هذه الأفلام مُنعت من العرض بأمر الأزهر.. «محمد رسول الله» منها
لم تقف هيئة الرقابة على المصنفات الفنية وحدها حائلاً أمام عرض عدد من الأفلام بدعوى أنها تخدش حياء المجتمع وتتعارض مع الأخلاق العامة، فقد قام بهذا الدور أيضاً المؤسسة الدينية في مصر متمثلة في الأزهر الذي حال رجاله دون عرض أعمال بعينها لأسباب متباينة.
«شبابيك» يستعرض عدداً من الأفلام التي مٌنع عرضها بقرار من الأزهر.
محمد رسول الله
كان هذا الفيلم أول عمل تعصف به الرقابة لأسباب دينية. في عام 1925 وصل الكاتب التركي وداد عُرفي إلى القاهرة قادماً من أوروبا مندوباً عن شركة ماركوس السينمائية الألمانية لكي يتفاوض في أمر إنتاج فيلم مصري بعنوان «غرام الأمير».
لكن هذا الفيلم لم يكن الهدف الأساسي لـ«عُرفي»، وإنما كان مبعوثاً لمهمة سرية، فقد عرضت شركة ماركوس على مصطفى كمال أتاتورك رئيس جمهورية تركيا آنذاك إنتاج فيلم بعنوان «النبي»، بحيث تظهر فيه شخصية النبي محمد (ص)، وبالفعل تحمس أتاتورك لهذا المشروع، وأعلن أن الحكومة التركية ستمنح الشركة هبة ضخمة من المال لو تحقق إنتاج هذا الفيلم بشكل مشرّف.
وهنا رأى مخرج العمل الألمانى أنه من الأفضل أن يكون الممثل الذي يقوم بدور النبي مسلماً عربياً، لذا عهد إلى «عُرفي» مهمة البحث عن هذا الممثل ووقع اختياره على يوسف وهبي.
عرض «عُرفي» الأمر على يوسف وهبي الذي وافق بعدما علم بموافقة رئيس الجمهورية التركية على إنتاج الفيلم كدعاية مشرفة للدين الإسلامي، كما أن اللجنة التي أعدته وصرحت بتصويره من كبار علماء الإسلام في اسطنبول.
بعد توقيع العقد في السفارة الألمانية نشرت الصحف الخبر الذي جاء بنتيجة عكسية حالت دون إتمام المشروع، فقد صادف يوسف وهبي حملة شعواء على صفحات الصحف وداخل الأزهر، وطُلب من الحكومة التدخل ووقف المشروع لما يمسه من تجريح لعقائد المسلمين، وظهرت فتوى من شيخ الأزهر تنص على أن الدين يحرم تحريماً باتاً تصوير الرسل والأنبياء والصحابة.
كل ذلك الهجوم كان كفيلاً بأن يعلن يوسف وهبي انسحابه، خصوصاً بعد أن بعث إليه الملك فؤاد تحذيراً قاسياً مهدداً إياه بالنفي وحرمانه من الجنسية المصرية إذا قام بهذا الدور.
المهاجر
في عام 1992 تقدم يوسف شاهين إلى جهاز الرقابة بسيناريو فيلم «يوسف وإخواته» من تأليف رفيق الصبان، وذلك للحصول على الترخيص بتصويره، ولما كان الفيلم يتعرض لأحد الشخصيات الدينية فقد كان بديهياً أن يُعرض على الأزهر الذي رفض بدوره العمل رفضاً قاطعاً بدعوى تحريم تجسيد الأنبياء على الشاشة، وطالب بتعديل السيناريو وكتابته من جديد.
أعيدت كتابة السيناريو مرة أخرى ليتحول إلى فيلم «المهاجر». وحاول «شاهين» فيه البعد عن شخصية النبي يوسف عليه السلام أو حياته بعدما قابل عدداً من رجال الأزهر وناقش موضوع الفيلم معهم، وحاول تفنيد آرائهم.
وافقت الرقابة على تصوير الفيلم بعد أن أبدى رئيسها في ذلك الوقت حمدي سرور بعض الملاحظات التي تم تعديلها في سيناريو الفيلم، فضلاً عن وضع عبارة قبل بداية الفيلم تؤكد أن أحداثه لا تمت إلى قصة أو حادثة في التاريخ، ولا تتعرض لشخص أي من الأنبياء وأنها مجرد رواية سينمائية لفترة خصبة في التاريخ المصري القديم.
عُرض الفيلم في 3 سبتمبر 1994، ولعب بطولته خالد النبوى ويسرا ومحمود حميدة، وحاز العمل على إعجاب المشاهدين، إلا أن أحد المحامين قام بتحريك دعوى قضائية ضد الفيلم بدعوى أن شخصية بطل الفيلم «رام» تتطابق مع شخصية النبي يوسف التي وردت في القرآن الكريم، واستطاع المحامي وقف عرض الفيلم بعد أن حصل على فتوى من الأزهر برفض تجسيد شخصيات الأنبياء.
أمام هذا الموقف لجأ «شاهين» إلى القضاء وخاض عدة جولات إلى في ساحات المحاكم حتى حصل على حكم بعرض الفيلم.
الرسالة
أنتج هذا الفيلم عام 1977، واعترض الأزهر على عرضه بمصر بدعوى أنه يجسد شخصية حمزة بن عبدالمطلب ابن عم الرسول وأحد العشرة المشرين بالجنة. لكن انتشار القنوات الفضائية أتاح عرض الفيلم بعد ذلك بسنوات، ليُعرض بعد ذلك في التلفزيون المصري.
الفيلم أخرجه مصطفى العقاد وأحمد عبدالعالي، ولعب بطولته عبدالله غيث ومحمد العربي وأحمد مرعي.
القادسية
على نفس المنوال اعترض الأزهر على عرض هذا الفيلم الذي أنتج عام 1981، ولعبت بطولته سعاد حسنى، وعزت العلايلي، وليلى طاهر وأخرجه صلاح أبو سيف بدعوى تجسيد شخصية سعد بن أبي وقاص.
الإنس والجن
رغم موقف الأزهر الرافض لعرض عدد من الأفلام إلا أن رجاله اتخذوا العديد من المواقف التي تحسب له لا عليه عندما وقف بجانب الإبداع، مثلما حدث في فيلم «الإنس والجن» بطولة عادل إمام ويسرا، والذي تناول عدداً من القضايا الشائكة البعيدة عن المألوف.
لهذا استدعت نعيمة حمدي مدير عام الرقابة وقتها الشيخ الطيب النجار لمشاهدة الفيلم، وكانت المفاجأة أنه أجازه في الوقت الذي رفض فيه جميع الرقباء الموافقة عليه، ليجيء رأي شيخ الأزهر ويحرك الساكن ويجيز عرضه دون تحفظات.
عتبة الستات
وكما اتسم موقف الأزهر بالشجاعة في «الإنس والجن»، فقد وقف أمام عرض فيلم «عتبة الستات» بعد أن ظلت الخلافات مستمرة بين مؤلفه والرقابة لمدة عامين بسبب بعض الفتاوى الدينية التي تعرض لها الفيلم.
وبما أن الرقابة جهة غير مختصة بمراجعة الفتاوى الدينية، فكان لابد من الرجوع للأزهر الذي رفض لما تعرض له من مسائل فقهية وتناوله لقضايا حساسة، وهي قضية الخزعبلات وبركات الأضرحة واللجوء إلى الأولياء للإنجاب.