دعك مما حدث في المطرية.. العلماء يُنقبون ويستخرجون الآثار هكذا
لعمليات التنقيب والبحث الرسمية عن الآثار والتعامل معها بشكل عام، أهمية كبرى على مستوى العالم، فتطورت الطرق والأساليب الخاصة بها، من الخرائط القديمة والوثائق التاريخية التي شرحت للعلماء كيف وأين كان يعيش الناس قديما، إلى التقنيات المتطورة وأجهزة المسح، ثم طرق وكيفية التعامل السليم معها حتى لا يتم إهدارها.
يقول علماء الآثار، إن 99% من أعمال التنقيب والبحث عن الآثار لا بد أن تكون باليد، والباقي للأجهزة والأدوات.. يمر «شبابيك» في هذا التقرير على الطرق الصحيحة التي يتبعها العلماء في عمليات التنقيب والبحث عن الآثار.
بدايةً كيف يحدد علماء الآثار المواقع؟
لدى عماء الآثار العديد من الأدوات التي تساهم في تحديد المواقع الأثرية، مثل الخرائط القديمة والوثائق التاريخية لمعرفة أين اعتاد الناس على العيش قديما، وكذلك دراسة الأرض ومعالمها حيث اعتاد البشر العيش بالأماكن المرتفعة القريبة من مصادر المياه.
وساهمت تقنيات البحث الحديثة مثل نظم المعلومات الجغرافية GIS وهو اختصار (Geographic Information Systems) في إنشاء نماذج بيئية يُمكن التنبؤ بها في أحد المواقع.
ويستخدم أيضا رادار الاختراق الأرضي (GPR (ground penetrating radar في العثور على جدران المباني والمؤسسات والمقابر، مستخدما موجات الراديو في رصد الاختلافات البينية أو الشاذة في التربة مثل الرمال مقابل الطين أو الطين مقابل الطوب والحجر، ومنها يتم تحديد الجدار، ويجمع النظام تلك المعلومات وقرائتها عبر الكمبيوتر.
وتساهم أجهزة الكشف عن المعادن في الأمر أيضا وتستخدم للعثور على المسامير والأزرار والتحف المعدنية التي قد تترافق مع المباني السابقة وتدل مثلا على ساحات القتال والمخيمات العسكرية وغيرها.
وتعكس تلك الأجهزة، الموجات التي تقابلها من المعادن مثل الذهب والفضة والنحاس، ويتم الحفر فيها برفق حتى لا تصاب بكسور.
وفي البحث أسفل المياه يستخدم علماء الآثار الإشارات الكهرومغناطيسية للعثور على حطام السفن الغارقة، وأجهزة ماسح السونار side scan sonar، والتي تكشف عن الاختلافات البينية في قاع البحر وبمنطقة واسعة. وتشبه في عملها رادار الاختراق الأرضي.
الحفر في الميدان
كل ما سبق يستخدم للوصول إلى خيوط فقط، ثم بعد ذلك يبدأ عمل علماء الآثار.
يقول العلماء إن 99% من أعمال الحفر والتنقيب عن الآثار لا بد أن تكون باليد، لأن المواقع الآثرية هشة، ومواردها غير متجددة تُنقذ مرة واحدة أثناء الحفر أو تُفقد للأبد.. لذا يحددون أولا هل الأماكن المزمع الحفر فيها ستُدمر إن تم الكشف عنها أم لا؟ وبناءا على إجابة هذا السؤال يحدد العلما هل سيتم الحفر أم تركها والاحتفاظ بها مخفية أفضل من فقدانها. ولكن إذا تقرر الحفر فيتم بناءا على خطوات:
الخطوة الأولى: وضع خطة تجاوب على هذه الأسئلة «لماذا نقوم بالتنقيب هنا؟ كيف سنجري الحفر؟ كيف سنقوم بتحليل القطع الأثرية؟».
الخطوة الثانية: يتم تحديد محيط للمكان الذي سيتم الحفر فيه، وإنشاء شبكة قياسات للوقوف على أماكن التحف والمقتنيات والجدران وكل ما لا يود العلماء أن يهدم.
الخطوة الثالثة: أدوات التنقيب، وهي المعاول والملاعق والجاروف وفرش التنظيف ويتم البحث برفق بها، ويستخدم جهاز للكشف عنها خلال عملية الحفر البسيطة.
الخطوة الرابعة: تحديد القطع الآثرية، التي توجد كالتماثيل والتحف الصغيرة في أكياس مخصصة لها ويدون عليها مكان العثور ووقت العثور عليها ومن عثر عليها ثم ترسل لمتخصصين لفحصها ومعرفة نوعها وتاريخها وكل ما يتعلق بها.
الخطوة الخامسة: كتابة تحليل تقرير بالبيانات التي تم العثور عليها واستنتاجاتهم حول المواد الأثرية بها ويجيبون على كل الأسئلة التي طرحوها في بحثهم، كتاريخ التحفة والناس الذين عاشوا فيها واحفادهم حتى الذين مازالو متواجدين على نفس البقعة.
التماثيل الكبيرة يتم استخراجها برفق أيضا والمحافظة على كل جزء صغير فيها، وإذا استدعت النقل يتم وفق ترتيبات خاصة وهائلة بحسيث تحفظ للتمثال كامل هيئته.
كمثال على ذلك هذه عملية نقل تمثال رمسيس الثاني من مكانه برمسيس إلى المتحف الكبير.
ونرى هنا مدى العناية التي تمت مع التمثال الذي تم اكتشافه شهر يوليو 2015 ويعود لعهد البطالمة.
ماذا يحدث إذا لم يتم اتباع الأساليب العلمية؟
بكل بساطة.. عدم مراعاة اتباع الأساليب العلمية والحديثة في استخراج الآثار، يُعرضها للكسر والتفتيت رغم أثريتها وتاريخها.