تتخفّى وتقتل المسيحيين في أمريكا منذ عام 1865.. تعرف على جماعة «كو كلوكس كلان»
يرتدي قناعًا يخفي ملامحه ولا يُظهر سوى عينيه.. يتملئ قلبه بالكثير من الكراهية أو ربما هي المصلحة التي تحركه ليمارس العنصرية ويستهدف الكنائس.. لا يحدث هذا في مصر أو في أي بلد بالشرق الأوسط، لكن في أوروبا وأمريكا، وتحت اسم منظمة تُدعى «كو كلوكس كلان».
في عام 1865 وخلال الحرب الأهلية التي اندلعت في الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب سياسات تبنتها بعض الولايات لتحرير العبيد وإعطاء حقوق لذوي البشرة السمراء؛ نشأت جماعة سرية عنصرية تضطهد السود والعبيد، وتؤمن بالتمييز العرقي.
مارست الجماعة عملها على استحياء، حتى وصلت إلى ذروتها عام 1920 وبدأت تمارس أعمالها العنصرية في العلن.. اضطهاد واستهداف وقتل للسود علنًا، مستفيدة من الاتجاه العام ضد السود في ذلك الوقت؛ وفقا لـ«The Telegraph».
للجماعة ثلاثة موجات للظهور على مدار تاريخها، تنطلق من مبدأ معاداة السود، ثم تخمدها الحكومة وتستطيع السيطرة عليها، لتنطلق بعدها بأعوام تحمل نفس الشعارات المعادية، وتضيف إليها معاداة الكاثوليك بمنتصف القرن العشرين.
طقوس وأزياء لافتة تميزت بها هذه الجماعة.. عباءة بيضاء وقناع أبيض يغطي الوجه.. وصليب تشتعل فيه النيران.. لتمارس تحت هذه الرموز أنواع من الجرائم العنصرية تستفز الرأي العام الذي لا يخفي شكوكه حول تورط مؤسسات حكومية أو زعماء سياسين خلفها؛ خاصة وأنها تحاول إيحاء نفسها من جديد في الأعوام الأخيرة.
استهداف الكنائس
لم تكن أمريكا بلد خالٍ من الاضطهاد الديني تماما، فـ«كو كلوكس كلان» تستهدف الكنائس الكاثوليكية، تحديدا وبالذات تلك التي تخص ذوي الأصول الأفريقية.
وضعت المنظمة خطتها المحكمة، ففي العام 1963 استهدفت عناصرها الكنيسة المعمدانية في مدينة بيرمنجهام.. حدث تفجير في الكنيسة قُتلت فيه أربعة فتيات.
هذا التفجير زاد من تعاطف المواطنين الحركات السياسية مع السود؛ وفي خلال عام واحد وافق الكونجرس على قانون الحقوق المدنية الذي يعطي مزيد من الحقوق للسود.. لكن أعمال العنف في حقهم لم تقف عند هذا الحد.
وفي العصر الحديث أيضًا
مواطنين بسطاء ورجال دين لم يسلموا من عنصرية هذه الجماعة، التي عادت لاستهداف الكنائس في الأعوام الأخيرة.
خلال شهر يونيو 2015 وفي كنيسة «شارلستون» بكاليفورنيا، اقتحم رجل مسلح المكان، وقتل 9 أشخاص وأصاب 6 آخرين، ومن بين الضحايا أحد قساوسة الكنيسة؛ وفقا لموقع «American Perspective» الذي وصف الحادث بأنه واحد من أسوأ جرائم العنصرية في أمريكا.
اغتيال الزعماء
كثير من الجرائم العنصرية التي تشهدها أمريكا ترجعها التقارير لهذه الجماعة العنصرية، كانت الحادثة الأكثر شهرة، هي اغتيال «مارتن لوثر كينج» عام 1968 على يد أحد أعضائها، وهو الزعيم المدافع عن حقوق السود في أمريكا.
نفذ الهجوم عضو الجماعة «جيمس إيرل راي» الذي حكم عليه بالسجن 99 عامًا، ومات في السجن عام 1998.
محاكمات بديلة
لم يكن الأمر جديدا على هذه الجماعة التي بدأت تاريخها بواحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها أمريكا في عام 1916، عندما قتلت فتى مراهق يدعى «جيس واشنطن».. لقد قُتل «جيس» حرقا!
كان «جيس» متهما بقتل رجل أبيض، لكن الشرطة لم تفعل أي شيء لقتله بهذه الطريقة ودون محاكمة.
حرق الصليب
«صليب مشتعل» علامة تحمل الكثير من معاني الكراهية والعنف، وارتبطت بظهور هذه الجماعة في بداية القرن العشرين.
لكن إذا كانت «كو كلوس كلان» تقدم نفسها باعتبارها جماعة مسيحية بروتستانتية، فلماذا تحرق الصليب وهو أكثر الرموز المسيحية تقديسًا؟
في زمن بعيد كان الأسكتنديون يسشعلون النار في الصلبان، ويضعونها على قمم الجبال للتحذير من العدو، ومن الحرب القادمة.
لكن أحد قادة هذه الجماعة ويدعى «باري بلاك».. يقول أن حرق الصليب هو أحد طقوس الجماعة المقدسة.. «نحن لا نحرق الصلبان لندنسها.. نحن نحرقها لنقول أننا سنحرق الشر».. كما ينقل عنه موقع «The Christian Science Monitor».
«حرق الصليب» كان له نصيب في السينما الأمريكية كذلك، فهناك فيلم بعنوان «A Cross To Burn» يتم «حرق الصليب» كطقس مستخدم للوصول إلى الحقيقة.
