانيا هي الأبرز بين الدول التي تحتل ظاهرة «Single Parents» فهي تأتي في المركز الرابع بين دول الاتحاد الأوروبي بعد إستونيا ولاتيفيا وآيرلاندا؛ وفقا لتقرير صحيفة «Daily Mail» الذي نشر عام 2014.
وتعاني ثلث هذه الأسر من الفقر الشديد وعدم وجود مصدر للرزق، سواء أكان يعول الأسرة الرجل أم المرأة.
وتنقل الجريدة إن معظم هؤلاء الأسر يعيشون على المعونات الحكومية، حتى مع قدرتهم على العمل.
وفي تقرير لموقع «Daily Telegraph» البريطاني ذكر أن الـ«Single Mother» أكثر عرضة للمشاكل الصحية من غيرها بسبب غياب التضامن الاجتماعي أو الدعم العائلي؛ وهو ما تشترك فيه بريطانيا والولايات المتحدة.
لكن التقرير نفسه ذكر أن هذه المشاكل الصحية تكاد تغيب تماما في دول شمال أوروبا والتي تحظى فيها الـ«Single Mother» بدعم اجتماعي كبير.
الباحثون من جامعة هارفارد في هذه الدراسة لم يفرقوا بين المرأة المطلقة أو التي أنجبت دون زواج، لكنهم ربطوا في دراستهم بين إنجاب الفتاة في سن صغيرة وبدون زواج، وبين تدني مستوى الدخل أو الثروة لهذه العائلات.
على مر التاريخ.. ما العام الأكثر قسوة على المصريين؟
كوريا
ترفض كوريا الجنوبية التخلي عن الشكل التقليدي للأسرة؛ وبذلك تعد واحدة من أبرز الدول التي حققت إنجازات اقتصادية وصناعية وتعليمية، في نفس الوقت التي تتمسك فيه بتقاليدها الصارمة.
وبعيدا عن حالات الطلاق لا يعترف المجتمع الكوري بمفهوم الأسرة التي تقودها الأم العزباء.
فالفتاة التي تحمل وتلد دون زواج لا تزال منبوذة عائليا وتعاني تمييزا واضطهادا في العمل.
تقول «تشوي هيونج سوك» في تقرير بموقع «NPR»: «كوني أما عزباء في هذا المجتمع التقليدي فهذا كلفي قطيعة كبيرة بيني وبين عائلتي لا يبدو أنها ستنصلح.. أسمع زملائي يتهامسون حولي في العمل».
ويوضح التقرير أن أكثر من 90% من الأطفال المعروضين للتبني في اليابان هم لأمهات عزباوات؛ لأن المجتمع لا يسمح لهن بالإعلان عن الحمل ولا يشجعهن على الاحتفاظ بالطفل.
ورغم تصريحات الحكومة الكورية بأنها لا تتجه للتمييز ضد هؤلاء الأمهات، لكن التقرير يشير إلى أن الأسر المتبنية للطفل تتلقى دعما من الحكومة حوالي الضعف مقارنة بالأم الأصلية للطفل إذا قررت الاحتفاظ به وتربيته وحدها.
الولايات المتحدة
يصف موقع «Single Mother Guide» أن إنجاب الأطفال خارج مؤسسة الزواج أصبح اتجاه مجتمعي.. لكن الأمر لم يخلو من مشاكل وفقا للإحصاءات.
ففي الولايات المتحدة يوحد حوالي 12 مليون عائلة يعولها أحد الوالدين فقط «Single Parent Family» و80% من هذه العائلات تقودها امرأة فقط «Single Mother».
وحوالي 4 من كل 10 أطفال يولدون لأمهات غير متزوجات معظمهن لم يتجاوزن الثلاثين عاما.
وحوال 45% من الأسر التي يتغيب عنها الأب لأي سبب سواء الانفصال أو الموت أو الإنجاب خارج الزواج، فهذه الأسر تعاني من فقر شديد للغاية.
وتنتشر نسبة الأم العزباء في الولايات المتحدة بين الأمريكيات من أصول أفريقية، ويرجع الموقع بسبب الفقر الشديد إلى اختلاف في الأجور بينهم وبين الرجال أو بين المتزوجات؛ والذي يؤدي في النهاية إلى انعدام الأمن الغذائي، وحصول 45.8% منهن على معونات غذائية.
هذا ما لا يفعله المسيحيون في الكنائس
اليابان
في تقرير لـ«CNN» ذكر أن نصف الـ«Single Mothers» يعيشون تحت خط الفقر؛ سواء أكان لديهن وظيفة أم لا؛ ومعظمهن يعيشن مع أهلهن.
وما نسبته 60% من هؤلاء الأمهات يضطررن للعمل الحر أو للعمل الجزئي، الذي لا يفي بجميع متطلبات حياتهن أيضا بسبب أن الموظفين المؤقتين يتقاضون ما يساوي 40% من راتب الموظفين الأساسيين.
وفقا للتقرير فالحكومة اليابانية تتباطئ في تقديم الرعاية لهؤلاء الأمهات أو أطفالهن، تقوم بذلك بعض المنظمات غير هادفة للربح والتي تقدم مساعدات مادية بسيطة للأطفال كالوجبات المجانية.
ويلمح التقرير إلى أن انتشار الطلاق كان سببا في ظاهرة الـ«Single Mother».. ففي الغالب تحصل أكثر من 80% من النساء على الطلاق دون استشارات قانونية، ما يضيع حقوقهن وحقوق أطفالهن.
وفي بلد مثل اليابان المعروف بتقاليده الصارمة فإن سيدة مثل «نوريكو» وهي أم عزباء تقول لـ«CNN»: «لم أعطِ ابنتي اسمي كاملا خوفا على خصوصيتها».
الأب العازب
وإذا كان مصطلح «Single parent» لا يختص بالأمهات فقط، فإن الآباء الذين يضطرون للعناية بطفل أو أكثر بعد الطلاق يعانون أيضا مشاكل مشابهة.
فوفقا لموقع «West-info» فالأب الذي يعتني بطفل أو أكثر، بمفرده ودون وجود الزوجة، سواء بسبب الطلاق أو وفاتها؛ فإنهم غالبا ما يرتبطون بمشاكل اجتماعية واقتصادية مثل الأم العزباء أو المطلقة.
وينقل الموقع عن «الجمعية الكاثوليكية للمساعدات» بفرنسا بأن: «ظاهرة الأب العازب «Single Father» لا تلقى حقها في الاهتمام، ويظل هذا النوع من الآباء يعانون في صمت بسبب مستوى الفقر الشديد الذي يعيشون فيه أو غياب الدعم المادي والمعنوي لأطفالهم».