نهال عبدالله تكتب: سليم يحب شذى.. ولكن
ليست كل المشاعر التي تنقصنا، هي مشاعر الحبيب، فهناك مشاعر قد تجعل المرء يجن من عدم وجودها مثل: مشاعر الصداقة النبيلة، مشاعر الأبوة والأمومة الحنونة، مشاعر الأخوة الحقيقية، مشاعر صلة القرابة الصحيحة أي مساعدة بعضكم لبعض، ومشاعر النجاح في الدراسة العمل أو الحياة ككل، ولكن في عصرنا هذا أهم ما يفكر به الجميع هي مشاعر الحبيب، وهنا تَكمُن الكارثة.
كثيرًا ما نرى علاقات عاطفية بين الشباب والفتيات وأصبح الأمر يزداد سوءًا يومًا بعد يوم فأنت لست قادرًا على إيقافهما ولا قادرًا على فهم تفكيرهما في الأمر، ولا معرفة كيف فكرا في ذلك أو الدافع لذلك، فربما الفراغ القاتل هو السبب أو قد يكون عدم اتباع الدين بالصورة الصحيحة وانعدام التربية القويمة أو ربما الأمر كله يكمن في الصغر أي نابع من الطفولة ففي مشهد متكرر نراه في كل منزل وبين جميع الناس أم طفل صغير تمازح أم طفلة صغيرة قائلة «أنا هأخد شذى بنتك لسليم ابني»، فترد الأخرى ضاحكة «وأنا هلاقي زيه فين؟» وتتعالى الضحكات الساخرة.
وبمرور هذا المشهد أمام الصغيرين شغل هذا في عقلهما عدة أسئلة أهمها (ما هو الزواج؟ ما هو الارتباط؟)، والدليل على ذلك كثرة أسئلة الأطفال في أمر «كيف أتوا إلى هذا العالم؟» وهو السؤال الأكثر إحراجًا للوالدين، لكن وعلى الرغم من أن كل ذلك مجرد كلام عادي لكنه قد يتطور إلى الأمر الذي يُصعب السيطرة عليه.
لذا اللافت للنظر حقًا تطور هذا كله إلى ما يسمى بـ«الصحوبية» وهو مصطلح عامي يطلق على الفتاة والشاب التي تنشأ بينهما علاقة إعجاب وحب لكن من دون علم الأهل فقد أصبح الأمر شائعًا جدًا خاصة في المجتمع الشبابي، ولديه معانٍ كثيرة «فيقول الشاب أنا مصاحب وتقول الفتاة انا مصاحبة» ويا لها من كلمات ركيكة ويا له من معنٍ مقرف.
فنرى الصغيرين قد كبرا وأصبحا «متصاحبين» ولكن من دون علم أمهاتهما فصارا يخرجان سويًا ويذهبان هنا وهناك ويمزحان مع بعضهما بالأيدي وقد تطور الأمر إلى أن أصبح في غاية السوء، وأنتم بالتأكيد تعرفون غاية السوء وتوابعها.
فبعدما صار ذلك أصبح سليم في حيرة من امره أيتزوج «شذى» حب حياته أو يتركها لأن رجولته لن تسمح له بالزواج من فتاة سمحت له بتخطي الحدود منذ البداية، وماذا عن شذى ما مصيرها؟
ففي مثل هذه المواقف دائمًا ما نرى أن معظم الشباب يتركون الفتيات اللاتي سمحن لهم الفرصة لذلك، ويبحثون عن فتاة صالحة ومتدينة لم تفعل هذا ولن تفعل لأنها محترمة فيصبح لدى الشاب زوجة صالحة تربي أطفاله تربية جيدة وقويمة فلا يخاف شيء ويصبح سعيد، وكما نرى الشاب لا يرفض فقط الفتاة الضائعة لحقها بل أيضًا من يحادثها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وغيرها، ويرى أنها ما دامت تركته يتحدث إليها، إذن تركت قبله يتحدث إليه وهكذا، ناهيكم عن تحدثه عليها أمام أصدقائه الشباب على كونها رخيصة وسهل التلاعب بمشاعرها، غبي هوا من يظن أن الأمر سيمر مرور الكرام ومن دون حساب.
