6 أسباب وراء تراجع التفاعل العربي مع القضية الفلسطينية
رغم الاعتداءات الأخيرة التي مارستها قوات الإحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى وإغلاقه في وجه المصلين لمدة يومين، لم يلق الأمر رد فعل قوي في مصر أو الدول العربية، حيث تمثل موقف أغلب الدول في إصدار خطاب يستنكر ما حدث.
ولم يختلف الموقف الشعبي كثيرا، فلم يكن هناك أي تفاعل جماهيري أو شعبي في مصر مثلما كان الوضع في السابق، ولم تخرج مظاهرات للتنديد بما حدث سوى في الأردن والجزائر، فلماذا تراجع التفاعل مع القضية الفلسطينية قي مصر والدول العربية؟
الربيع العربي
تراجع القضية الفلسطينية لدى مصر والدول العربية ارتبط بثورات الربيع العربي، حيث فرضت هذه الثورات نفسها على الساحة العربية والدولية أيضا، وأصبح التمسك بها ومواجهة أعدائها الشغل الشاغل للشعوب وفقا لأستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي. وبالتالي تحولت القضية الفلسطينية إلى حدث لحظي أي أن الحديث عنها أصبح مرتبط بوقوع أحداث أو اعتداءات من قبل الإحتلال الإسرائيلي فقط.
الانشغال بالوضع الداخلي
حروب أهلية، وأزمات اقتصادية، وعمليات إرهابية وغيرها من القضايا والمشاكل السياسية التي تعاني منها دول الربيع العربي بعد ثوراتها، كل ذلك كان له الأثر أيضا في تراجع الاهتمام المصري والعربي بالقضية الفلسطينية، سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي.
يوضح أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: «بعد الربيع العربي انغمست الدول العربية في مشاكلها وقضاياها وأزماتها الداخلية، وبالتالي حلت هذه القضايا محل القضية الفلسطينية».
تبدّل أولويات الإعلام
وسائل الإعلام لها دور كبير في زيادة التفاعل الشعبي مع قضية ما من عدمه، فكلما زاد اهتمام وسائل الإعلام العربية بالقضية الفلسطينية زاد اهتمام الشعوب العربية بها، وبالتالي تأتي وسائل الإعلام ضمن الأسباب التي أدت إلى تراجع التفاعل الشعبي مع القضية الفلسطينية، فهي لم تعد من أولوياتها مثلما كان الوضع في السابق.
عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق الدكتورة ليلى عبد المجيد ترى أن المنطقة العربية أصبحت مليئة بالأحداث والقضايا الأخرى كالقضية السورية، والأحداث الدائرة في ليبيا، وغيرها من القضايا التي فرضت نفسها على وسائل الإعلام العربية.
المسجد الأقصى.. 6 أفلام تحكي تاريخ الاعتداءات والهدم
وتابعت: من الطبيعي أن تتناول وسائل الإعلام القضايا الأكثر إلحاحا وتركز عليها بشكل أكبر، لكن جاء ذلك على حساب القضية الفلسطينية فقلّ اهتمام وسائل الاعلام بها ولم يعد هناك تغطية إعلامية مستمرة حول الانتهاكات الإسرائيلية، وبالتالي تراجع اهتمام الشعب العربي بالقضية.
وربما كان لوسائل الإعلام المصرية دور آخر في تراجع التفاعل الشعبي المصري تحديدا مع القضية الفلسطينية، فالكثير منها ربط بعض العمليات التي شهدتها سيناء بعد ثورة 25 يناير بجماعات فلسطينينة مسلحة وحركة حماس، الأمر الذي أدى إلى تراجع التعاطف المصري مع الفلسطينين.
ربط العرب بالإرهاب
رد فعل المسئولين العرب عن الاعتداءات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني أصبح يقتصر على إصدار خطابات استنكار فقط، دون اتخاذ خطوات فعلية لحل القضية الفلسطينية.
وترجع عميد كلية الإعلام السبب في ذلك إلى أنه مع ربط الإرهاب بالدول العربية لم يصبح للحكام العرب صوت مسموع لدى الهيئات الدولية الكبرى كالأمم المتحدة مثلا، وبالتالي لم يعد بإمكانها اتخاذ أي خطوة سوى إصدار خطابات فقط وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية.
انحصار الحريات
تراجع المناخ السياسي خلال الآونة الأخيرة بعد أن كان قائما على التعددية عقب ثورات الربيع العربي في 2011، إصافة إلى سيطرت الأنظمة الحاكمة على حريات الشعوب التي لم تتحول أسلوب المعارضة فيها إلى العنف بعد، الأمر الذي خلق حالة من الخناق للمجال العام مما يتعذر معه حرية تنظيم الاحتجاجات والفعاليات الجماهيرية.
غياب الإسلاميين
ارتبطت القضية الفلسطينية منذ عشرات السنين بعقيدة المسلمين، وتعامل معها تيار الإسلام السياسي كقضية محورية خلال عقود مضت عبر تنظيم الاحتجاجات ودعم المقاومة الفلسطينية ماليا والضغط السياسي على الأنظمة والمؤسسات الرسمية.
غير أن التراجع الذي يمر به أنصار التيار الإسلامي خلال السنوات القليلة الماضية خاصة في مصر بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان وانحصار دور الإخوان في بعض البلدان المحورية كالأردن، أدى إلى تراجع التفاعل الجماهيري مع القضية الفلسطينية.