فيلم «بلاش تبوسني» بين الفن والدين (مقال)
«أنا مش بحب اتباس إلا في سبيل الدراما»
وردت هذه الجملة في فيلم «جائنا البيان التالي» على لسان ممثلة تشرح مبدأ التقبيل أو «البوس» في الأفلام، وعلق الممثل محمد هنيدي على الأمر قائلاً « إذن حضرتك بتتباسي بوس هادف»، هذه اللقطة تشرح الكثير عن فيلم «بلاش تبوسني».
قضية التقبيل في الأفلام، حين يُصنع عنها فيلمًا كاملاً، كيف جاء تنفيذه؟، واختيار عنوانه الذي رآه البعض صادمًا، برغم اعتراض المخرج على هذه الصدمة، بسبب وجود أغنية للمطرب محمد عبد الوهاب باسم «بلاش تبوسني في عينيا».
تاريخ السينما المصرية.. كتب تلخص لك هذا العالم
فيلم داخل الفيلم
قصة الفيلم هي البساطة ذاتها، ممثلة إغراء شهيرة تصور فيلمًا مهمًا بعنوان «السراب»، وفي المشهد الختامي للفيلم ترفض الممثلة تقبيل زوجها، في البداية تتردد وتتوتر، ثم تتوالى المصادفات والحوادث لتمنع إكتمال القبلة، في حين يصر المخرج على تصوير المشهد.
الجدير بالذكر هنا أن اسم الفيلم «السراب» هو نفس اسم فيلم كلاسيكي بطولة ماجدة ونور الشريف من انتاج عام 1970 عن قصة لنجيب محفوظ، يحكي عن مشاكل حميمة بين زوجين في غرفة نومهما، وكأن المخرج يشير لهذا النوع من الأفلام بشكل عام.
القبلات والدين
تستسلم الممثلة لرغبة المخرج، وتكاد القبلة تكتمل ولكن يعلو صوت الآذان فجأة، تصرخ الممثلة مستغفرة ربها وتفر هاربة من موقع التصوير، معتبرة أنها إشارة من الله كي تنتهي عن هذه اللقطات، إلى جانب الكوابيس التي تزورها وتحكيها لشيخها فينصحها بالاعتزال.
هنا يبدأ في الفيلم جانبه الفكري، ويطرح سؤالاً على الجمهور أنفسهم: هل التقبيل في الأفلام شيء سيء؟، مع عرض لقطات التقبيل في أشهر الأفلام المصرية من نجوم أفلام الأبيض والأسود أو الأفلام الملونة، كما يظهر بعض صناع السينما بشخصياتهم الحقيقية مثل المخرج محمد خان والمخرج خيري بشارة ليشرحوا وجهة نظرهم بشأن التقبيل.
لهذه الأسباب.. تجنب تقبيل الطفل على الفم
وثائقية روائية
يجمع الفيلم بشكل جديد نوعًا بين نوعين من الأفلام، الفيلم الوثائقي أو التسجيلي الذي يشرح الفكرة أو العلم بشكل مجرد، والنوع الروائي الذي يعتمد على قصة وأبطال وأحداث، مع اللقطات الأرشيفية من الأفلام الأخرى، والحديث حول تقنيات السينما كالمونتاج والماكيير.
وفي الوقت ذاته، يسرد الفيلم وجهات النظر المختلفة حول التقبيل، من الناس العادية بعيدًا عن أهل الفن، وأخيرًا يناقش فكرة اعتزال التمثيل والحجاب، لم ينتصر الفيلم لفكرته بشكل واضح، وإن ذكر التناقض بين موقف الفنانة المحجبة والتي ترتدي باروكة الشعر بلا مشاكل.
الكوميديا طاغية
لم يقتصد الفيلم في مشاهده الكوميدية المبتكرة، والتي أتى بعضها بشكل حميمي أحيانًا نتيجة لموضوع الفيلم الحسي، أو في صورة شتائم بذيئة يحجبها صوت «تيت» كالعادة، لتخرج من الفيلم بأكثر من ضحكة في النهاية، هكذا ينتهي الفيلم تقريبًا في مدته التي بلغت ساعة وربع الساعة.
هذه الكوميديا هي سبيل الفيلم الأهم للجمهور العادي، ولأن الفيلم طبيعته وثائقية، شارك الفيلم في أكثر من مهرجان سينمائي، وهو التجربة الإخراجية الأولى لأحمد عامر الذي كتب السيناريو كذلك، بعد عمله في أفلام أخرى مثل «الشتا اللي فات» و«علي معزة وإبراهيم» التي نالت أكثر من جائزة.
السؤال
الطرح الجديد في الفيلم، والذي يجعله جديرًا بالمشاهدة مع الكوميديا الجديدة، هو العلاقة بين الفن الذي لا يعترف بالقواعد، والدين الذي يفرض تعاليم معينة، تسأل نفسك حتمًا بعد الخروج من قاعة السينما: هل أنت معه أم ضده؟، في حين أن ممثلاً شهيرًا يرفض أن يرى ابنته تقبل أحدًا في الأفلام، مع أنه فعل هذا كثيرًا.
المقالات المنشورة في فسم شباك تعبر عن رأي كاتبها وليس لشبابيك علاقة بمضمونها