من عمر 5 سنين.. دول تعلم الأطفال البرمجة في المدارس لهذه الأسباب
الأطفال الصغار ينجذبون لكل شيء يتعلق بالتكنولوجيا من الموبايل إلى التابلت واللاب توب، وقد يتعلم الطفل الصغير التعامل المبدئي مع هذه الأجهزة حتى قبل أن يتعلم الكلام.
ورغم شكوى الآباء من هذا التصرف، إلا أن الدول المتقدمة كانت الأسرع في استغلال شغف الأطفال بالتكنولوجيا، لتعليمهم البرمجة وتصميم الألعاب والتطبيقات في سن صغير جدا يبدأ من 5 سنوات.
كيف يتعلم الأطفال البرمجة المعقدة؟
لا يبدو الأمر صعبا أو معقدا على الإطلاق؛ ففي أواخر العام 2016 كانت شركة «ديزني» إحدى رعاة مبادرة «ساعة للبرمجة في الهند» لتدريب الأطفال في المدارس على أساسيات البرمجة، لعمر 8 سنوات فما فوق؛ بالتعاون مع منظمة «Next Education».
ويتعلم الأطفال خلال الورشة، كيف يصممون شخصيات الكرتون، وكيف يحركونها أو يجعلونها تتكلم، وكيف يصممون قصة كرتون متحركة، وهو شيء يمزج بين اللعب والتعلم والمرح.
فبهذه الطريقة المحببة لقلوب الأطفال، يهدف البرنامج إلى تحفيز الأطفال وتحبيبهم في البرمجة حتى يسعوا لتعلمها بأنفسهم؛ كما يقول موقع «Indian Expres».
ساعة للبرمجة
المبادرة التي أخذتها الهند كانت استجابة لحملة عالمية تدعى «Hour Of Code» أو «ساعة للبرمجة» انطلقت في عام 2015.
الهدف من الحملة هو الوصول لأكثر من 180 دولة في العالم لتشجيع الأطفال وطلاب المدارس على تعلم البرمجة، بتوفير ورش تدريبية لمدة ساعة واحدة وبأكثر من 40 لغة، ومنها اللغة العربية؛ وفقا لموقع الحملة.
وكان من ضمن رعاة هذه الحملة الطالبة الباكستانية «ملالا يوسف» الحاصلة على حائزة نوبل للسلام، والناشطة في مجال تعليم الإناث.
إنجلترا تقود العالم
كانت إنجلترا هي الدولة الأولى التي قررت تفعيل هذه الحملة بشكل متكامل بأن تدخل البرمجة في المناهج الدراسية في العام 2014.
رسمت بريطانيا الملامح التي سارت عليها الدول الأخرى في تدريس البرمجة للأطفال في عمر 5 سنوات حتى 16 عاما.
عمر الطفل هو الذي يحدد ما الذي سيدرسه بالضبط، فربما كان «تصميم رسمة بدائية لتنين وهو يخرج النار من فمه، أو تحريك سفينة فضائية من نقطة لأخرى» مهمة كافية جدا للأطفال.
كأي منهج دراسي يتعلم الأطفال في كل عام شيئا صغيرا، حتى يتخرج الطالب بعد المرحلة الثانوية وقد عرف الكثير عن تلك المصطلحات المعقدة مثل «اللوغاريتمات» و«التكويد» و«لغات البرمجة».
إذا نظرت إلى موقع «Hour Of Code UK» البريطاني والمختص بتعليم البرمجة للأطفال، فستجد أنه يبدأ بتعليم الأطفال المبتدئين البرمجة من خلال ألعاب تعليمية، ترشدهم اللعبة في كل خطوة خلال التصميم لينفذها الطفل بنفسه.
فنلندا الرائدة في تعليم البرمجة
ربما تأخرت فنلندا عامين عن إنجلترا في إضافة البرمجة للمناهج الدراسية، لكنها أصبحت الرائدة في هذا المجال.
فنلندا تعتبر واحدة من أفضل الدول في التعليم بعد اليابان وكوريا الجنوبية، واعتمدت على تأهيل المعلم ليكون قادرا على تدريس البرمجة بامتياز.
ولتحقيق هذا الهدف وفرت الحكومة الفنلندية العديد من المنصات التعليمية الإلكترونية لتعليم البرمجة، كما تقول «تينا بارتينين» التي تدرب المعلمين على مهارات تدريس البرمجة.
لا تتناول هذه الكورسات أساسيات البرمجة فقط، بل تهتم أكثر بطريقة تدريسها، وما هي التدريبات المناسبة للأطفال. أيضا يتعلم المدرسون الإبداع في وسائل تدريس البرمجة وابتكار مشروعات غير تقليدية ينفذها الطلاب، وفقا لموقع «جامعة آلتو» بفنلندا.
