حقيقة أم خيال.. روايات تنبأت المستقبل بهذه الدقة
كتب: محمود حافظ
بثقافتهم وسعة خيالهم يصلون لقصص وأحداث أقرب ما تكون للمستقبل القريب والبعيد. نتكلم عن أرباب الفنون والأدباء منهم بالذات، فهؤلاء علمونا منذ فجر الكتابة والتدوين أن الأدب الجيد والواقع شيء واحد ولا يفصل بينهما سوى الزمن. وهكذا تتحقق الكثير من توقعات المؤلفين والتي تكون بسبب فراستهم وحسن نظرتهم للأمور وليس محض نبوءات من قبيل الحظ.
في هذا التقرير من «شبابيك» نرصد لكم أبرز الأعمال التي اجتازت الزمن وتوقعت القادم، مع تنويع التوقعات بين الاختراعات والكوارث والأحداث السياسية، سنذكر ظروف العمل و لمحة عنه وكاتبه.
1- موبي ديك والتيتانك.. يوم حارب الإنسان الطبيعة
قريبًا تحل ذكرى غرق السفينة تيتانك، وهي حتمًا من أشهر كوارث القرن الماضي، لن نقصد هنا كالعادة رواية «العبث» لمورجان روبرتسون التي حكت عن سفينة شبيهة جدًا بالحقيقية وغرقها بسبب جبل جليدي، فتلك القصة تم تفنيدها بالفعل حيث أن شركة «وايت ستار لاين» صانعة السفينة ذكرت معلومات كثيرة عنها قبل كتابة رواية روبرتسون، وكاتب الرواية لا شك استقى من هذه المعلومات روايته.
سنحكي هنا عن رواية أخرى بديعة هي «موبي ديك» أو«الحوت» التي كتبها الأمريكي هيرمان ميلفل قبل غرق التيتانك بأكثر من 60 عامًا، وفيها نقابل القبطان «أهاب» الذي ينوي مع طاقمه أن يقتل حوتًا هزمه من قبل وأكل رجله، القبطان في القصة يمثل الإنسان الذي ينوي حرب الطبيعة القاسية، حاسبًا أن عقله وخبرته يكفيانه ليهزم الكون ومعالمه ومخلوقاته. يفشل الإنسان بالطبع و تهزمه الطبيعة أو الحوت شر هزيمة.
التيتانك كانت كذلك بمثابة قوة الإنسان مجتمعة ليحارب الطبيعة، فهي أكبر جسم متحرك في وقتها، فيها قمة التكنولوجيا من حدادة وكهرباء ونجارة وأمان، وصنعتها الشركة وأسمتها «السفينة التي لا تغرق»، وحدث ما حدث وكانت ندبة عميقة في جبين الإنسانية، أدرك بعدها كل عظيم أن الطبيعة أعظم منه وأقوى!
يمكنك تحميل الرواية من هنا
2- من الأرض إلى القمر.. حين تحتار أمام الدقة!
نالت روايات الخيال العلمي نصيب الأسد من التوقعات الصائبة، فكل اختراع وآلة حديثة بدأت في خيال كاتب في زمن ما، ولعل أديب فرنسا العظيم جول فيرن احتل القدر الأكبر من هذا، ففي رواياته عرفنا الغواصة الكهربية والألواح الشمسية واكتشاف طبقات الأرض وغيرها من فراسته العلمية.
غير أن روايته «من الأرض إلى القمر» توقعت صعود الإنسان هناك قبل 113 سنة من هبوط نيل أرمسترونج عبر سفينة الفضاء «أبوللو 11» الأمريكية، وليس الأمر محض توقع للهبوط فحسب بل تطابقت الكثير من الحقائق بين الرواية والحقيقة، أولها منصة الإطلاق، وتغيرات الجاذبية حتى آخر لحظات الهبوط، ولم يختلف الاثنان سوى أن الرواية استخدمت مدفعًا ضخمًا بدلاً من سفينة الفضاء، لكن الرواية أثبتت سعة خيال صاحبها التي وصلت للمستقبل حتى أدق التفاصيل!
يمكنك تحميل الرواية مترجمة من هنا
3- الرجل ذو الأذن المكسورة.. فكرة حقيقية منافية للعقل
في روايته الكلاسيكية «الرجل ذو الأذن المكسورة»، الصادرة عام 1861، افترض الكاتب الفرنسي إدموند دابو أن مريضًا تعسر شفائه قد تم تجميده حيًا بانتظار أطباء المستقبل القادرين على علاجه، حتى لو مرت قرون فالرجل حي في ثلاجته، الفكرة الطبية العجيبة هذه تم تنفيذها في الواقع لكن ليس للمرضى وإنما للموتى!
