رئيس التحرير أحمد متولي
 سارة الليثي تكتب: رفقاء الحاجة

سارة الليثي تكتب: رفقاء الحاجة

الصداقة هي أسمى العلاقات، فربما تكون هي العلاقة الوحيدة التي يختارها الانسان بمحض ارادته، فحتى الزواج قد يتدخل فيه عوامل أخرى أبسطها النصيب، ولكن ليس هناك عوامل أو ظروف تجبرك أن تصادق إنساناً لا تميل إليه، لذا لا مبرر اطلاقاً لخيانة الصداقة أو نسيانها، وأحقر الناس على وجه الأرض أولئك الذين يخونون صداقاتهم في سبيل أي شيء أو علاقات أخرى زائلة، فالصداقة هي أبقى العلاقات، وهي التي تنم عن شخصية الإنسان وتثبت إرادته الحرة.

أحقر ممن يخونون صداقاتهم أولئك الذين يبنونها أساساً بهدف الخيانة لاحقاً، فهناك بعض الناس الذين يتقربون إلى الآخرين مدعين الصداقة بما تحمله من مشاعر راقية مقدسة بغرض الاستفادة من مراكزهم وتحقيق مصالح ما من خلال صداقتهم، وفور انتهاء حاجتهم تجدهم يبتعدون مولين ظهورهم لك، يبخلون عليك حتى بالسلام وسؤال بسيط عن الصحة والأحوال بعد أن استنزفوك وحصلوا منك على ما سعوا إليه، لا يحفظون معروفاً ولا يخجلون من نكران الجميل، هذا الصنف من البشر يسهل التعرف عليه لمن أراد أن يستجيب لعقله ولا ينخدع بمعسول الكلام.

فهذا النوع من البشر يتميز بدرجة عالية من النفاق، تجده يقابلك دون سابق معرفة سوى أنه يعرف مركزك الاجتماعي أو الوظيفي، فيغدق عليك بكلمات المديح والثناء، يعلي من شأنك حتى يخيل إليك أنك قد فتحت عكا وحللت مشاكل الشرق الأوسط مجتمعة وفعلت ما لم يأتي به أحد من الأولين ولن يتمكنه أحد من الآخرين، يتمتع بذكاء يجعله لا يصارحك بمأربه في أول لقاء، بل يصر على عدة لقاءات يغريك فيها بمديحه وتقديره وكرمه اللامتناهي سواء المادي أو المعنوي، حتى تدمن وجوده في حياتك ولا تستطيع أن ترفض له طلباً.

هذا النوع من البشر يتميز عن الباقي بأنه لا يحظى بأي نوع من العلاقات الحقيقية في حياته، فعلاقاته كلها مبنية على المصلحة فقط لا غير، وفور انتهاء مصلحته تنتهي معها علاقته، لا يملك أي مشاعر حقيقية لأي أحد حتى وإن كانوا أقرب الأقربين إليه، فعلاقاته كلها مبنية على «هات وخد» ولا قيمة للمشاعر عنده مادام لا يمكن صرفها على هيئة صكوك بنكية أو مساعدات وظيفية، يسهل التعرف عليهم لمن لا ينخدع بالكلام المعسول ويتعطش للمديح والثناء وإن كان زائفاً.

فكلما أدركنا ذواتنا وقدرنا جيداً صعب على أمثال هؤلاء استغلالنا واللعب على حاجتنا للتقدير وتفخيم قدراتنا، كلما أدركنا امكانياتنا جيداً كلما سهل علينا التفرقة بين المديح الصادق الذي هو مجرد امتنان وتقدير لا يسعى قائله لشي من وراءه سوى إحقاق الحق، والمديح الزائف الذي ينحدر إلى النفاق في سبيل الوصول لمآربه وقضاء مصالحه التي فور أن تنتهي ينقلب ذلك المديح إلى سب وقذف في سبيل إرضاء وكسب آخرين لتحقيق مصالح أخرى، هذا الصنف من البشر لا يستحق سوى الاحتقار والتجاهل.

وهو ما يحظى به فعلاً في نهاية عمره حيث ينفض الجميع من حوله، ويصبح غير ذي مكانة، وتنكشف ألاعيبه فلا يبقى أحد إلى جواره ليمضي سنوات شيخوخته وحيداً منبوذاً من مجتمعه، فهل الأمر يستحق منذ البداية؟!

هذا المقال مشاركة من كاتبه في إطار مسابقة «شبابيك» التي أطلقها في الذكرى الثانية للموقع

 

شبابيك

شبابيك

منصة إعلامية تخاطب شباب وطلاب مصر