في مقارنة بين فنلندا و20 دولة من الاتحاد الأوروبي أجرتها جامعة آلتو؛ ففنلندا هي الرائدة في مجال تدريس البرمجة، وهي واحدة من 6 دول تدرس البرمجة في المرحلة الابتدائية.
الصين وقوتها الاقتصادية
الصين تلك الدولة التي أصبحت قوة اقتصادية عظمى في السنوات الأخيرة، أدركت أهمية التكنولوجيا كعامل أساسي في هذه القوة؛ خاصة مع صعود شركات رائدة في مجال التكنولوجيا بالصين، في السنوات الأخيرة.
تدريس البرمجة في الصين يبدأ مبكرا جدا في مرحلة الحضانة، ويتعلم الأطفال البرمجة مثل تعلم التلوين والإمساك بالقلم.
ولا يقتصر تدريس البرمجة في الصين على المدارس؛ ففي جميع أنحاء البلاد تنتشر مدارس متخصصة في تعليم البرمجة للأطفال، ويتعلم الأطفال البرمجة من خلال الألعاب التعليمية مثلما يتعلمون مبادئ اللغة والرياضيات؛ وفقا لموقع «Foss Bytess».
إستونيا دولة ترتقي بالتكنولوجيا
دولة أوروبية صغيرة للغاية، ربما لم تكن تسمع عنها من قبل، لكنها واحدة من الدول الرائدة في تطبيق التكنولوجيا في التعليم.
يتعلم الأطفال في عمر 6 سنوات بمدارس إستونيا المبادئ الاساسية لتصميم تطبيقات الموبايل والمواقع الإلكترونية.
وتعقد المدارس في إستونيا شراكة مع «Mozilla» وهي واحدة من المنصات لتوفير المزيد من مدارس إستونيا بالأنشطة والفاعليات لتعليمهم البرمجة، بجانب الحصص المدرسية.
ماذا يستفيد الطلاب؟
تعليم البرمجة وعلوم الحاسب له العديد من الفوائد بالنسبة لعقلية الطلاب كما يحددها موقع «Ed Tec Review» المختص في تكنولوجيا التعليم.
والبرمجة علم يحتاج للكثير من المنطق والتفكير والابتكار، وخلال عمل المبرمج على مشروع ما، فإنه سيقابل العديد من المشاكل التي ستظهر له في التصميم، وسيحتاج لأن يستنتج لها حلولا مبتكرة.
مهارات شخصية هائلة سيتعلمها الطفل وهو يعمل على مشروعات البرمجة وحده، ما يوضح موقع «Ed Tec Review»، وسيكبر الأطفال وهم يتعلمون التفكير المنطقي السليم وتطبيقه، وامتلاك القدرة على حل المشاكل، وتنمية الذكاء والإبداع والاعتماد على النفس.
هذا كله إلى جانب المعرفة العالية بمهارات الحاسب عموما ومهارة البرمجة، والتي ستوفر لهم الكثير من الوظائف؛ فالبرمجة تعتبر من أعلى الوظائف أجرا حول العالم.
البرمجة والتقدم الاقتصادي
التكنولوجيا هي القوة الاقتصادية الحالية والمقبلة، لكن حتى سنوات قليلة كان نظام التعليم في هذه الدول الكبرى بعيدا عن هذا التطور السريع.
التكنولوجيا كانت طوال الوقت شيئا أساسيا في مناهج وأساليب التعليم في هذه الدول، لكن البرمجة بالتحديد كانت تواجه فقرا شديدا في المناهج التعليمية، كما يصف تقرير لـ«بي بي سي».
دولة مثل إستونيا اتجهت إلى إضافة البرمجة للمناهج الدراسية، لتعويض النقص الشديد في عدد الموظفين المشتغلين بالبرمجة، وهي تطمح لتحقيق مكانة رائدة في التكنولوجيا بعد النجاح الهائل الذي حققه تطبيق «سكايب» الذي تم تطويره في إستونيا عام 2003.
تساؤلات كثيرة تم طرحها حول تعليم الأطفال البرمجة وعلوم الحاسب في بريطانيا كدولة كبرى، وفي هذا السن الصغير للغاية؛ وجاءت الإجابة كما ذكرها موقع «Computer World UK» هي اتجاه المدارس في بريطانيا لتعليم الأطفال تلك المهارات التي ستستمر معهم بعد التخرج من المدرسة ومنها التكنولوجيا.
تسعى إنجلترا أيضا لزيادة عدد المشتغلين بالتكنولوجيا، والذي تتوقع أن يصبح خلال سنوات قليلة 300 ألف موظف في لندن وحدها.