محمد الصيفي.. «أبو القرّاء» الذي رفض التلاوة أمام الملك فاروق
لم يكن الشيخ محمد الصيفي مجرد مقرئ للقرآن الكريم، بل كان أحد العمالقة الذين ظهروا مع بداية العصر الذهبي لدولة التلاوة، إذ ذاع صيته في نفس الوقت الذي ذاع فيه اسم الشيخ محمد رفعت.
وبحسب ما رواه الكاتب الراحل محمود السعدني في كتابه «ألحان من السماء» كان الشيخ الصيفي يتقاضى 10 جنيهات عن كل ليلة في عام 1937، وهذا رقم كبير في تلك الفترة لم يكن يتحصل عليه سوى قليلون، كما أنه كان واحداً من 4 قراء أحيوا ليالي مآتم الزعيم سعد زغلول، والملك فؤاد.
الملك فاروق
و«الصيفي» هو القارئ الوحيد الذي رفض أن يقرأ في قصر الملك فاروق في أشهر رمضان. وعندما ذهب إليه ناظر الخاصة الملكية يستفسر منه عن سبب الرفض، أجاب الشيخ بأن صحته لا تساعده. وقال ناظر الخاصة: ولكن مولانا يحب أن يسمعك، فرد عليه «الصيفي» في هدوء: ولكني أقرأ في الراديو، ويستطيع مولانا أن يسمعني جيداً.
وعندما مات الشيخ علي محمود وكان قارئ المسجد الحسيني، أصبح الشيخ الصيفي قارئاً للمسجد، وكان له رأي في القرّاء، ولكنه كان يحتفظ به لنفسه، ولا يعلنه على الناس.
كان يقول للمقربين له إن أعظم الأصوات التي سمعها في حياته هو صوت الشيخ محمد القهاوي، والشيخ منصور بدار، ويأتي بعدهما الشيخ مصطفى إسماعيل، بينما كان يرى أن صوت الشيخ محمد رفعت لم يكن كبقية الأصوات تجري عليه أحكام الناس، وإنما كان هبة من السماء.
و«الصيفي» كان صديقاً لـ«رفعت» حتى مات، وكان هو الوحيد من بين القراء الذي لازمه 4 أيام كاملة قبل أن يموت.
مخرج سينمائي
ربح الشيخ الصيفي كثيراً وأنفق كل ما ربحه على أبنائه، وعلى أصدقائه، وله ابن عمل مخرجاً في السينما هو حسن الصيفي الذى تزوج من الفنانة زهرة العلا.
عاش الشيخ ومات في نفس الحارة التي نشأ فيها مع الشيخ أحمد ندا، أحد أساطين التلاوة، وكذلك الشيخ محمد سلامة، وفي حجرة الاستقبال في منزله صور كل هؤلاء الأعلام، ومعها أيضاً صورة سيد درويش الذي كان يرى أنه أحدث انقلاباً في فن الموسيقى، بينما أحدث الشيخ علي محمود انقلاباً آخر في فن الموشحات.
مات الشيخ الصيفي في السبعين من عمره، وقبل ذلك اعتزل إحياء الليالي، واكتفى بقراءة سورة الكهف في مسجد الإمام الحسين، ولقبه في دولة التلاوة «أبو القراء».