هذا هو علم الـ Cryonics وتقوم به شركة خاصة اسمها trans time منذ العام 1974، ولا تزال أول جثة تم تجميدها موجودة حتى الآن، ويستخدمون في هذا النيتروجين السائل للتجميد في صهاريج ضخمة، وتتكلف الجثة الواحدة من 150 إلى 300 ألف دولار أمريكي!
كل هذا بدافع ما يظنه البعض من أن الموت محض مرض!، وأن الوقت سيأتي حتمًا ويجد العلم الشفاء من هذا المرض!!
يمكنك تحميل الرواية بالإنجليزية من هنا
4- الحرب العالمية والقنبلة الذرية على اليابان.. توقعها المؤلف قبل 31 عام
تتحقق التوقعات بنوعيها، الرائع والمروع، ومنها قنبلتا هيروشيما وناجازاكي اللتان أفنتا المدينتين في أعقاب الحرب العالمية الثانية عام 1945، ذلك الاختراع الجحيمي خطر للأديب المعروف بتشاؤمه الشديد من العلم هربرت جورج ويلز، حتى أنه أوصى أن يكتبوا على شاهد قبره رسالة للبشرية قائلاً «قد أنذرتكم.. أيها الأغبياء!».
في روايته «العالم يتحرر» The World set free، عام 1913 حذر «ويلز» البشر كالعادة من شر الإنسان الذي قد يدفعه ليصنع قنبلة كهذه، وألمح إلى الحرب الوشيكة، وكل هذا حدث بعد 31 عام بالفعل، بل إن علماء القنبلة اعترفوا أن كتاب «ويلز» ألهمهم بتطوير الفكرة في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين! فهل التحذير أحيانًا من شيء لم يحصل بعد قد يعجل بحدوثه؟!
لا توجد للرواية ترجمة عربية بعد، لذا يمكنك تحميل الرواية بالإنجليزية من هنا
5 - يوتوبيا وأخواتها.. تعددت الروايات والثورة واحدة
بعد اندلاع الثورة المصرية عام 2011 ووقوف البعض عاجزين عن تصديق الأمر، انبرى العديد من المبدعين يؤكدون توقعهم بحدوث الثورة بالفعل قبل موعدها، وهذا لا شك فيه أو ضير، فالواقع المصري المتردي قبيل الثورة ينبئ بالانفجار القادم في أي لحظة.
ولو استعرضنا أنجح الأعمال الروائية في هذا الصدد سنجد رواية «يوتوبيا» للدكتور أحمد خالد توفيق تتصدر القائمة، فالرواية مستقبلية قريبة تحكي عن درجة رهيبة من تطرف الغنى والفقر حتى انعدمت الطبقة الوسطى تمامًا، و مع انقضاء الوقت يفيض بالفقراء الكيل فيثورون على الأغنياء غير مبالين برصاصهم وأسوارهم.
كما تشتهر رواية محمد سلماوي «أجنحة الفراشة» بتوقعها سيناريو الثورة خاصة فكرة الهواتف والإنترنت، وحتى الممثل محيي إسماعيل يحفل دومًا بروايته «المخبول» التي توقعت حدوث الثورة ومطالب المصريين.
يمكنك تحميل الرواية من هنا
6 - دونالد ترامب.. الكثير من الروايات تتعقبه منذ سنوات!
يبدو أن ترامب يشبه الثورة المصرية في توقع تقدمه وانتظاره، فأكثر من رواية لمحت بشخصية مثله تصعد للحكم رغم أنف الجميع، وأي رئيس ديكتاتوري متعصب في الروايات يمكنك إسقاطه على ترامب مباشرة ولن تكون مبالغًا كثيرًا!
أولهم رواية نشرت عام 1935 اسمها «لا يمكن أن يحدث هنا» للأديب الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل سنكلير لويس، ويحكي فيها عن صعود سيناتور شعبي للبيت الأبيض ثم يظهر جانبه الفاشي الرهيب وتعصبه لفئات كثيرة مثل المكسيكيين، وهذا ما يصرح به «ترامب» نفسه إلى جانب عدائه المعروف للمسلمين.
أيضًا رواية جورج أورويل 1984 كان لها نصيب من التوقع، فهي الأبرز في التاريخ عن الشمولية والحكم الديكتاتوري في شخصية الأخ الأكبر، بل إن صعود «ترامب» نفسه أعاد الرواية لقائمة أفضل المبيعات على موقع أمازون، وهذا بعد تصريح مستشارة «ترامب» بمصطلح «الحقائق البديلة» المأخوذ من الرواية بالحرف!
وحتى روايات الديستوبيا أمثال «451 فهرنهايت» لراي برادبوري يراها البعض تمثل «ترامب» وسوء حكمه! حيث يتوقع البعض كابوسية الفترة القادمة مثل الرواية، ويكون التلفاز محض وسيلة للدعاية السياسية فقط، وربما يحرق الكتب هي الأخرى قريبًا!
يمكنك تحميل رواية «1984» مترجمة من هنا