كاميليا إيهاب تكتب: شغف لكُل تسعة أشهر

كاميليا إيهاب تكتب: شغف لكُل تسعة أشهر

مات الشغف، إنطفئ نُور الروح، كان لدي دافع ولم أعلم أين ذهب!

هل أذنبت؟ هل أنا من لم أستغل الفرص جيداً؟

هوناً على نفسك وأستمع لهذا الرأي الصغير.

طالما أحببت هؤلاء الأشخاص الذين يتفننون في صياغة كلماتهم فيغزلون نسيجاً ناعماً يُدثر أطراف أعصابك التي أصابها صقيع التشتت، وظننتني مِنهم بشكل كبير فأخذت أصيغ كلماتي وأضعها في قوالب لغوية مُعينة لأغراض شتي وأتخذت منها وسيلة لإدخال السرور علي قلوب مَن يحيطون بإطار عالمي، وعلي صَعيد أخر أتخذت تلك الصياغة إفراغ لِما ما لا تَبوح به نفسي -و ما أكثره!-، أعتقدت أنني سأستمر في هذا أعوام عديدة، وسأسطر بعض الكلمات لأمي في كُل صباح وأضع بعضها لزوجي أسفل وسادته وأنهي كُتباً أعبر بها عن حبي لبنو دمي (أطفالي) ليجدوا ما يرونه لأحفادهم عني وأبقي كالذكري المُخلدة.

ولكنه الشغف يا عزيزي، قَد يَضرب بما هيئته في عقلك عرض الحائط ويقول لك «أنضج! هل ستظل في هذا القالب الصغير؟»، فأستوعبت أنني سأستطيع التعبير بكافة الطرق من الاهتمام والفعل وأن القول مني لن يَشفي جراح أمي ويُهدئ أوجاعها ويُعيد إليها صحتها الواهنة، وأن كوب من الشاي مع ابتسامتي لزوجي وأنا اُربت علي رأسه عند إيقاظه في نهار يومه ومشاركته مسيرة الحياة عُسراً ويسراً أفضل من مجموعة (محمود درويش) الشعرية، وأن اهتمامي ببناء أبناء أسوياء أنصت لهم وأغرس بهم كياناً مختلف سيكون فضلاً وفخراً مُخلداً يتحفظون به وأن مقولة «أرتوينا بالكلام وبالفعل مُتنا عطشاً» أو بالعامية «الكلام ببلاش ميأكلش عيش» صحيحة.

أيقنت ايضاً شيئاً مهم في لحظة كتابة هذا النَص، أن الشغف لا يضيع ولكنه ينمو معناً ويتغذي كالجنين في الحشا، لكن ليس علي الطعام والعظام، بل أنه يتغذي على الوعي، المعرفة، مرحلتك العمرية، حاجتك الشخصية، دائرة معارفك، مقابلة مواقف جديدة في الحياة، وأخيراً «إمكانيات الواقع».

الشغف يتجدد ولكن ليس في نفس الهيئة، يُولد كل تسعة أشهر كوليد جديد، مُختلف السُبل والأساس هنا أن تعيشه وتأخذ منه ما ينفعك لتُكمل به، عندما ينمو ابنك أمامك ويصعد من مرحلة الرضاعة إلي الطفولة المبكرة ثم الطفولة المتأخرة ويليها المراهقة، الشباب، الهرم .. لم يَمُت ابنك وإنما يكبر، عندما تري تغيُر إهتماماته من ألعابه الصغيرة إلي بحثه عن الزواج، لم يَمُت ابنك إنما نَضج ..

وهكذا .. لم يَمت شغفنا وإنما تجدد وجدد سبيله، في كُل تسعة أشهر.

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع.

 

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر