هكذا تقتل دور النشر في مصر حارس الثقافة.. خطة الإنقاذ هنا

هكذا تقتل دور النشر في مصر حارس الثقافة.. خطة الإنقاذ هنا

أعمال أدبية كثيرة تمتلئ بها المكتبات هنا وهناك.. قد يبدو لأول وهلة أن الحركة الثقافية في مصر تشهد تطورا كبيرا؛ لكن أغلب هذه الأعمال  تقع في فخ «السطحية وانعدام القيمة» كما يراها النقاد.

«لجنة قراءة» و«محرر أدبي».. من المفترض ألا تخلو منهما أي دار نشر، فمسئوليتهما هي السماح بما يحتوي على قيمة أدبية حقيقية؛ لكن يبدو أن شيئا ما خاطئا يحدث خلف الكواليس.. فما هو؟

ممن تتكون لجنة القراءة؟

ثلاثة نقاد على الأقل يجب أن تضمهم لجنة القراءة في كل تخصص.. هكذا يؤكد الناقد الأدبي، الدكتور ربيع مفتاح الذي يضيف لـ«شبابيك» :«يدون النقاد ملاحظاتهم حول الأخطاء النحوية، والبناء الأدبي للنصوص، وأيضا جودة العناوين».

«لكل ناقد من هؤلاء أسلوبه ورؤيته الخاصة، يدلي كل منهم بملاحظاته عن العمل وبيان مواطن قوته وضعفه، وبمجموع آرائهم جميعا يحكم على الكتاب إذا كان صالحا للنشر أم لا».

المحرر الأدبي مكملا للجنة القراءة

موظفة علي مكتب في دور النشر اجنبية
هكذا يقتل الشعب المصري الثافة في كل مكاتب القاهرة والثقافة 


تظل هناك خطوة أخرى، فهناك دور «محرر الكتب» الذي يطبق ملاحظات لجنة القراءة على الكتاب ويزيد عليها.

يعطينا الناقد وأستاذ مساعد النقد والأدب العربي بجامعة أسيوط، الدكتور أحمد الصغير، فكرة أكبر عن دور محرر الكتب، فيقول: «يتدخل المحرر في النص ويوجه الكاتب للأجزاء التي تحتاج إلى تعديل أو اختصار؛ أو يقدم ملاحظاته بخصوص الشخصية والأحداث، حتى يخرج الكتاب في أفضل صورة ممكنة».

مهارات ومواصفات خاصة يجب أن يمتلكها المحرر الأدبي.. يقول «الصغير» لـ«شبابيك»: «يجب أن يمتلك المحرر لغة ممتازة وحسًا فنيًا عاليًا، ولديه اطلاع على أساليب النقد الحديثة».

لجنة القراءة وسبوبة دور النشر

لجنة القراءة.. تبدو كالحارس الأمين إذًا  للثقافة والإبداع، هذا إن أتمت عملها على أكمل وجه.

رئيس قطاع النشر السابق بالهيئة المصرية العامة للكتاب، الدكتور شريف الجيار، يقول: «دور النشر الصغيرة أثرت كثيرا على مستوى الكتابة والنشر في مصر، فبعضها وليس الكل لا يوجد لديها لجان قراءة. ما يهمها هو المكسب المادي وحسب».

الأمر لا يقتصر على لجان القراءة وحدها، فدور المحرر الأدبي يواجه نفس الإهمال وربما أكثر، فوفقا للـ«صغير».. «كثير من دور النشر لا تهتم بدور المحرر الأدبي إطلاقا».

هذا لا يمنع أن تتسرب المحسوبية لبعضهم.. دور النشر الحكومية تلتزم بمعايير لجنة القراءة بشكل كبير، لكن قليل من المحسوبية وجدت لها سبيلا في بعض الحالات

والمحسوبية قد تتدخل أحيانا

لجان القراءة في رأي «مفتاح» الذي عمل عضو لجنة قراءة بالهيئة العامة للكتاب و«قصور الثقافة»؛ يجب أن تكون «سرية للغاية»، فلا يُكشف عن أعضائها؛ لمنع أي محسوبية.

«هناك نقاد كثيرون يتمتعون بموضوعية شديدة»  لكن «مفتاح» يؤكد أن «هذا لا يمنع أن تتسرب المحسوبية لبعضهم.. دور النشر الحكومية تلتزم بمعايير لجنة القراءة بشكل كبير، لكن قليل من المحسوبية وجدت لها سبيلا في بعض الحالات».

لو معندكش وقت.. دليلك لاحتراف القراءة السريعة

محرر أدبي «ينصب الفاعل»

كان من حظ الكاتب الشاب «إسلام علي» أن يتدرج في الوظائف من مصحح لغوي حتى مدير تحرير بإحدى دور النشر؛ ليطلع على كواليس نشر الكتب.

