كل هذه الخسائر ستلحق دول الخليج ومصر في حال تصعيد الحصار ضد قطر
من الطبيعي أن تتأثر قطر بالحصار الاقتصادي المفروض عليها من السعودية ومصر والإمارات والبحرين، إلا أن الواقع يقول بأن الدوحة كذلك تمتلك أوراق صغط قد تستخدمها وثؤثر بها على دول الحصار. نرصد أهمها في السطور التالية
غاز الإمارات من قطر
الإمارات، هي واحدة من الدول الخمس المقاطعة لقطر وتتههما بتمويل الإرهاب، ومع ذلك فـ30% من استهلاك الغاز الطبيعي للإمارات، يعتمد على صادرات قطر.
وبالتالي فإن 40% من استخدام الإمارات للكهرباء يعتمد على الوقود الذي تستخرجه من هذا الغاز الطبيعي المصدر لقطر. وكل هذا يعني أن الإمارات ستكون في خطر حقيقي إذا قررت قطر استخدام الغاز الطبيعي كورقة ضغط.
لكن تقارير إعلامية تحدثت عن أن قطر قد تلوح بهذا إذا استمرت الضغوط عليها؛ فقطع الغاز تماما عن الإمارات يعتبر إعلان عن حالة حرب.
وتصدر قطر الغاز إلى الإمارات من خلال مشروع «دولفين» وهو مشروع مشترك بين قطر والإمارات وعمان. وتسعى قطر لإمداد المشروع لدول أخرى.
العاملة المصرية في قطر
رغم كونها دولة صغيرة مقارنة بمساحتها وعدد سكانها، إلا أنها من أكبر الدول العربية في مجال الاستثمار، وقد جاءت في المركز الثاني لأعلى معدل نمو اقتصادي في العالم.
تعتمد قطر في هذا الاستثمار الضخم، على العمالة الوافدة من جنسيات مختلفة؛ حتى إن هذه العمالة تشكل أغلب سكان قطر، مقارنة بالمواطنين الأصليين الذين يشكلون نسبة 12.10 % فقط من السكان.
ومن بين الدول الخمس المقاطعة لقطر، تحوز مصر على النسبة الأكبر في عدد العمالة والذي يتجاوز الـ 200 ألف عامل.
ومنذ إعلان هذه الدول عن قطع علاقاتها بقطر وقد ظهرت مخاوف بالفعل حول مستقبل العمالة المصرية.
وبينما يطمئن رئيس شعبة إلحاق العمالة «حمدي إمام» في تصريحات صحفية؛ بأن قطر لا تستطيع الاستغناء عن هذا العدد الضخم من العمالة المصرية والذي يشارك في مشاريع استثمارية هامة، لكن تقارير أجنبية اعتبرت أن هناك قلق بالغ حول تسريح العمالة المصرية واستخدامها كورقة ضغط؛ في وقت تعيش فيه مصر أزمات اقتصادية خانقة، ويسعى المصريون لبحث عن فرص أفضل بقطر وغيرها من الدول؛ وفقا لـ«رويترز».
السعودية وخطورة الحدود البرية
تقارير إعلامية كثيرة تحدثت عن الخسائر الاقتصادية الذي سيصيب قطر بعد إغلاق معبر أبو سمرة الحدودي مع السعودية، وهو المعبر البري الوحيد لقطر؛ والذي تستورد من خلاله
40% من احتياجاتها الغذائية؛ بالإضافة إلى العديد من مواد البناء من خرسانة وصلب والتي تعتمد عليها قطر في مشروعاتها الخاصة باستضافة كأس العالم 2022.
وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية وقطر 7 مليارات ريال سنويا.
هذه الأرقام تشير إلى أن السعودية ستكون طرفا في هذه الخسارة أيضا.
قد يبدو من الوهلة الأولى أن السعودية وهي أكبر دولة في العالم في إنتاج النفط، لن تتأثر كثيرا.
