دعاء رمزي تكتب: ورجعت أقرأ «رجل المستحيل» بعد ما عديت الثلاثين

دعاء رمزي تكتب: ورجعت أقرأ «رجل المستحيل» بعد ما عديت الثلاثين

نعم تعدى عمري الـ30 سنة وقد بدأت في قراءة سلسلة «رجل المستحيل» مثل الكثيرين من أبناء جيلي ربما وأنا في 5 ابتدائي أو أولى إعدادي، وكنت شغوفة بها مثل معظمنا ومنبهرة بكل ما يأتي به الرجل العجيب أدهم صبري البطل الوسيم الذي أصرت معظم الفتيات على تسمية ابنهن الأول على اسمه.

أسلوب د.نبيل فاروق السلس ومعرفته التامة بنفسية جمهوره ومخاطبته لهم جعل من أدهم صبري رجل المخابرات المصري حلم يرغب الجميع في الوصول إليه، وفخر بأن هناك مصريًا يمتلك كل هذه الصفات الأسطورية.

وكل هذا مقبول في فترة المراهقة وما بعدها وربما حتى التخرج من الجامعة، حيث أهديت مجموعتي الثمينة بالكامل للجيل الجديد من العائلة، بعد أن بلغت 21 سنة، واحتفظت لنفسي بالأعداد الخاصة التي لم أستطع التنازل عنها، لكن أن أعود ثانية إلى قراءتها بعد بلوغ سن الثلاثين فهذا بالتأكيد هو العجيب.

وحقيقة بدأت قراءتها مرة أخرى لا لشيء إلا لتعينني على النوم السريع مساءً، إذ أني توهمت أن معرفتي التامة بكل قصة حيث قرأت الواحدة ما لا يقل عن 6 مرات، ستجعل الأحداث مملة بالنسبة لي ومعروفة وتساعدني على النوم، لكن ما حدث هو العكس، وجدتني شغوفة بمتابعة المزيد والمزيد منها، واستعيدها ثانية من ابن خالتي الذي أهديتها له، منذ 10 سنوات، والذي تخرَّج بدوره وابتعد عن السلسلة.

بالطبع شغفي بها ليس مثل ما كان في فترة المراهقة، وبدأت أنظر للعيوب في تسلسل الأحداث وبعض المبالغات التي لم أكن أنتبه لها، لكنها لا تزال حتى الآن شيّقة بالنسبة لي.

قد يقول قائل إنه الحنين لأيام المراهقة وخلو البال ومحاولة استعادة ذكريات ممتعة صاحبتني في هذا العمر ووجدت في رجل المستحيل فرصة لتذكرها، لكني أرى أنها حاجة فريدة للبحث عن مثل أعلى وبطل طال انتظارنا له كثيرًا في كل المجالات تقريبًا بلا استثناء، بعد أن أصبح الجيل الحالي بلا نموذج يربطه بالأرض، وأصبح كل هم الجميع بلا أي استثناء أن يهاجر لبلد غريب، تاركًا أرضه وعائلته ومنزله.

تصدمني كثرة الأنباء عن الراغبين في الهجرة من جميع المستويات وحتى ميسوري الحال، بل هم الفئة الأكثر هجرة الآن، ويرحلون ليس بحثًا فقط عن المادة، ولكن للأسف عن وطن بعد فشلهم في العثور على نموذج وقدوة يقتدون به ويُحببهم في الأرض، ربما هذا ذنبهم، وربما يقول قائلون أني أبالغ، وأن شباب مصر بخير ويحبون أرضهم وبلادهم، وهذا شأنهم، لكن ما أراه أن الشباب يزداد عزوفا عن بلده، ولم ير الآن إلا في لاعبي الكرة نموذجًا لهم، وهم نموذج جيد ولا شك، ولكن لن تُبنى البلاد بالتأكيد بلاعبي الكرة فقط، ولا بالالتفاف حول المنتخب.

أرغب في شغل الشباب بقضية حقيقية يشعرون بأهميتهم وهم يسعون لتحقيقها، فبعد انتهاء الاحتلالين البريطاني والإسرائيلي بات الصراع على لقمة العيش هو الشغل الشاغل للجميع، بأي شكل وفي أي مكان، لكن حب الوطن والتمسك به للأسف لم يعد كما كان، فهل نجد «رجل مستحيل» آخر يمد يد العون ويخرج الشباب من حالة الإحباط المتزايدة، أم نكتفي برجل مستحيل الثمانينات ربما نجد فيه بعض التعويض؟

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر