شاب أسواني يأخذك إلى «سحر النوبة» بلوحاته
يقولون إن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فما بالك لو كان المعلم هو الأب المحب والفنان.
تربى الشاب الأسواني محود سليم في أرض السحر بأقصى جنوب مصر، يعمل في إحدى شركات الصرافة بالقاهرة لكن هواياته بعيدة عن حسابات الأموال الغارق فيها طوال وقت العمل، فيهرب من ضغوطها بحسابات أخرى تمنحه السلام الروحي الذي طالما تمناه. محمود يُخرج إبداعا نوبيا على لوحاته الخشبية.
حلم الفنون الجميلة
طوال سنوات دراسته أراد أن يلتحق بكلية الفنون الجميلة إلا أن اختبار القدرات حرمه من دراسة ما يحب وتنمية موهبته، فالتحق على مضض بشعبة النظم ومعلومات الحاسب الآلي بالمعهد الفني التجاري بأسوان.
الصدمة والإحساس بضياع حلمه أفقده الثقة وأوقفه رغما عنه عن الرسم طوال سنوات دراسته بالمعهد.
تنمية الموهبة
«خلصت معهد وماكنتش برسم وبدأت ارجع للرسم تاني وحده وحده وكان رسمي كله بالرصاص وألوان الخشب» كانت هذه عودته للرسم بعد التوقف.
في أوقات الفراغ بدأ بالبحث على الإنترنت وتعلم أنواع وخامات جديدة من الألوان، يقول: «بدأت أدوّر على أنواع وخامات جديدة زي ألوان الزيت والأكريليك وغيره بس فضلت الشغل بالأكريلك».
بعد الوصول لمرحلة جيدة في الرسم والتمكن إلى حد ما شارك في العديد من المهرجانات الفنية وعرض لوحاته في مهرجان حرف مصر في ديسمبر 2016.
إلى جانب المشاركة في المهرجانات فكر محمود في استغلال السوشيال ميديا في الترويج لإنتاجه فأنشأ صفحة «بهجة» على فيس بوك ويعرض فيها لوحاته الفنية.
الأب وبداية الطريق
الأب المربي كان فنانا نوبيا لم يتعلم الرسم في مدارس أو كليات بل كانت أرض النوبة أفضل من «دافنشي ومايكل أنجلو» مجتمعين، فزرعت فيه الموهبة ليرسم طريق ابنه الصغير نحو الفن النوبي، يقول محمود: «أنا اتعلمت رسم من وانا في ابتدائي من والدي الله يرحمه كان بيرسملي أي حاجه اقوله عليها».
«كنت برسم طيور ومناظر طبيعية وطبيعة صامتة وحيوانات» هكذا يقول محمود عن بدايته في طريق الفن، إلى أن اختار نوعا جديدا حاول من خلاله توصيل ما يجهله كثير من المصريين في حين أن الأجانب يسألون عن النوبة وثقافتها بشكل ملحوظ على حد قوله.
لماذا الفن النوبي؟
التجاهل الكبير المحيط بالنوبة وفنونها المتعددة والغير منتشرة دفعت الشاب البالغ من العمر 27 عاما للتخصص في نقل حضارة النوبة وعاداتها المفقودة في المجتمع المصري بريشته وألوانه «أنا اتجهت للرسم النوبي في التابلوهات لأنها مش منتشرة، حبيت أبين جمال النوبة في اللوحات والقرى وألوان البيوت وجمالها، علشان حسيت إنها هتبقى حاجه مميزة لأنها مش واخده حقها في مجال الرسم مع العلم إن طبيعة النوبة كلها ملهمة وألوانها كأنها لوحة فنية مع النيل».
ويوضح أن الذي ساعده على التخصص في هذا النوع من الفن هو بيئته التي تربى فيها «من الحاجات اللي خلتني أتجه للفن النوبي إني اتربيت هنا وعشت وسط الجمال ده».
الطموح
يسعى محمود لتطوير موهبته وزيادة رصيد رسوماته حتى يستطيع فتح «جاليري» خاص به وتسويق أعماله لشركات داخل وخارج مصر.