مارلون براندو.. الأب الروحي الذي مدحته المافيا
حقق مسلسل «الأب الروحي» نجاحًا كبيرًا في مصر، وتقرر أن ينتهي في 300 حلقة على مدار 5 أجزاء، رغم تعرّضه لهجوم حاد في البداية نظرًا لأنه مقتبس عن سلسلة أفلام أجنبية شهيرة بنفس الاسم.
ولكن ما هي القصة الأصلية للمسلسل؟ ومن هو الأب الروحي الأول؟ الممثل الذي حاز جائزة الأوسكار عن دوره في الفيلم الأجنبي ورفض أن يتسلمها، وما قصته مع زعماء المافيا الذين جسّد شخصية أحدهم.
القصة الأصلية
تحكي القصة الأصلية للفيلم عن «فيتو كورليوني» زعيم المافيا الإيطالي الذي يدير عائلته بحكمة ودهاء كأنه «الأب الروحي» أو «العراب» للجميع، وتشمل أعماله المشبوهة نوادي البغاء والقمار، وفي نفس الوقت يتمتع بعلاقات سياسية قوية ونفوذ في البلاد، حتى بدأ الناس يطلبون منه خدمات خاصة لا تحققها لهم الحكومة.
للزعيم عددًا من الأبناء يختلفون في قبولهم لنشاط أبيهم، وأحدهم هادئ مسالم ليس له أي علاقة بالنشاطات الإجرامية، لكن بسبب اختلاف الأب الروحي مع رجال مافيا آخرين في الرأي، تشتعل الحرب بين الجميع، ويجد الابن المسالم نفسه في مكان القائد الذي يجب أن يحمي عائلته.
هذه القصة تعود في الأصل لرواية الأمريكي «ماريو بوتزو» بنفس الاسم عام 1969، والتي حطمت أرقام المبيعات لسنوات حتى استقبلتها السينما الأمريكية بترحاب، وأخيرًا قدمتها مصر في المسلسل الشهير عام 2017، بتغيير الأحداث لتناسب الواقع المصري، ليصير الأب الروحي المصري تاجر سلاح، وظل الهيكل العام قريب من الأصل.
الأب الروحي كان فاشلاً
الممثل الشهير صاحب دور الأب الروحي هو «مارلون براندو»، أمريكي من مواليد ولاية «نبراسكا» في 3 إبريل عام 1942، كان والداه عابثين بلا أي التزامات أخلاقية، مما جعله ثائرًا على الدوام ومشاغبًا، فطردته عدة مدارس التحق بها، ولم يستكمل دراسته في الأكاديمية الحربية لنفس السبب.
هكذا ارتحل الشاب إلى نيويورك، وهناك درس قواعد التمثيل على يد الأساتذة الكبار، ليبدأ مشواره الفني بأدوار صعبة، حتى أنه قضى شهرًا في المستشفى بلا حركة ليجرب شعور الشلل الذي سيجسده في أول أعماله، ثم أثبت جدارته حين حصل على الأوسكار بعد 4 أعوام فقط من انطلاقته، عن دوره في فيلم «الواجهة البحرية» عام 1954.
لكن «براندو» كان على موعد مع أهم أدواره في عام 1972، في فيلم الأب الروحي The Godfather، والذي فاز بـ9 جوائز أوسكار من أصل 29 ترشيحا، مع اختيار أغلب النقاد له كثاني أفضل فيلم في التاريخ، بحسب قاعدة بيانات الأفلام العالمية IMDB.
براندو في دور عمره
رغم مرور «براندو» بأكثر من تجربة سيئة في الأفلام قبل الأب الروحي، إلا أن المخرج أصر على إسناد الدور له، بكل ما فيه من صعوبة في الحديث والأداء، لأن زعيم المافيا في الفيلم مصاب في الحنجرة ويخرج صوته مختنقًا مبحوحًا، بالإضافة للمكياج المرهق والصعب.
أتقن «براندو» طبقة الصوت المطلوبة واستعمل أسلوبًا مميزًا في المشاهد، فلم يكن يحفظ الحوار كالعادة، وإنما وضع ورقة كتب فيها الجمل المطلوبة بجانب الكاميرا كي يقرأها مباشرة وكأنها المرة الأولى التي يقولها فيها، وهذا بحسب موقع «روتانا» السينمائي.
حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، وبلغت أرباحه 268 مليون دولار، أما «مارلون براندو» فقد تسلم رسالة من المافيا نفسها تمدح تمثيله، وتقول صراحة: لو لم تجسد الشخصية بهذه العظمة والاحترافية لكنا غضبنا عليك.
هل تستخدم المافيا القطط في جرائمها؟
مواقف براندو الأخلاقية
كان «براندو» غاضبًا طوال عمره من العنصرية المنتشرة في أمريكا أثناء الخمسينات ضد السود والهنود الحمر، لذا أنفق الكثر من ملايين هوليوود التي كان يربحها من أفلامه في خدمة هؤلاء البشر المضطهدين.
وكان أكبر دليل على موقفه الأخلاقي، حين رفض تسلم جائزة الأوسكار عن فيلم الأب الروحي، وأرسل بدلاً منه في الحفل فتاة يعود أصلها للهنود الحمر ترتدي الزي التقليدي لقومها، لتلقي كلمة عن الحرية وحقوق الإنسان.
أعلنت الفتاة الهندية رفض الممثل لهذه الجائزة احتجاجًا على العنصرية الأمريكية، ليضج الحاضرون في حفل الأوسكار بالتصفيق لعبقرية «براندو» الفنية وموقفه الأخلاقي، وتبدأ هوليوود في مقاطعة الرجل بعد هذا الموقف.
توفى «براندو» عام 2004 عن عمر يناهز 80 عامًا، وقد صار علامة ثقافية وسينمائية، حين اختارته مجلة «تايم» كواحد من أهم الشخصيات في القرن العشرين.