لماذا يجب أن يصبر الأهلاوية على «كارتيرون»؟
4 انتصارات وتعادلان هي حصيلة المباريات الست الأولى للمدرب الفرنسي باتريس كارتيرون في بداية مشواره المحلي والإفريقي مع النادي الأهلي. نتائج جيدة في الافتتاحيات، لكنها لم ترض غرور عشاق العملاق الأحمر، التي لم تمنحه ثقتها الكاملة حتى الآن.
ثمة أشياء دفعت جماهير الأحمر للقلق على مستقبل الفريق تحت قيادة كارتيرون، أبرزها الفشل في التعاقد مع مدرب صاحب سيرة تدريبية كبيرة وإلحاح الفرنسي نفسه لتدريب نادي القرن، بالإضافة إلى العجز الواضح الذي أظهرته إدارة محمود الخطيب في ملف التعاقدات، فالأهلي للمرة الأولى يكون الأقل إبراما للصفقات عن بقية فرق الدوري.
هذا ما يتعلق بالانطباعات الأولية التي يجب أن تزول الآن بعدما حجز للفريق مقعدا بين كبار أفريقيا بثلاثة انتصارات متتالية، اثنان منهم خارج الديار، أعادت للمارد الأحمر هيبته بعد حصده نقطة واحدة من مباراتين. وهنا نوضح لماذا يجب أن تتحلى جماهير الأهلي بالصبر على المدرب الفرنسي الشاب؟.
أهلي جديد
حفظت جماهير الأهلي التشكيل الأساسي لفريقها عن ظهر قلب، فهو لم يتغير منذ سنوات، وتحديدا منذ أن رحل الإسباني جاريدو عن تدريب الفريق في منتصف موسم 2014/2015، وهو العام الذي فاز فيه النادي ببطولة الكونفدرالية وكأس السوبر وخسر الدوري والكأس لصالح زمالك فريرا.
فتشكيل الأحمر خلال السنوات الثلاث الماضية لم يخل قوامه من هذه الأسماء: سعد سمير وأحمد فتحي وحسام عاشور وحسام غالي وعمرو السولية ووليد سليمان وعبدالله السعيد ومؤمن زكريا وأجاي ووليد أزارو.
صحيح أن الاستقرار قاد الأهلي لمنصات التتويج المحلية، لكنه قتل تفاعل الجماهير مع انضمام الوافدين الجدد، نظرا لتجميدهم على مقاعد البدلاء بدعوى حاجتهم للانسجام، وهي الحجة التي تبناها حسام البدري في عدم الاعتماد على الصفقات الجديدة كلما كثر الحديث من النقاد والجماهير.
كارتيرون يمتلك فرصة ضخ دماء جديدة إلى تشكيل الأحمر، وهو ما ظهر في اعتماده على لاعبين كثر في المباريات الست التي لعبها في 3 بطولات منذ توليه القيادة الفنية، فسابقا لم تكن ترى الجماهير ناديها يتعاقد مع مدافع أفريقي يشارك بعد أيام من انضمامه للقائمة، أو ناشئا يعتمد عليه في صناعة اللعب كناصر ماهر، وكذلك لاعبا يافعا كمحمد شريف يمنع الفريق من الخسارة في افتتاحية الدوري أمام الإسماعيلي.
إذا نظرت لتشكيل كارتيرون ستجده مختلفا بعض الشئ عن تشكيلات البدري ومارتن يول وعبدالعزيز عبدالشافي، فأضيف له وجوه جديدة كناصر ماهر ومحمد شريف وساليف كوليبالي وأخرى لم تحصل على فرصة كميدو جابر وهشام محمد.
صلابة دفاعية
المدرب الشاب كان يلعب في مركز المدافع مع الفرق الفرنسية التي دافع عن ألوانها خلال 17 عاما في المستطيل الأخضر، لذا يعتمد في أسلوبه التدريبي على تأمين دفاعاته جيدا للانطلاق إلى الهجوم.
عمليا، تحسن الأهلي دفاعيا خلال المباريات الأخيرة، فلم تستقبل شباكه إلا هدف وحيد في 6 مباريات. ويرجع ذلك إلى اختياره الأفضل حتى الآن وهو المدافع المالي ساليف كوليبالي، الذي أصر على انتدابه إلى صفوف الأحمر، ونجح رهانه عليه بإحرازه هدفين في مباراتي تاونشيب والمصري.