الكاتب الشاب الذي عمل أيضا كمحرر أدبي يحكي لـ«شبابيك» عن العديد من التجاوزات التي عايشها يوميا: وظيفة المحرر الأدبي لو وجدت يصبح مطلوبا منه «يعمل للكاتب من الفسيخ شربات» بشكل يستحق أن اسم المحرر الأدبي يوضع على الغلاف.

ولم يكن ذلك أكثر ما يغضب «علي» فالمحرر الأدبي في دور نشر كثيرة لا يكون مؤهلا من الأساس.. يقول: «بعضهم لا يستطيع الكتابة أصلا.. حتى مجرد موضوع تعبير؛ والأدهى أنه يقع في أخطاء لغوية فادحة مثل نصب الفاعل».

شروط تعجيزية

اتهام آخر تواجهه لجان القراءة، وهي وضعها شروطا تعجيزية أمام الكتاب الشباب.

يعلق عضو لجنة القراءة بالهيئة المصرية للكتاب السابق، بأن هذا قد يوجد بشكل أكبر في دور النشر الخاصة الخاصة و«التي لا أستطيع كناقد أن ألزمها بأي شيء، طالما تعمل في إطار القانون. وهي أولا وأخيرا تهدف إلى الربح».

لكن في دور النشر الحكومية فالأمر مختلف كما يؤكد «مفتاح».. «الكاتب من حقه الاطلاع على الأسباب التي رفضت لأجلها لجنة القراءة نشر الكتاب».

لجنة القراءة وتمثيل مصر أمام العالم

دور أهم بكثير من إجازة الكتب الجيدة أو رعاية المواهب الشابة، يراه «الجيار» من مسئوليات لجان القراءة وهو:

مبادرات ضد دور النشر

منذ أربعة سنوات والكاتبة ميرفت البلتاجي، تعمل على مشروع سلسلة تثقيفية للأطفال؛ لكن هذا المشروع لم يجد دار نشر تتبناه حتى الآن، لارتفاع تكلفته المادية.

مبادارت بدأت في الظهور على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ضد «دور النشر السبوبة» كما تصفها «البلتاجي» التي تعمل كناقدة بلجنة القراءة في دار الفؤاد للنشر.. منها مبادرة «ثورة كاتب».

تخاطب هذه المبادرات الهيئات الحكومية مثل «اتحاد الناشرين المصريين» و«اتحاد كتاب مصر» لسن القوانين التي تعيد للكاتب حقوقه وقيمته الأدبية، وتضع معاييرا لنشر الكتب، تغلب القيمة الأدبية والعلمية.. تقول «البلتاجي» لـ«شبابيك»: «حتى الآن لم يسن اتحاد الناشرين أي قوانين تحمي حقوق الكاتب المادية على الأقل، أو تضمن له التزام الناشر بشروط العقد».

وعلى الكتاب الشباب مسئولية أخرى

غياب لجنة القراءة أو «سبوبة دور النشر».. سببان غير كافيان بالنسبة للناقد الأدبي ربيع مفتاح، الذي يحمل الكتاب الشباب مسئولية إضافية.

في رأيه «الكتاب الشباب يستعجلون كثيرا، وبهذا يشجعون دور النشر المتواضعة لتنشر أي شيء يحقق ربحا دون الالتزام بآراء النقاد المتخصصون».

حكاية يرويها «مفتاح» عن الكاتب الإنجليزي الشهير «جورج برنارد شو» الذي جاءه أحد الشباب وقال أريد أن أصبح كاتبا كبيرا مثلك؛ فرد عليه: «عندما كنت في العشرين من عمري لم أسأل هذا السؤال لأحد».

أين هو دور النقاد؟

علاقة جيدة يجب أن تنشأ بين الناقد الأدبي والكاتب الشاب، كما يؤكد «الجيار».. «الكاتب الشاب عليه أن يعرض أعماله على النقاد الكبار ليعرف مواطن الضعف أو يتعلم المزيد عن آليات الإبداع».

لكن المسئولية لا تقع على الكاتب الشاب.. يدعو «الجيار» النقاد في مصر لأن يهتموا برعاية المواهب الشابة من خلال إقامة المسابقات التي تستوعب هذا الكم من المبدعين الشباب، لـ«نقدم للثقافة العربية أسماء جديدة وموهوبة بحق، تليق بتراثنا المصري والعربي، فكلما كان هناك حراكا نقديا تقلصت ظاهر الكتب الرديئة».

رحلة إلى الذات.. روايات صوفية تغوص في روحك

أميرة عبد الرازق

أميرة عبد الرازق

محررة صحفية ومترجمة مصرية مهتمة بشؤون التعليم واللغات وريادة الأعمال