أما فيلم «The Burning Cross» فهو يتناول أحداث لها علاقة بالحروب الصليبية ويشير إلى رمزية «حرق الصليب».
هل الشرطة متورطة في الإرهاب؟
«أعمال إرهابية».. هكذا تصف التقارير الإعلامية تلك الفترة التي شهدت أعمال عنف في حق المواطنين السود والكاثوليك منهم.. هذه التقارير تلمح إلى أن الشرطة الأمريكية متورطة مع جماعة «كو كلوكس كلان».
«عندما أقرأ عناوين الصحف الآن وأقارنها بما حدث منذ 60 عامًا، أجد تكرار الحوادث العنصرية نفسها، ما يجعلني أعتقد أن للشرطة لهم يد بهذه الجماعات» هذا ما تنقله شبكة «Fusion» عن «لاريسا مور» طالبة القانون التي قررت العودة إلى أرشيف الكنيسة في ولاية جورجيا، وسجلات الشرطة، لتعد بحثا حول حالات القتل في عصر الحقوق المدنية و التي لم تُحل حتى الآن.
«لا يمكننا القول بأن الشرطة غير متورطة بالمرة، فهناك بالتأكيد عناصر متحيزة، لكننا لا نستطيع الفصل في كقضية كهذه».. هكذا يرد رئيس لجنة الشرطة في لوس أنجلوس «مات جونسون».
وبين الحين والآخر يتم الإعلان عن فصل أفراد من الشرطة بعد اكتشاف صلتهم بهذه الجماعة، منهم من يكون قد خدم في الشرطة لمدة 20 عاما كاملة قبل أن يتم اكتشافه أو اتخاذ قرار بفصله، وفقًا لموقع «USA today».
يذكر الموقع أيضا أن بعض المتهمين من أفراد الشرطة يرى أن الانضمام لجماعة «كلان» هي تهمة ملفقة، ويقرر الاستقالة قبل فصله.
وعلى مسافة غير بعيدة وفي ولاية تكساس، أعلنت الشرطة الأمريكية عن فصل اثنين من أعضائها أيضا.. وقالت: «لم يتورط هؤلاء الضباط في أعمال عنف أو قتل، ولكن انضمامهم لجماعة تحض على الكراهية أمر مرفوض» وفقا لشبكة «ABC News».
ترامب و«كلان»
وفي العام 2016 وخلال انتخابات الرئاسة الأمريكية، لم تنس هذه الجماعة أن تعلن تأيدها الكامل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أثار الكثير من الأقاويل حول عنصريته، سواء داخل البلاد أو خارجها.
حتى إن قائد سابق في هذه المجموعة ويدعى «ديفيد ديوك» يقول أن «ليلة فوز ترامب أكثر الليالي إثارة في حياتي.. نعترف بأن شعبنا ساعده في هزيمة هيلاري كلينتون».. كما ينقل عنه «The Telegtaph».
وبالتأكيد أعلنها «ترامب» صراحة بأنه يتنصل منهم، ولا صلة له بهم على الإطلاق، رغم جميع تصريحاته التي تتسم بالعنصرية؛ وفقا لـ«CNN».
لم تقف هذه المنظمة عند تأييد «ترامب» أو حتى عند حدود الولايات المتحدة الأمريكية، بل تمتد أنشطتها في بلاد أوروبية مختلفة مثل إنجلترا واسكتلندا وتشترك في نفس المبادئ.
«تحت الأرض».. هل هو تشابه في مصر؟
على مسافة بعيدة جدا من الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتحديد في مصر، وفي يوم 9 أبريل 2017 يحدث تفجيرين يهزان الرأي العام بشدة، الأول يستهدف كنيسة مارجرجس في طنطا، والثاني يستهدف الكنيسة المرقسية بالأسكندرية.
وبينما ينشغل الجميع بهذه الكارثة، تظهر صفحة بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» باسم «تحت الأرض – Under Ground» تثير الكثير حول علاقتها بالتفجيرين.
«صليب محروق» و«هلال مكسور» و«لن نرحمكم».. عبارات تحمل الكثير من الكراهية تنشرها هذه الصفحة، إلى جانب صور تحمل معتقدات مختلفة، فمرة نرى صورا لمجموعة غامضة تشبه «كو كلوكس كلان» أو «فرسان الهيكل»
ومرة تستخدم الصفحة شعار النجمة الخماسية ورأس الجدي، الذي يرمز إلى الشر أو الشيطان، ومرة تشير الصفحة إلى الماسونية.
تكتمل الآن جميع الأركان التي تجعل مستخدمي «السوشيال ميديا» والإعلام أيضا ينقسمون.. بعضهم يعتقد أنها مؤامرة تستهدف مصر، والبعض الآخر لا يراها أكثر من مجرد دعابة، والبعض يراها سحرًا وشعوذة.
يتصاعد الأمر أكثر عندما تغلق الصفحة، وتعلن وسائل الإعلام القبض على «الأدمن» بعد قانون الطوارئ الذي يستهدف من يعبث بالأمن القومي.. وهنا تحدث مفاجأة أخرى.
صفحة جديدة تحمل نفس الاسم، لكنها تصرح هذه المرة أن الأمر هو مجرد دعابة مقصودة، حتى لا ينجرف الناس مع كل من يريد «اللعب في رؤوسهم».
هل ينتهي الأمر عند هذا الحد؟.. كلا فبعض مستخدمي «فيس بوك» لا يزالون يعتقدون أن الصفحة مؤامرة أو شعوذة وأن الصفحة تعرضت للـ«هاكر» لا أكثر.