الحرية والمواردي.. مقاهي السينما المفضلة لمغازلة الجماهير
اعتمدت السينما المصرية على تصوير مشاهد داخل المقاهي الشعبية، كوسيلة لنقل تفاصيل حياة المصريين على الشاشة، إلا أن اختيارات المخرجين لعبت دورا كبيرا في صنع شعبية بعض المقاهي، وكذلك الاعتماد على شعبية أخرى في خروج أعمال فنية منها، لمغازلة جمهور هذه المناطق.
في هذا التقرير من «شبابيك» نرصد أشهر المقاهي التي استعان به المخرجون في أعمال مختلفة عبر تاريخ السينما المصرية.
زقاق المدق
استطاع الأديب الراحل نجيب محفوظ أن ينقل عالمه الخاص في حي الحسين الذي ولد به إلى الأدب والسينما. فاشتهرت الشوارع والمقاه التي تربى فيها وقضى معظم أوقاته بها، مثلما حدث مع «قهوة زقاق المدق» في فيلم زقاق المدق، إنتاج 1963، وهو الفيلم المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه لأديب نوبل.
يدور العمل حول حميدة «شادية» الفتاة اليتيمة الطامحة للثراء، التي تتم خطبتها لحلاق الزقاق عباس الحلو «صلاح قابيل» الذي يقرر السفر ليحصل على مال أكثر ليفي باحتياجاتها، وبعد سفره يقوم قواد محترف فرج «يوسف شعبان» بإغواء «حميدة»، وبعد تورطها تنغمس في حياتها الجديدة وتنسى «عباس» وأهل الزقاق، لتجمعها الصدفة مرة أخرى بـ«عباس» الذي يقرر الانتقام منها.
المقهى لا يزال قائما لكن خفت بريقه بعد ظهور مقاهِِ جديدة جاذبة للشباب في شارع المعز لدين الله الفاطمي.
الكرنك
يتشابه «زقاق المدق» مع «الكرنك»، إنتاج 1975، الذي تم تصوير مشاهد كثيرة منه في مقهى الكرنك بميدان العتبة.
يعود الفيلم بأحداثه إلى حقبة الستينيات، حيث يتعرض لحياة مجموعة من الطلبة الجامعيين، وهم إسماعيل الشيخ، وزينب دياب، وحمادة حلمي، وثلاثتهم دائمي التردد على مقهى شهير يدعى «الكرنك»، ولكن تتغير مسارات حيواتهم للأبد بعد تعرضهم للاعتقال والتعذيب ضمن الممارسات القمعية التي مارستها أجهزة المخابرات وقتئذ على شريحة عريضة من المثقفين والجامعيين.
قهوة المواردي
على عكس المقاهي والكافتيريات القديمة التي ظهرت في مجموعة لقطات أو ومضات سريعة، تتفرد قهوة المواردي، الواقعة بشارع يحمل الاسم نفسه بمنطقة المنيرة، بشهرة واسعة، بعد أن اتخذ اسمها عنوانا لفيلم «قهوة المواردي»، إنتاج 1981.
الفيلم من بطولة فاروق الفيشاوي، وفريد شوقي، وممدوح عبدالعليم، ونبيلة عبيد، وجرى تصويره في المقهى المشهور بمنطقة تقع بين حي جاردن سيتي الأستقراطي، والسيدة زينب الشعبي.
تدور أحداث كثيرة بالفيلم داخل المقهى الذي يديره المعلم إبراهيم المواردي.
وبجانب «قهوة المواردي» استخدم الشارع في أعمال فينة أخرى، مثل مسلسل شارع المواردي، ومسلسل أيام وليالي المنيرة.
الحرية
يحظى مقهى الحرية بشهرة واسعة في أوساط المثقفين والفنانين والصحفيين، كونه من المقاهي النادرة التي مازالت تقدم البيرة والمشروبات الكحولية بجانب المشاريب العادية.
الحرية، الذي أنشئ في 1936 بمنطقة باب اللوق، يعد القبلة الأولى للسكارى في مصر منذ عقود طويلة، لذا كان حاضرا في مخيلة صناع السينما في 3 مناسبات.
1- فوزية البرجوازية
ظهر الحرية كنادِِ للتجمع اليساري في فيلم فوزية البرجوازية، إنتاج 1985، وهو فيلم يسخر من التيارات اليسارية في منتصف الثمانينات، وفي المقهى كانت تلقى القصائد الحماسية.
يصنف الفيلم ضمن الأفلام الكوميدية التي ترصد العلاقة بين أصحاب التيارات السياسية المختلفة وسكان منطقة شعبية واحدة، ملقيا الضوء على بعض المشكلات والقضايا الهامة مثل الجهل والفقر والفساد، والتي تؤدي إلى تبني مفاهيم مغلوطة.
2- رومانتيكا
الظهور الثاني للمقهى بعد 10 سنوات في فيلم «رومانتيكا»، إنتاج 1996، الذي يجسد جماعة الخرتية، وهم مجموعة من الشباب المصرى من الجنسين الذين يصاحبون السياح ويتجولون معهم ويقدمون لهم الخدمات من أجل حفنة من المال.
الفيلم بطولة ممدوح عبدالعليم، ولوسي، وشريف منير، وأشرف عبدالباقي، وعلاء ولي الدين.
يظهر المقهى بوضوح شديد في أحد مشاهد الفيلم عندما يجتمع الشباب على الكراسي، حيث تبرز علامة ستيلا التي ترمز لشعار المقهى في أحد أركانه، وهي صورة لا تختلف عن الشكل الحالي للمقهى التاريخي.
3- ملك وكتابة
أما الظهور للثالث لمقهى الحرية، كان في فيلم «ملك وكتابة»، إنتاج 2006، في مشاهد متعددة تصدرها الفنان الكبير محمود حميدة ويتلف حوله أصدقاؤه من قسم المعاشات، الذين لجأ إليهم لتفادي الاكتئاب بعد انفصاله عن زوجته وإهماله مهنة التدريس في معهد السينما.
أبرزت عدسة كاملة أبوذكري زوايا مختلفة للمقهى، بدءا من شكله الخارجي أمام فرشة الجرائد ونمط الحياة داخله بين قسم المشروبات الساخنة والكحوليات.
جروبي
أحد أقدم المقاهي بمنطقة وسط البلد، أسسه السويسري جاكومو جروبي الذي جاء إلى مصر في ثمانينيات القرن التاسع عشر، ومنذ يومه الأول وأخد شكله كمطعم ومحل لبيع الحلوى عام 1891 بشارع عدلى الشهير بمنطقة وسط القاهرة، ليصبح بذلك واحدا من أوائل من أدخلوا المقاهي ذات الطراز الأوروبي إلى مصر.
نال «جروبي» نصيب الأسد في الاهتمام به على مستوى السينما والدراما، فصور قديما به أفلام «حلاق السيدات»، و«يوم من عمرى»، و«العتبة الخضرا» وغيرها من الأفلام الشهيرة، وحديثا صور به أفلام «عمارة يعقوبيان»، و«صايع بحر».
المقهي كان أحد الأماكن المفضلة لزكي بك الدسوقي، الذي جسد شخصيته الفنان عادل إمام، أحد سكان عمارة يعقوبيان. لذا وقع الاختيار على «جروبي» الذي لا يزال محافظا على هويته الأرستقراطية والطراز الأوروبي.