لكن بالنظر إلى الاقتصاد السعودي فهو يشهد حالة من التراجع، دفع المملكة إلى اتباع سياسة التقشف الاقتصادي؛ لتقليل إنفاق الحكومة بعد تراجع أسعار النفط، وخسائر السعودية بعد تورطها في حرب اليمن؛ وفقا لـ«بي بي سي».
وهذا ما دفع السعودية إلى توقيع استثمارات ضخمة مع الولايات المتحدة الأمريكية كجزء من خطتها بتجاوز الأزمة وإيجاد بدائل اقتصادية لنفط.
استثمارات البحرين
رغم الخلاف السياسي بين قطر والبحرين لكن حجم التبادل التجاري بين الدولتنين يصل إلى 6% من التبادل الاتجاري بين قطر ودول الخليج؛ لتنضم بذلك البحرين إلى الإمارات والسعودية كأكبر الدول المصدرة.
وتحصل البحرين على المرتبة الأولى في تصدير الوقود لقطر.
كما تصدر لقطر سلع أخرى مثل المواد الغذائية والأخشاب والحديد الورق؛ هذا فضلا عن إيقاف الرحلات الجوية بين البلدين.
وإن كانت قطرتحاول إيجاد بدائل من خلال الدعم الذي تقدمه لها تركيا أو توطيد علاقتها بدول أخرى؛ لكن هذا يعني أن البحرين قد تخسر استثماراتها في قطر؛ إذا قررت الأخيرة إيقاف التعامل الاقتصادي تماما بعد الأزمة.
وهو الشيء الذي لن يكون جيدا للاقتصاد البحريني الذي يواجه حالة من التقشف أيضا تتبعها الحكومة، وتبعها إلغاء الدعم عن السلع الأساسية؛ بسبب تراجع أسعار النفط أيضا.
ويقول تقرير لوكالة «رويترز» أنه على الرغم من أن استثمارات دول الخليج بقطر تعتبر ضعيفة مقارنة باستثمارات قطر مع الدول الأوروبية، لكن هذه الأزمة قد تؤدي إلى ضعف ثقة المستثمرين ككل في دول الخليج؛ خاصة أن البورصة قد شهدت تراجعا بهذه الدول مثل البحرين والسعودية؛ والذي قد يؤدي مستقبلا لخسارة مليارات الدولارات.
——————————————————————————————
شركاء قطر الاقتصاديين
كما أن تعرّض قطر للخطر العسكري هو أمر وارد، وبرعاية الولايات المتحدة نفسها التي تحرك حلفائها دون أن تورط نفسها باللعبة؛ والتي تسعى مع العام 2024 لأن تكون أكبر مصدر للغاز الطبيعي وغاز الهليوم؛ وهي التجارة التي تتنافس فيها قطر وأمريكا حاليا، كما تنقل شبكة «روسيا اليوم» عن صحفية «إيزفيستيا» الروسية.
دخول قطر في حالة حرب يعني ارتفاع أسعار غاز الهيليوم المستخدم في مجالات هامة مثل الفضاء والإلكترونيات والفيزياء والآشعة الطبية؛ وبالتالي سيؤثر هذا سلبا على شركاء قطر الاقتصاديين، وبالأخص دول صناعية رائدة مثل الصين.
وبذلك تصبح قطر لديها ورقة ضغط قوية؛ فالمساس باقتصاد قطر يعني المساس باقتصاد دول هامة خارج الخليج العربي؛ وبالتالي سيكون لدى قطر العديد من المدافعين عنها، وبالأخص في حالة نشوب نزاع عسكري؛ وفقا لـ«إيزفيستيا».
بريطانيا تعتمد اقتصاديا على قطر
«قطر تساعد بريطانيا على الخروج من أزمتها».. كانت هذه رؤية الصحافة الأجنبية لحجم الاستثمارات التي قررت قطر الدفع بها في بريطانيا بعد قلق المستثمرين من خروجها من الاتحاد الأوروبي؛ وقد بلغت هذه الاستثمارات 6.3 مليار دولار.
