شعوب اختارت العزلة... «الماساي» تعيش من أجل الأبقار
تصعد أحد هضاب أفريقيا الشرقية فتجد راعي غنم وكأنه أحد الصور في روايات التاريخ والأساطير، يغني بينما تأكل أغنامه من حشائش تنتظر الأمطار من عام حتى الآخر، وتسأل نفسك هل عثرت على آلة الزمن وعدت بها إلى الماضي، لا، بل أنت في رحلة يأخذك خلالها "شبابيك" إلى أرض "الماساي" للتعرف على شعوب عاشت ولازالت دون أن تشغلها تكنولوجيا أو حياة قريتنا الصغيرة.
مجموعة قبائل رعوية تعيش في كينيا وتنزانيا تحديدا، كل ما يشغل بالهم البقاء أحياء في الطبيعة الجبلية القاسية التي فرضت عليهم، فيقضون حياتهم في البحث عن مراعٍ ومصادر للمياه من أجل قطعانهم، التي تؤمن لهم الحياة حسب اعتقادهم، فيوفرون لها الرعاية والحماية الكاملة خاصة مع تنوعها بين قطعان ظباء النُّوّ، حمير الزَّرد، الزرافات، وغيرها من الحيوانات البرية التي تشاركهم موطنهم.
قسوة الحياة التي يعيشونها علمتهم ترويض الحيوانات البرية والاعتماد عليها في التجارة وغيرها، ولديهم اعتقاد بأن كل الأبقار على الأرض ملك لهم، ولديهم أسطورتهم الخاصة التى تزعم أنه في بداية الخلق كان لله ثلاثة أبناء أعطى كل منهم هدية، فنال الأبن الاول سهما من أجل الصيد، والثاني مجرفة من أجل الزراعة، والثالث عصا من أجل رعي الأبقار، ويُقال أن الأبن الآخير هو أب أمة الماساي.
تربطهمم علاقة قوية بأبقارهم، فكل حيوان له صوت ومزاج مميز تعرفه العائلة جيدا، وغالبا ما توسم الأبقار وتدمغ بخطوط ملتوية وأشكال معقدة صممت لتزيدها جمالا.، تُقدَّر الثيران ذات القرون المعقوفة تقديرا خاصا لديهم، ويُعامل العجل الصغير برقة ويحظى برعاية دائمة كما لو أنه طفل مولود حديثاً.
المجتمع
يحدد مكانة الرجل ومركزه عدد الأبقار التي يمتلكها، ومن يملك أقل من 50 بقرة فهو رجل فقير لا يمكن الاعتماد عليه في المسؤلية عن باقي أفرادها.
وهدف رجال "الماساي" الوحيد هو مساعدة أبنائهم وأسلافهم فيما بعد على أمتلاك قطعان كبيرة تزيد أعدادها عن ألف حيوان، وبينما ينشغل الرجال في رحلات الرعي بين الهضاب تقوم النساء ببناء المنازل المكونة من أغصان الشجر، وتطلى وتسد فراغاتها بإحكام بروث البقر، وتشيد جميع المنازل بشكل مستدير ومستطيل في دائرة كبيرة مركزها زريبة داخلية تنام فيها القطعان ليلا، أما المحيط الكلي للدائرة فيقام سياج بأغصان حادة وشائكة تحمي الماساي وقطعانهم من حيوانات الغابة المفترسة .
جاء اهتمام الماساي بقطعانهم كونها المصدر الوحيد لبقائهم، فهم يعتمدون على شرب ألبانها ويربون عددا من الماعز والضأن لتأمين اللحوم اللازمة، أما باقي القطعان فهي للتجارة أو مهور الزواج، والأبقار يحرم ذبحها نهائيا، لكن إن ماتت فهم يستغلون كل جزء فيها، فقرونها تستخدم كؤوس للمياه، والعظام والأظافر كحلي، وجلودها لصناعة الملابس والأحذية والأغطية.
وبذكر الملابس فهم يولون مظهرهم الخارجي أولوية خاصة، فهم أصحاب جسد ممشوق وقوام رشيق، يلف بالملابس الزاهية كثيرة الألوان التي يغلب عليها الأحمر والأزرق اللامعين.
التربية داخل القبيلة مسؤولية الجميع ليس الأب والأم وحدهما، لا مانع أن يعاقب أحد أفراد القبيلة طفلا وقع من خطأ، ولا عيب في أن تتولى سيدة تربية فتاة لعائلة آخرى، فكل ما يخصهم بالأطفال هو أن ينشغل الصبية بالرعي، والفتيات برعاية المنزل بعد بنائه .
أما في الزواج فالفتاة للرجل الذي وعده بها والدها وهي طفلة، وعادة ما يكبرها بأعوام كثيرة ولا تكون أولى زوجاته بل واحدة في قائمة طويلة من النساء، والذي يدفع الأب لذلك هو المهر الكبير من الأبقار المقدم من الزوج، أما الشباب فلا يعترفون بأنهم بلغوا مرحلة المسؤولية إلا في سن الثلاثين، حينها يسمح لهم بالزواج ويدخلون مرحلة الحكم والمشيخة ويمكنهم من اتخاذ القرارت أو إبداء الرأي في بعضها.
لا يحلم أهل "الماساي" بأكثر من صحراء تحمل في بطنها مرعى لقطعانهم وماء لاستمرارهم، إلا أن الحضارة باتت تستكثر عليهم الأحلام حتى أبسطها، وأصبح عليهم تحمل الزيادة السكانية التى خلفتها حضارة دولهم وتهدد بزحف المباني الخرسانية عليهم، حتى أن قامت بعض الهيئات باقتطاع أجزاء من أرضهم واستخدامها كمحميات طبيعية وأراضي زراعية لسد العجز في المدن المتحضرة . شعوب اختارت العزلة وتخلــفت عن الحضارة.. (الأميش) شعوب اختارت العزلة وتخــلفت عن الحضـارة.. (الكازاخ) شعوب اختارت العزلة.. «الإيبان» مهر العروسة جمجمة شعوب اختـارت الـعـزلة.. “أوا جواجا” والـنمــر الأحـــمــر شعوب اختارت العزلة.. “الهيمبا” قبائل الـمرأة الـحمراء شعوب اختارت العزلة.."المورسي" النساء يزيّن رؤسهن بالحشرات الميتة