منة رستم تكتب: مجهول لذاتك

منة رستم تكتب: مجهول لذاتك

تقول «حقآ لم أعد أقدر قيمة الحياة التي يتغنى بها كل مُدعي، وأنها منحة وأنها فرصة وأنها جميلة وأنها أنت يا حبيبي.. لم أعد أصدق تلك الوعود ولكن في الوقت ذاته أنا لم أكف عن اعتبارها كذلك !!»  في ازدواجية قد لا يفهمها إلا من فهم أن قانون التضاد هو قانون الكون وأن التناقض في النفس البشرية فريضة.

 تكرر في عبارات هيستيرية «أنا لم أعد أشعر إنني الضحية بعد.. أنا قد أكون ذلك المجرم الذي فتك بحيوات الأخر، تارة بكلمة جارحة ظل متلقيها يندب ويجلد ذاته لأسابيع متواصلة، فتم تهديد جدار روحه ألالاف المرات، وترياق الدموع جف ولم يعُد يجدي.  قد أكون أنا المغتابة، وأكون أنا اللعينة حين نعتها يومآ ما بالمنحلة.. قد أكون أنا المغادرة لحبيب ومن تركت جرحآ عانى منه حتى تم شفاءه بأعجوبة وقصة حب جديدة ..»

«ربما لم ألحظه فكان تهميشه أمر لا يعني لي شئ، فقط شعرت بأن العالم يملأه القسوة حين تجاهلني أحدهم، أو نعتني أخر بأني سمينة بعض الشئ، أو حينما قالت تلك إنها لا تحبني وأن ذلك من دون أسباب.. لم أغفر لها ذلك على الإطلاق ونعتها بالحقودة التي شئ أسود في نفسها حتى تكره ملاك مثلي، مكملة تلك التمثيلية بأن النور الذي بداخلي لا يجذب الشياطين أمثالها.. مبررات وصياغة قد تسكن آلالام الضمير لفترات ليست فقط طويلة لكن أبدية ..»

أنا أريد أن أخبرك أن السطور الماضية لا تعني أنها أصبحت ذاك الشيطان، وأنك أنت الملاك، فمجرد زهوك بذاتك يصنع تكبر قد يعيب ملائكيتك وصفائك، الأمر لا يحتمل الأحكام فبكل أوزارنا لا تحمل وازرة وزر أخرى ومع ذلك تُقيم على الحد وأجلدُك في تبادل... دعني أقص عليك ما يلي وهي مواقف حقيقية..

 كان يحكي لها صديق وهو يشكو «لم أكن ألحظ عظمة قدري عند الله وهواني على الناس إلا عندما تغافلت عن صلاة الفجر في أحد الأيام، واتبعت قول رسول الله (ص) كل أمتي معافى إلا المجاهرين، فكنت أخفي عن عائلتي المتدينة أو أصدقائي أصحاب اللحى، ويتحقق لي الكبر بطاعة تخلفت عنها أمام أصحاب الهمم المتدنية.. لم يعلم أحد ذلك ولم يكن الأمر مؤلم ما دام لا يهدد صورة الشيخ عبد الرحمن، آهل للذكر لدى كل من سأل».

ويومآ ما تركت صلاة العصر في المسجد لذات الفترة التي تخلفت عن صلاة الفجر وذلك قرابة شهرين، تخلفي يومها كان لأمر في نفسي، ولكن تُرى ما حدث، أشيع أن اتجاهاتي ومعتقداتي الدينية اختلفت وإني لم أعد آهل للمشورة، أو تلك النظرة التي صارت تؤلمني كلما مررت ببعض الناس، نظرات تحمل احتقار، ونظرات تحمل الأسى على حال شاب كان يُضرب به المثل.. لم أكن قادر على توضيح الأمر ولكن ظللت أدافع عن ذاتي في ذاتي أكرر كلمة واحدة «كنت أصليه في مسجد أخر، وكان ذلك لشئ في نفسي: وهو أن تسنح لي الفرصة في مقابلة ناس جدد ومعاونة عدد أكبر» نية صالحة، ونفوس تراقب طالحة ..

وقال صديق أخر لها أحدهم تخاذل ذات مرة عن مساعدة صديق، الحقيقة أنه آثر مصلحته وكان أناني لحظة، إتخاذ القرار، إنه لم يُكن يومآ كذلك ولكنه فعل.. صديقه لم يُقدر ما سبق وأخذ يردد في كل حديث واجتماع أن صديقه لم يكن يومآ وفي، لم تصادف مرة وكان سندآ حقيقيآ، أخذ يردد أن صاحبه مخادع كان يتصنع المعروف، عندما سهر بدلآ منه في العمل حين دخلت والدته المشفى، أنه تصنع ذلك حين بلغ إنتظاره له في ساحة المطار 7 ساعات أو أكثر وأنه تصنع عندما كان يستمع لشكواه، لكنه كان حقيقي فقط عندما احتفظ بمعلومات عن وظيفة جديدة كان من المحتمل أن ينجح فيها صديقه، ما كم الأنانية والبشاعة التي صدرت عنه !!

 فإن كنت ترى ذلك الجانب أيضآ فقط فلتعود لذاتك وتوجه نظرك لأشياء في معناها الأكبر، ولا تكن حسيبآ على أحد كما لم تكن يومآ نذيرآ لأحدهم ...

أنت لست الرقيب، وأنت لست الكامل دوننا، وأنت لست السئ ذاك الذي لا توبة له، فجميعنا في كنف الله سواسية حتى يزيل ستار السرائر.. فلا تجد في نفسك حرج ولا تكن لغيرك درج يتسلقه ليدعي الفضيلة ..

 

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع
 

الكلمات المفتاحية

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر