قصة آية.. أفلا يتدبرون القرآن
يقول الشيخ علي الطنطاوي: لو رأيتم رجلًا يقرأ جريدةً من أولها إلى آخرها ثم لما فرغ منها سألتموه: ما أخبارها؟ قال: لا أدري، لم أحاول أن أتفهم معناها.. فما تقولون فيه؟ أما تنكرون عليه؟! فكيف لا تنكرون على من يعكف على المصحف حتى يتم الختمة وقد خرج منها بمثل ما دخل فيها ما فهم من معانيها شيئًا؟ من أين جاءت هذه المصيبة؟ وكيف حُرم المسلمون من قرآنهم وهو بين أيديهم وملء أنظارهم وأسماعهم؟.
أغلب الذين يقرأون القرآن بتدبر يفعلون ذلك من أجل الحسنات؛ لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف؛ ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف».
وهذا الحديث فيه ترغيب كبير لقراءة القرآن، لكن هذا لا يعارض أمر الله تعالى لنا بتدبره، فقد قال تعالى: «كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ» [ص:29]. وقد نعى القرآن على الذين لا يتدبرونه فقال تعالى: «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» [محمد: 24].
قصة آية.. خيرية الأمة الإسلامية على بقية الأمم
مظاهر التأثر بالقرآن
لم يستطع المشركون في مكة أن يقاوموا قوة تأثير القرآن عندما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يقرأ سورة النجم، فقد كانوا ينصتون للقرآن، وعندما وصل النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى قوله تعالى: «فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا» [النجم: 62] سجدوا جميعًا إلا رجلا أخذ كفا من تراب فسجد عليه.
ولقد تعدى التأثر بالقرآن الإنس ووصل إلى الجن، فقد قال تعالى: «وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا...» [الأحقاف: 29].
ولم يتوقف تأثير القرآن على الإنس والجن! فلقد ذكر الله تعالى لنا أنه لو أنزل هذا القرآن على جبل لتأثر، فقال سبحانه: »لَوْ أَنـزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ« [الحشر: 21]
أما عن تدبر النبي –صلى الله عليه وسلم- وصحابته –رضي الله عنهم- وأتباعهم وأتباع أتباعهم للقرآن، فهذا شيء يطول ذكره، لكننا نطوف على مواقف سريعة، منها:
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي القرآن قال: قلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل، قال:نعم، قال: فقرأت سورة النساء حتى إذا انتهيت إلى هذه الآية: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا» [النساء: 41]، قال: حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
قال عبد الله بن عروة بن الزبير: قلت لجدتي أسماء بنت أبي بكر: كيف كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعلون إذا قرئ عليهم القرآن؟ قالت: كانوا كما نعتهم الله عز وجل: تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم.
وظل الحسن البصري ليلة كاملة يردد قول الله تعالى: «وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا» [إبراهيم: 34] فقيل له في ذلك؟ فقال: إن فيها مُعْتَبَراً، مانرفع طَرْفاً ولا نَرُدُّهُ إلا وَقَعَ على نِعمَةٍ، وما لا نعلمه من نِعَمِ اللهِ أكثر
نريد أيها القراء الأحباب أن نكثر من تدبر القرآن؛ عسى الله أن ينفعنا به في الدنيا والآخرة.
بقلم: إبراهيم الديساوي
[{read-140123-(title_photo)}]