الضباط الملتحين
هيئة قضايا الدولة تدرس إعادة الضباط الملتحين للعمل بالداخلية
يعكف المكتب الفنى لرئيس هيئة قضايا الدولة، على دارسة أسباب وحيثيات حكم الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، بشأن إلغاء قرار مجلس التأديب الاستئنافى بعزل ضابط ملتحٍ عن الخدمة، والاكتفاء بخصم 15 يومًا من راتبه الذى يتقاضاه، وهو الحكم الذى أثار جدلا قانونيا وسياسيا.
ويقوم حاليًا أعضاء المكتب الفنى بدراسة حيثيات الحكم للخروج بإجراء قانونى للدفاع عن قرار وزير الداخلية الإدارى ومدى صالحيه هذا القرار وتطبيقه على الضباط الملتحين.
وطرح أعضاء الهيئة عدة إجراءات لوقف هذا الحكم أبرزها التماس إعادة نظر الدعوى أو إقامة دعوى بطلان أمام محكمة مجلس الدولة وأيضًا استشكال لوقف تنفيذ الحكم، وتتعلق تلك الإجراءات بشروط قانونية لابد من وجودها لتفعيل أى من الإجراءات السابقة.
وفى سياق متصل أقام سمير صبرى المحامى، استشكالاً أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة، لوقف تنفيذ الحكم الصادر منها بعودة ضباط الشرطة الملتحين للعمل.
وقال صبرى فى الإشكال الذى حمل رقم، ٧٤٨٦١ لسنة ٦٤ قضائية علّيا، إن الحكم فى حالة تنفيذه سيترتب عليه إلحاق أضرار جسيمة بأمن وسلامة الوطن بالكامل وبذلك لا يسع المستشكل إلا التقدم بإشكاله هذا ملتمسًا بوقف تنفيذ هذا الحكم.
كما حددت محكمة الأمور المستعجلة بعابدين، ٤ سبتمبر المقبل لنظر أولى جلسات دعوى تطالب بعزل الضباط الملتحين وعدم عودتهم للعمل مرة أخرى بوزارة الداخلية.
وقال مقيم الدعوى المحامى محمد عيد سالم إن بقاء وعودة الضباط الملتحين لوزارة الداخلية، مخالف للدستور والدولة المدنية ويشكل خطورة على المجتمع المصرى وتهديدًا للوحدة الوطنية والسلم والأمن الاجتماعى.
جدير بالذكر أن المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة قالت فى حيثيات حكمها إن قانون هيئة الشرطة أنشأ نظاماً منفرداً لإحالة ضباط الشرطة إلى الاحتياط، فأجاز لوزير الداخلية أن يحيل الضباط- غير المعينين فى وظائفهم بقرار جمهوري- إلى الاحتياط لمدة لا تزيد على السنتين، بناء على طلبهم أو طلب أجهزة الوزارة لأسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة، أو إذا ثبت ضرورة وأسباب جدية تتعلق بالصالح العام لهيئة الشرطة أو للبلاد عموماً.
وجاء حكم المحكمة فى حيثيات بين نظام التأديب الذى اتبعته وزارة الداخلية فى تلك الأزمة، ونظام الإحالة إلى الاحتياط الذى يعد نظامًا مختلفًا ومستقلاً تمامًا فى طبيعته القانونية وأهدافه وإجراءاته عن نظام تأديب ضباط الشرطة، وأقرت بموجب هذه المقارنة أولوية إتباع نظام الإحالة للاحتياط فى الحالات التى تتعلق جديًا بالصالح العام، والتى تدخل فى زمرتها وقائع الاختلاف المستمر للمسلك الانضباطى للضابط فى المجمل عن الأعراف والتعليمات الشرطية، خاصة مع صعوبة معالجة هذه الوقائع بنظام التأديب لأن احتمالات العود فيها أقرب إلى درئها.
وأوضحت أنه كان يستوجب على وزارة الداخلية إحالة الضابط الصادر لصالحه الحكم إلى نظام الاحتياط فإن عاد هو والتزم بتعليمات حلق اللحية؛ أعادته الوزارة للخدمة الفعلية، أما لو أستمر على موقفه حتى انتهاء مدة الإحالة للاحتياط فتحيله إلى المعاش.
وشددت المحكمة على أن لجوء وزارة الداخلية إلى وسيلة التأديب فى مسائل هى فى الأصل خاضعة لسلطتها التقديرية فى الإحالة إلى الاحتياط يعد نوعًا من الانحراف الممنهج فى استعمال الإجراء القانونى الذى أوجب المشرع اتباعه- فضلاً عن إبراز الواقع العملى لعدم جدوى التأديب فى معالجة بعضها- مؤكدة أن لجوءها لاتخاذ الإجراءات التأديبية تجاه الضباط فى المسائل ذات الأسباب الجدية المتعلقة بالصالح العام تعد وسيلة قانونية غير مباشرة لإهدار حقوقهم، باعتبار أن التأديب قد يصل بالوزارة إلى إنهاء خدمتهم، فى حين أن نظام الإحالة للاحتياط يعيدهم فى نهاية المطاف إلى الخدمة العاملة مرة أخرى أو يحيلهم إلى المعاش بما يصاحب ذلك من حقوق أدبية ومالية وصحية واجتماعية لا يحصل عليها الضابط المعزول.
وفى النهاية أكدت المحكمة أن الإجراءات التأديبية لن تجدى فى تغيير معتقدات الضابط الطاعن ببعض الفتاوى العقائدية فى إعفاء اللحية، مرجحة أن يكون قرار مجلس التأديب بعزله من وظيفته قد تأثر بشكل غير مباشر بنوع من الإرهاصات السياسية فى مسلك هذا الضابط نظرًا لما تعرضت له البلاد جراء تلك السياسيات للكثير من التنظيمات السياسية والإرهابية المُقنَّعة، رغم خلو الأوراق من ارتكاب هذا الضابط أى فعل أو قول يثبت ذلك، وإلا كان الأجدى بوزارة الداخلية أن تكشف عنها.