هل يجدها؟ عنترة يبحث عن عبلة في حي العباسية

هل يجدها؟ عنترة يبحث عن عبلة في حي العباسية

يستفيق فارس قبيلة بني عبس عنترة بن شداد في مكان غريب ليجد نفسه وشقيقه شيبوب بملابس لم يعتد عليها، فربما بنطال وجاكيت من حقبة الألفينات قد يصيب الشقيقين اللذين ماتا منذ ما يزيد عن الألف وخمسمائة عام  بالذعر، ليكتشفا سريعا أنهما انتقلا لزمان آخر، ليبدءا سويا رحلة البحث عن عبلة من مصر.

في قاعة امتلأت بما يزيد عن سبعمائة طالب وطالبة تتعالى أصواتهم بالضحك تارة ويعم السكوت المصحوت بدموع البعض منهم أرجاء المكان تارة أخرى، مجموعة من الشباب جمعتهم بعنتر وشيبوب خشبة المسرح ليشاركوه رحلة البحث عن عبلة التي لم يعرفوا «ما هي» إلا في نهاية العرض، ليظهر المشهد وكأن عنترة بُعث من جديد في برج التطبيقيين بالعباسية.

بداية الحدث مجموعة من الشباب جلسوا حول مائدة حوارية فيما أسموه بمؤتمر القمة العربية لعام 2017. المحاور يجلس بين ممثلين عن دول السعودية ومصر والإمارات والأردن وقطر والمغرب، تجمعوا لمناقشة ما يمكن تقديمه لمتضرري الأحداث في سوريا.

بعد مقدمة طويلة من مقرر المؤتمر تتحدث عن توحد العرب وانتفاضهم جميعا لأجل أهلها ونصرتهم لهم، تنتقل الكلمة لكل ممثل عن دولة ليعلن نوع المساعدات التي سيقدمها، لتبدأ قطر بإعلان فتح أبوابها للاجئين، تليها المغرب تتبرع بالدم للمصابين، ثم يأتي دور ممثل الإماراتي ليبدي حزنه على ما يحدث، إلا أنه يعتذر عن المساعدة لانشغاله بعقاراته ومطاراته.

وتنتقل الكلمة إلى مصر، ليبدأ ممثلها في قراءة بيان تعالت أصوات الجميع بالضحك لسماعه وكأنه سمعوا العلامة المسجلة للشجب والتنديد، قائلا «بكل الحزن والأسى ننعي ضحايا سوريا، ونحن على أتم استعداد لاستقبال اللاجئين.. حفظ الله مصر»، وفي كلمة مقتضبة أعلن ممثل اليمن تقديم المساعدات رغم حالة الحرب التي يعيشون فيها، لتظهر أخيرا السعودية وقد قدمت رحلتين عمرة لاثنين من المتضررين كنوع من المساعدة.

وبعد دقائق من الأصوات المتداخلة يعم الصمت القاعة بدخول آخر يرتدي عباءة ملأتها آثار الدماء ينادي فيهم أن أغيثوا سوريا فما الغوث استقبال لاجئين ولا تبرع بقطرات الدماء، مطالبا إياهم أن يتوحدوا جميعا كما وصى النبى لحل القضايا العربية المعلقة.

يظهر عنترة ليستطلع العالم الجديد الذي نزل به لعل أحدهم يخبره أين يجد عبلة، فإذ به يلتقي بأحدهم للمرة الأولى، يستوقف هذا الشاب الممسك بهاتفه المحمول مشغول بالبحث عن «البوكيمون»، ولم يفهم ما عبلة، ليجمعه القدر بآخرين أحدهما يزعم أنه شاعر ويستعد لطرح ديوانه بمعرض الكتاب في دورته القادمة، وحين يسرد قصيدته على عنترة إذ به يتفاجأ بما في شعره من ركاكة.

يتملقه عنتره ليدله على عبلة ليتضح أن الشاب لا يعنيه عبلة عنترة فهو لا يعرف سوى «عبلة آداب» وفنه الهابط.

يواصل البحث وفي طريقه يلتقي شابين فرقتهما الانتماءات الكروية تزوّد كل منهما بجمل محفوظة اعتاد جمهور الفريقين التراشق بها وبالرغم من أن أحدهما حاول إرضاء الآخر بتأكيده أن ما يحدث بينهم لا يتعدى المزاح تنتهي المناظرة بمشاجرة بين الاثنين.

قبل تلك المشاهد بدقائق صعد مؤسس مدرسة شيخ العمود الشعرية، أنس السلطان، ليبين ماهية وحدة الأمة، في محاضرة بعنوان «مفهوم الأمة بين النص والتطبيق»، والذي انتقد فيها دعوات قطيعة فئات من المسلمين، مؤكدا أن الأصل هو توحيد وتجميع المسلمين.

وأشار أن التوحد على الأساس اللغوي أولى من التوحدة الدينية، لافتا سبق اللغة لنزول القرآن، واستشهد في نهاية كلمته بمقطع مصور يظهر فيه بعض الأفارقة يتلو أحدهم القرآن وعند دخول أحد البيض عليهم ظنوا أنه من المسيحيين حتى انتهى من قراءته تفاجأ بالأبيض يقول «صدق الله العظيم» ليتبادلوا الأحضان وهم منهمكون في البكاء في مشهد أثر بكل الحضور.

يستمر عنترة في البحث ليدخل على شابين شغلهما أحد برامج المسابقات وبعد حديث طويل دار بينهما عن المسلسلات والأغاني الشعبي، يذاع على أحد القنوات مقطع يظهر فيه الدمار الذي أحل بسوريا وفلسطين وباقي النزاعات في الدول العربية، وعندما يسألهم عنترة يجاوبون ببساطة «دي الحاجات بتاعة سوريا وبورما والدول دي يا عم».

يثور عليهم عنترة مستنكرا برود أعصابهم ودمائهم التي لم تغلي في أجسامهم حتى تحمر منه وجوههم، بعد اكتشافه ما آلت إليه أحوال عبلة (الأمة الإسلامية) التي كان يسأل عنها ولم يلتفت لها أيا منهم، ثم يبدأ بقراءة بعض الأبيات من قصيدة أشبه ما تكون بالرثاء للأمة العربية.

الأبيات أداها المنشد المغربي رشيد غلام، في الفيديو التالي:

أحمد عبده

أحمد عبده

صحفي مصري متخصص في الشأن الطلابي، يكتب تقارير بموقع شبابيك، حاصل على كلية الإعلام من جامعة الأزهر، ومقيم بمحافظة القاهرة