افصل بين الانجذاب العاطفي والحب.. حتى لا تندم مثل محمد
بمجرد أن شاهد محمد زميلته في العمل الجديد حتى شعر بانجذاب فجائي غريب، فهو ينبهر بجمالها من جهة، ويعجبه أنها تشاركه نفس الاهتمامات من جهة أخرى، حتى أنها تستمع لنفس المطربين المفضلين إليه وتقرأ لنفس المؤلفين.
استمر «محمد» وهو اسم مستعار، في مشاعره الموجهة إلى زميلته كلما جمعتهما الفرصة، ورأى في معاملتها الطيبة تشجيعًا على الانغماس في خيالات الحب، لقد صار يشعر أن كل كلمة تكتبها على «فيس بوك» موجهة إليه.
في يوم ما وجدها تكتب أن الفرصة الجيدة لا ينبغي إضاعتها، فظن «محمد» أنها تدعوه مباشرة لطلب يدها، حتى لو مرت أشهر قليلة على التعارف، فكل شيء ممكن والحب ليس له وقت.
صدمة التسرع
اعترف «محمد» لزميلته بالحب وبرغبته في الزواج بها، خاصة أنه يشعر بمدى التفاهم والتلاقي والقبول بينهما، وزاد اقتناعه بالأمر بعدما شاهد كلامها عن اغتنام الفرصة.
وصله الرد متأخرًا بأنه تسرع في الحُكم بشدة، فهي مجرد زميلة والتعامل الجيد منها يحدث مع الجميع غيره، والرسالة التي كتبتها كانت مصادفة، تقبل «محمد» الأمر لكن الحرج ظل موجودًا بين الاثنين لوقت طويل، لأن الفتاة شعرت بالذنب تجاهه، خاصة أنها خجولة أصلاً.
يعترف «محمد» بعد مرور وقت طويل بعد الموقف: «أنا عرفت ليه اتسرعت، أكيد كنت عاوز أنسى العلاقة اللي قبلها! أكيد مش كل معاملة كويسة تتفهم حب، بس يظهر فيه نقص عندنا بنحاول نعوضه».
الانجذاب العاطفي له أسبابه.. تعرف عليها
بين الحب والقبول
استشاري العلاقات الإنسانية، وعضو الجمعية الأمريكية لمشاكل الأسرة، غادة حشمت، تفسر ما تعرض له «محمد» بالخلط بين الحب والقبول، فالحب يشمل القبول بالطبع، ولكن القبول لا يجب أن يشمل الحب، فينجذب الرجل أو المرأة إلى طرف آخر بالخطأ لمجرد القبول والاستلطاف فقط.
لماذا يحدث هذا الخلط عند كثير من الناس رجالاً أو نساء؟ تحدد الدكتورة غادة حشمت الأسباب كالتالي:
العلاقات السابقة
حين يخرج الإنسان من علاقة فاشلة أو غير مكتملة، يشعر بفراغ عاطفي هائل، ويسعى إلى ملء هذا الفراغ داخله بأي وسيلة، فيصبح في حالة عطش لأي علاقة جديدة وينتظر أول فتاة مناسبة ليقع في حبها.
هذا هو السبب الأساسي في أغلب الحالات وفق الدكتورة «غادة»، ويندفع المرء دون أن يشعر في حب كاذب يظلم به الطرف الآخر.
المظهر فقط
في المرحلة الجامعية وبداية العشرينات بالذات، يرسم الشاب في خياله صورة فتاة الأحلام الجميلة في كل شيء، وتفعل الفتاة الشيء نفسه فتنتظر فارسها الوسيم الذي سيخطفها على الحصان الأبيض.
ينجذب البعض بهذه الطريقة إلى الطرف الآخر سعيًا لتحقيق الحلم فقط، فهم لا يملكون النضج الكافي لمعرفة الحلم من الحقيقة في هذا السن بعد.
الكيمياء
تؤثر مشاعر الحب بشكل كبير على كيمياء الجسد، وتمنح صاحبها شعورًا بالاستمتاع في جو رومانسي بديع، فيندفع إلى إكمال هذه المشاعر بدرجات أعلى في علاقة حب وليس مجرد قبول.
الحنان والاحتواء
حالة أخرى مهمة يتعرض لها الكثيرون، وهي تعويض نقص الحنان والاحتواء الأسري، فينجذب الرجل المفتقد لحنان الأم إلى فتاة تشبه والدته وقد تكون أكبر منه، وبالمثل تفعل الفتاة الشاعرة بالحنين نحو والدها، وقد ينجذب المرء إلى فتاة تشبه معلمته أو قريبته دون أن يشعر.
كي تتجنب الصدمة
عند الوصول لدرجة من النضج الكافي، ستعرف كيف تتجنب الوقوع في الخلط بين الحب الحقيقي والقبول الذي نسميه أحيانًا بالإعجاب أو الاستلطاف. الدكتورة غادة حشمت تنبهك إلى النقاط التالية:
اترك لنفسك فرصة
الفترة المناسبة قبل الزواج في الأساس يُستحسن أن تقترب من العام، بما فيها من فترتي التعارف والخطوبة، حتى يفهم الشريكان بعضهما جيدًا، فكيف تريد أن تعترف بالحب بعض شهور قليلة؟
اترك لنفسك الفرصة كي تكتشف الطرف الآخر وتتأكد من حقيقة مشاعره ناحيتك، والأهم أن تتأكد من حقيقة مشاعرك أنت نحوه، فقد تكون منجذبًا بصورة وهمية كما أشرنا.
افهم أولاً
حتى لو شعرت بالقبول المتبادل، فلا تقل كل شيء مرة واحدة كأنك تتخلص من مشاعرك وتلقيها للطرف الآخر، افهم بالتدريج شخصية الذي تشعر نحوه بقبول، افهم مستواه العلمي والفكري والاجتماعي والديني.
البعض ما إن يرى الفتاة المناسبة في الأفراح والأعياد حتى يندفع نحوها والعكس صحيح، وبالتالي يكون الانجذاب مزيفًا لمجرد المشاعر الجيدة وكيمياء الجسد، خاصة أن هذه المناسبات يهتم فيها الحاضرون بأناقتهم.
احذر صندوقك الأسود
بداخل كل منا صندوق أسود خاص به وهو طفولته، ويؤدي الخلل في الطفولة إلى مشاكل عديدة في الحب والزاوج، بسبب سوء التربية أو افتقاد الحنان الأسري.
تذكر أن زوجتك ليست أمك مهما ستعطيك من الحنان، فأولوية الزواج هي المشاركة ككل، وتذكري أيضًا كفتاة أن زوجك ليس والدك، حتى لا تقعا في فخ الصندوق الأسود وتنجذبون بشكل وهمي تمامًا.