لم تكن هذه هي المرة الأولى بالطبع، فحجم الاستثمار القطري في بريطانيا يبلغ 30 مليار دولار، وتصل نسبة قطر في بورصة لندن إلى 20%.
وبالنسبة لصادرات الغاز الطبيعي فإن بريطانيا تحصل على 90% من احتياجها من قطر؛ وفقا لـ«رويترز».
هذا يعني أن قطر قد ضمنت دولة بحجم بريطانيا والتي تعتبر خامس أقوى اقتصاد في العالم إلى جانب قوتها السياسية؛ كورقة ضغط كبرى في أزمتها مع دول الخليج ومصر.
بريطانيا قد انضمت بالفعل إلى مجموعة الدول التي تقود المفاوضات بين قطر والدول المقاطعة؛ إلى جانب دول أخرى كبرى مثل روسيا وفرنسا وأمريكا.
أمريكا تدعم قطر.. في الخفاء
بينما ظهر «ترامب» في بداية الأزمة سعيدا بجهودة في القمة الخليجية ومحاربة الإرهاب، التي ظهرت في محاصرة قطر، كما أوضح حسابه الرسمي بـ«تويتر» حينما قال أنه عندما تحدث عن تمويل الإرهاب بالقمة الخليجية، أشار الجميع إلى قطر.
كان يبدو أن موقف الولايات المتحدة سيأخذ جانبا معارضا لقطر، حتى بدأت الخارجية الأمريكية في تصدر المشهد لنجدها في البداية تطالب قطر بوقف تمويل الإرهاب، ثم يتغير موقفها لمطالبة الدول المقاطعة بسرعة حل الأزمة.
أما بالنظر لتحركات الولايات المتحدة الفعلية تجاه قطر، فسنجد أنه بعد ثلاثة أيام فقط من إعلان الدول الخمسة المقاطعة أن قطر قد وقعت مع أمريكا صفقة بقيمة 12 مليار دولار لشراء طائرات «إف ـ 15». وهي الخطوة التي اعتبرتها قطر دعم عميق لها في أزمتها.
ولم تمر إلا أيام قليلة حتى أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية سفينتين حربيتين للمشاركة في تدريب وتمرين مشترك مع القوات القطرية.
بعض المحللين اعتبروا أن الخلاف في الإدارة الأمريكية قد يكون تخبطا مقصودا للخروج بجميع المكاسب؛ وفقا لتقرير «دويتشه فيله».
قواعد عسكرية تحمي قطر
منذ الأيام الأولى لإعلان مقاطعة دول الخليج ومصر لقطر؛ وقد وافق الرئيس التركي على إقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر.
المفاوضات على إنشاء هذه القاعدة لم يكن وليد اللحظة، فقد بدأت الاتفاقية في أكتوبر 2015؛ لكن الموافقة الرئاسية عليها في هذا التوقيت حملت رسالة قوية بدعم قطر؛ خاصة مع تقديم المساعدات الغذائية بعد المقاطعة.
كل هذا يشير إلى دعم متكامل توفره تركيا لقطر، وهو الأمر الذي أقلق الدول المقاطعة وطالبت تركيا بالتراجع عن إنشاء هذه القاعدة، وهو الأمر الذي اعتبره أردوغان عدم احترام لتركيا.
تتواجد بقطر أيضا القاعدة العسكرية الأمريكية والتي تعتبر من أقوى وسائل الحماية، وفقا لقائد القوات المصرية بحرب الخليج، اللواء «محمد علي بلال» في حديث سابق لـ»شبابيك».
يستبعد «بلال» كذلك أن تتعرض قطر لضربة عسكرية من أي طرف، فالحصار الاقتصادي أو المقاطعة لا يعني الدخول في حالة حرب، حسب قوله.