الأهلي لم يكن يعاني الموسم الماضي على مستوى الدفاع، رغم النقص العددي في هذا المركز بعد إصابة رامي ربيعة وعدم توفير بديل أحمد حجازي، لكن مباراة الترجي الأخيرة أثبتت أن الفريق لن يتعرض لأزمات تؤثر على نتائج مبارياته، بعد صموده 90 دقيقة كاملة أمام ضغط الفريق التونسي.
مرن تكتيكا
«شعوري الأول حين أتيت هو أن الفريق يلعب دائماً بنفس الطريقة. هناك خطة واحدة فقط. أردت فقط أن يدرك اللاعبون أن هناك أمورا أخرى يمكنهم القيام بها. لكن كان علي في البداية أن أقنعهم بأن هناك خيارات مختلفة طبقاً للمباراة وظروفها» يتحدث الفرنسي عن تغيير طريقة اللعب.
كلام كارتيرون حقيقي، فحسام البدري بنى استراتجيته على عبدالله السعيد، المسؤول الأول عن تدوير الكرة وصناعة الأهداف في السنوات الأخيرة، لذا كان يتوه الفريق في حالة غيابه وتدهور مستواه بعد أزمة توقيعه لنادي الزمالك.
كارتيرون يلعب بطريقة واضحة هي «4-2-3-1»، التي اعتاد عليه الفريق تحت قيادة البدري، لكنها تتغير في المباراة حسب أداء الخصم والنتيجة، وهو ما ظهر في مباراة الإسماعيلي التي أستبدل فيها الطريقة لـ«4-4-2» بنزول مروان محسن بجوار أزارو، بالإضافة إلى تغييره المعتاد بسحب صانع ألعابه ناصر ماهر ومشاركة أيمن أشرف في مركز الظهير الأيسر، على أن يشارك التونسي علي معلول في مركز الجناح.
هذه المرونة ستخلق تنوعا هجوميا للمارد الأحمر، خصوصا أنها تتطلب الاعتماد على الكرات العرضية، وهو ما ظهر في أهداف محمد شريف في الإسماعيلي وكوليبالي في المصري وأزارو في الترجي التونسي.
أين الصفقات؟ أمتلك فريقا رائعا
يتسم المدرب الفرنسي بالهدوء والعمل بالمتاح، فلم يبد اعتراضا على قلة الصفقات الصيفية في بداية عهده مع الفريق، ورأى أنه يمتلك فريقا رائعا قوامه من الشباب وأصحاب الخبرات. وهو ما يجعلنا نتعامل مع مدرب مرن لا يشتكي كثيرا، مثلما يحدث في علاقة مورينيو ومانشستر يونايتد، وقبلها علاقة كونتي بتشيلسي في الحديث عن الصفقات.
ولا يخفي علينا أن هذه النوعية من المدربين ستتماشى كثيرا مع الاستراتجية التي يتبناها مجلس محمود الخطيب في عدم المشاركة في بورصة الصفقات بعد دخول «براميدز» الذي يمتلك ميزانية ضخمة للتنافس على الألقاب المحلية.
وإذا نظرنا لنصف الكوب المملوء، فهذه السياسة ستجبر المدرب على إتاحة الفرصة لجميع اللاعبين الحاليين، بجانب الاعتماد على ناشئي النادي لتعويض قلة الصفقات. لكن في الوقت نفسه على الجميع تحمل أي نتائج سلبية في موسمه الأول مع الفريق، إذا كانت تريد حقا بناء فريق قوي ينافس على جميع البطولات، وهو ما ألمح إليه كثيرا بانه يبني فريقا قويا.
أفريقيا يا أهلي!
سبب آخر يدفع جماهير الأهلي للصبر على الفرنسي، وعدم التسرع في الحكم على أدائه، وهو رغبتهم الشديدة في الفوز بالأميرة الأفريقية التاسعة في تاريخ النادي، بعدما غابت عن دولاب الجزيرة5 سنوات كاملة، وهو ما يعلمه كارتيرون جيدا بأن اللقب الأفريقي سيتوجه ملكا ويسمح له ببناء الفريق الذي يريده.