جنة فيسبوك وتويتر.. كيف تجعل من السوشيال ميديا وسيلة لراحتك النفسية؟
رغم استغراقه لأغلب أوقاته بين الكتب والدراسة، وجد علي محمد نفسه مضطرًا للمشاركة في موقع فيسبوك على سبيل مواكبة التطور والتقدم، وفي نفس الوقت هي فرصة لقاء أصحابه في هذا الفضاء الافتراضي.
لم يكمل «علي» عدة شهور في موقع التواصل الاجتماعي الأشهر حتى أصابه الملل والغضب وأغلب المشاعر السلبية، وراح يتساءل عن جدوى هذا المكان بكل ما فيه من تصنع وزيف وتجاهل.
الاخصائي النفسي سامح حجاج يعتبر «فيسبوك» وأشباهه من المواقع وسطًا مثاليًا للكذب والمبالغة و«الفرقعة» بشكل عام، فكيف يحصل الإنسان على راحته النفسية في السوشيال ميديا؟
اكتب من أجلك ولا تنتظر ردًا
مواقع التواصل الاجتماعي قد تُعتبر الآن بمثابة «النوتة» أو المفكرة التي تكتب فيها خواطرك ومذكراتك على شكل منشورات يومية، لأن الكتابة بشكل عام تساعد على تفريغ الضغط النفسي والعصبي.
الطبيب النفسي أحمد عبدالله، يرى أن مشكلة «فيسبوك» وغيره من المواقع أنك تكتب منشوراتك اليومية وتنتظر من أجلها ردًا من الآخرين، كأنك الضحية التي تنتظر تأييد الناس وتشجيعهم وإخبارهم فقط أنك على حق، وهنا تصبح الكتابة سلبية.
الأولى في الكتابة هو راحتك النفسية أولاً وليس رأي الآخرين، لهذا يمكنك الكتابة عن أفكارك وخواطرك يوميًا لكن لا تنتظر ردودًا وحسب، بل يمكنك إلغاء التعليقات كأنك تطلق صرخة في الفراغ وحسب.
التحق بمجموعة تفهمك
قد تُعاني بسبب هجوم الآخرين على اهتماماتك أو آرائك لمجرد الاختلاف في الرأي، أو تخشى حتى من إعلان أفكارك أمام أشخاص لا يفهمونك ودائمًا ما يتهمونك، وكأن السوشيال ميديا تحولت إلى المجتمع الحقيقي من جديد.
الحل هنا ليس في التخفي بعمل حساب جديد كأنك تتنكر لشخصيتك الحقيقية، لكنك ببساطة تستطيع الانضمام لمجموعة خاصة تتفهمك وتناقش معها أفكارك ولا تضطر لحجبها أمام الناس الآخرين بما فيهم معارفك وأهلك.
بهذه الطريقة تصبح السوشيال ميديا متنفسًا لما يعتمل داخل رأسك من أفكار، لكن استشاري الطب النفسي جمال فرويز يحذرك من الانفصال التام داخل المجموعات الخاصة التي تعزلك عن المجتمع وكأنه يرفضك مباشرة.
حب الفيسبوك.. علاقة خطرة مع «اللاشيء» تنتهي بالفشل
لا تصدق الجميع
بعض الجروبات والمجوعات مخصصة للمشاركة النفسية وحل المشاكل الحياتية، لكنها تقوم في المعتاد على آراء ناس عادية غير متخصصة في العلاقات الإنسانية أو حل الخلافات الزوجية.
الحلول الخاطئة التي يقترحها عليك الآخرون قد تسبب لك مشاكل أكبر، وتصل في بعض حالات الخلافات الزوجية إلى الطلاق، وبالتالي ينبغي تجنب فضح المشكلة على العام واستقبال آراء غير صحيحة.
يوجهك الطبيب النفسي أحمد عبدالله إلى نوعين فقط ممن يمكنك أن تعمل بكلامهم في موقع «فيسبوك» وغيره:
-
الشخص المجرب: إذا كنت تسأل عن شيء ما وأجابك شخص له خبرة سابقة وتجربة معه، فلا بأس باتباع نصيحته
-
الشخص المتخصص: إذا كنت تسأل عن فتوى أو مشكلة عائلية فلا ينبغي أن تسمع إلا من الباحث المتخصص أو الطبيب المزاول
بخلاف هذين النوعين، تبقى مواقع السوشيال ميديا مجالاً للكلام الفارغ بحد تعبير الدكتور أحمد، وعليك أن تتجنب إضاعة وقتك فيه قدر المستطاع.
تجنب المنشورات الكئيبة
المنشورات السلبية على موقع «فيسبوك» وغيره تسبب لك الاكتئاب والقلق وتجعل حياتك أكثر سوداوية بحسب تجربة أجراها الموقع المذكور نفسه لدراسة تأثير المنشورات على المشاركين بالموقع في سنة 2015.
الطبيبة النفسية بسمة عبد العزيز ترى أن انتقال المشاعر السلبية أمر يتوقف على تعامل الإنسان معه، فلو استطاع أن يتجنبها من البداية فليفعل، فلا داعي للاشتراك في الصفحات الكئيبة أو متابعة الأشخاص الناشرين للتشاؤم.
الحل البديل هنا هو اختيار المنشورات والصفحات المفيدة كما ينصح الدكتور أحمد عبدالله، وتعلم لغة جديدة أو مهارة مميزة من خلال هذه المواقع.
احذر التأثر بالوهم
تقدم لك مواقع التواصل الاجتماعي صورة وهمية عن معايير الجمال والوسامة، حين يحرص المشاركين بالموقع على الظهور في أفضل صورة باستخدام وسائل التجميل واتباع الحميات الغذائية.
وفي دراسة أمريكية على عدد من الفتيات المراهقات وُجد أن 80 % منهن لا يشعرن بالرضى عن مظهرهن الخارجي، والسبب كما أشارت الدراسة يعود إلى التأثر بوسائل السوشيال ميديا وما تبثه من تزييف.
يذكر الطبيب النفسي أحمد عبدالله قصة ثري عربي تزوج من امرأة شاهدها على مواقع التواصل الاجتماعي ثم اكتشف مع إزالة «الماكياج» أنها مختلفة تمامًا لدرجة أنه رفع قضية نصب، لكن المحكمة لم تقبل دعوته.
يرى «عبدالله» أن الجمهور يجب عليه معرفة حقيقة الصور على مواقع التواصل، كيف يلتقطها أصحابها بعد ساعات من التجمل والتحضير، فأشكالهم ليست حقيقية، بل مصطنعة تمامًا للحظة من الزمن من أجل صورة.