لكن هذا «هراء».. من يفعل ذلك سيشرب من نفس الكأس الشاب سيتزوج من فتاة توهمه بأنها جيدة، وسوف تكون أسوأ مما يظن والفتاة ستتزوج من رجل تظنه على أخلاق، ولكنه أبغض مما تتوقع لأن الله لا يضيع حق أحدًا، وسيضع كل شيء في مكانه الصحيح، لذا إذا لم تتب توبة نصوحة إلى الله، ثق تمامًا أنك واقعًا لا محالة في التهلكة.
وكما أنه الجدير بالذكر أيضًا أن مصطلح «الصحوبية» لا يقف عن الشباب الصغار، فهناك كبار متزوجون يفعلون ذلك بل ويرون أنه من حقهم كمثل رجل زوجته تهتم زيادة بأطفالهما، وتهمله أسبوع يصبح سريعًا ما يشعر بالوحدة ويريد من يحادثه ويلبي رغباته، على الرغم من أن الواجب على الرجل أيضًا مساعدة زوجته في تربية أطفاله ورعايتهم بدلًا من أن يفعل ذلك، وهناك سيدات أيضًا يلجأن لذلك ولكن في مواقف قليلة لأن ذلك بطبيعة المرأة الصافية أو الأقل خبثًا وشهوة، خصوصًا فيما يتعلق بمثل هذه الأمور، مما يؤدي إلى نشأ خلافات بينهما تنتهي أحيانًا بالطلاق بين المرأة والرجل وتصبح الأسرة مفككة وتنتج أفرادًا سيئين في المجتمع مما يسبب ثغرة تفاهم بين جيل الوالدين وجيل الشباب ونصبح في دائرة مغلقة.
لذلك إلى متى نرى تجمعات الشباب والفتيات معًا أمرًا عاديًا إلى متى سنقول يجب ان يحدث ذلك حتى يتعارفون على بعضهم لبعض؟ حسنًا قد تكونوا على حق ولكن هل ربيت ابنك جيدًا؟ هل قمتي بتأهيل ابنتك لذلك؟ إن كانت إجابتك نعم فلا بأس اجعلهم ينطلقوا أم إن كانت الإجابة لا، فأنصحك بإعادة النظر في أمر تربيتك لهم وبنائهم بناء صحيح، حتى لا ينتهي أمرهم مثل: شذى وسليم.
ففي نهاية الأمر لم يتزوج سليم وشذى لأن «سليم» لم يستطع تقبل فكرة الزواج من فتاة سمحت له بأي شيء قبل زواج رسمي، و"شذى" فتاة ساذجة وضعيفة، ولم تستطع الصمود حتى النهاية فقررت ألا ترتبط بأي إنسان وتبقى هكذا حتى تموت وبالفعل بقيت وحيدة، ولكن على الجانب الآخر تزوج "سليم" محاولًة منه لتدارك الأمر بالزواج ظنًا منه أن الأمر سيكون أفضل ولكن تأنيب الضمير كان لا يتركه يومًا حتى أنه كان يفزع كل يوم من كوابيس كان يراها في منامه، ولم يرتح قط.
لذا..أنت لا تكن مثل «سليم» وانتِ لا تكونين مثل «شذى» لا تبحثوا عن مشاعر الحبيب باكرًا، توقفوا عن استهلاك مشاعركم لأنكم حينها ستندمون كثيرًا، ابحثوا عن النجاح في دراستكم عملكم، كونوا علاقات صداقة جميلة ومترابطة، والأهم حافظوا على دينكم واتبعوه بصورة صحيحة.