تحقيق: لاعب التنس المصري كريم حسام يبيع مستقبله الرياضي بـ1000 دولار
في الثالث من يوليو 2018، أعلنت وحدة نزاهة التنس «TIU» حرمان اللاعب المصري كريم حسام، 24 عاما، والمصنف رقم 1136 على مستوى العالم، من ممارسة اللعبة نهائيا مدى الحياة، بعد كشفت تحقيقات أجريت وقتها عن تورطه في جرائم فساد خاصة بالمباريات.
وقررت الوحدة وقتها تغريم كريم 15 ألف دولار أمريكي، بعدما أدين في 16 اتهاما متعلقين بالفساد وفقا للقسم الرابع من برنامج مكافحة الفساد، الخاص بلعبة التنس.
وقتها اتهم كريم الذي يعد من أفضل اللاعبين في عالم التنس على المستوى العالم، بالتدخل في تحديد مباريات وتسهيل الرهانات، والتزويد بمعلومات تعطي أفضلية، وعدم إبلاغ الوحدة عن تلك الوقائع.
ووقعت تلك الخروقات في بطولات التنس التي نظمت بين عام 2013، و2017، خلال بطولات من فئة « Futures» التي ينظمها الاتحاد الدولي للعبة .
ووفقا لتحقيق مطول نشره موقع «بي بي سي» فإن أمنيات كريم بالوقوف في مواجهة أكبر لاعبي التنس على مستوى العالم، من خلال الاشتراك في أكبر المسابقات العالمية، إلا أن هذه الأمنيات أضحت محالة، بعد اشتراكه في واحدة من أكبر شبكات الغش المكتشفة في عالم الرياضة حتى الآن.
في التحقيق يقول مراسل بي بي سي إن مسيرة اللاعب المصري بدأت في الانهيار من داخل غرفة في فندق بسيط في تونس، في شهر يونيو 2017، وقتها كان كريم يجلس قبالة اثنين من محققي الشرطة البريطانية السابقين.
المحققان لسوء حظ كريم يعملان لصالح وحدة النزاهة في لعبة التنس، ويبحثان في استشراء الفساد في اللعبة، واعتراهما شك بأن كريم كان يتلاعب في نتائج المباريات.
وكشفت التحقيقات التي استمرت ستة شهور، كشف كريم أنه أصبح قبل أربع سنوات جزءا من أكبر شبكات التلاعب بالمباريات.
البداية من شرم الشيخ
ظهر موهبة كريم في التنس في بطولة شرم الشيخ المعروفة باسم دورة المستقبل للاتحاد الدولي للتنس، وهي للعلم لا ترتقي إلى مستوى بطولات مثل ويمبلدون أو رولان غاروس من ناحية عدد الحاضرين أو قيمة الجوائز، فعادة يحصل الفائز فيها على 15 ألف دولار، أي ربع المبلغ الذي يحصل عليه الخاسر في الجولة الأولى في ويمبلدون.
وفاز كريم حسام بهذه البطولة 4 مرات عندما شارك فيها لمرة أخرى في عام 2013.
كريم الذي انعقدت عليه آمال المهتمين باللعبة في مصر وشمال أفريقيا كونه واحدا من أفضل لاعبي التنس الناشئين في العالم، كان تصنيفه يقترب من أفضل عشرة ناشئين على المستوى العالمي. وكان قد بدأ في المشاركة في دورات اتحاد محترفي التنس الكبيرة جنبا الى جنب مع أفضل اللاعبين في العالم.
البداية كانت من شرم الشيخ وبدأت عندم وجه لاعب آخر لكريم سؤال «أتريد أن تخسر المباراة لقاء ألف دولار؟»، اللاعب نفسه اتصل بكريم قبل عدة شهور لعرض نفس الأمر عليه في بطولة قطر المفتوحة سائلا إن كان على استعداد لخسارة المجموعة الأولى في مباراة كان يشارك فيها لقاء ألف دولار.
كريم كان يواجه في هذه البطولة، واحدا من أفضل لاعبي العالم، وهو ريشار غاسكيه، الذي كان تصنيفه التاسع عالميا إلا أن كريم رد عليه بالقول: «أنا ألعب مع غاسكيه، ولست هنا لبيع المباراة».
لكن الموقف كان مختلف في شرم الشيخ فلم يكن من المهم لكريم أن يفوز أو يخسر، ولكن بعد التفكير في الأمر قرر أن يمضي قدما في موضوع التلاعب.
رغبة في التجربة
في التحقيقات قال كريم: «أردت أن أجرب الخوض في الموضوع لأني لم أجرب ذلك من قبل، وأعتقدت أني ذلك الشخص إنما كان يكذب عليّ، فلم أكن أعلم بأن المقامرة (على مباريات التنس) موجودةبالفعل».
للأسف الشخص صاحب العرض لم يكذب على كريم وبعد خسارة المباراة، ذهب كريم صحبة الشخص المذكور لمكتب لويستيرن يونيون، لتقاضي المبلغ الذي تعهد به، لتفتح المباراة طريقا آخر للمقامرة على مباريات التنس المقبلة.
بيع المستقبل
لم يستوعب اللاعب المصري الناشئ أنه باع مستقبله الرياضي كله، وليس مجرد مباراة، مقابل ألف دولار، فبالنسبة للسلطات المشرفة على لعبة التنس، عقوبة مخالفة واحدة من هذا النوع تصل للحظر الكلي من ممارسة اللعبة مدى الحياة.
عقب انتهاء الوقاعة أخبر كريم والده بالواقعة وقال للمحققين، إن أبوه غضب غضبا شديدا، وقال له إنه يدمر حياته بهذه الصفقات.
حاول كريم بعد هذه الواقعة تجنب تكرارها، ولكنه اعتقد أيضا أنه لو كان لديه المزيد من المال سيكون من الأسهل عليه أن يطور مسيرته الرياضية. حيث قال في التحقيقات: «أردت أن أشترك في دورات كبيرة ومهمة كدورات في الولايات المتحدة أو غيرها، وكل ذلك كان يتطلب المال».
وبدأ كريم رحلته مع الصفقات السرية، وواصل تقاضي الأموال مقابل خسارة المباريات، ولم يمض وقت طويل حتى أصبح هو الآخر وسيطا لشبكات القمار، كان ذلك يتطلب بين الفينة والأخرى خسارة مباراة، وفي حالات أخرى خسارة مجموعة واحدة في إحدى المباريات.
4 سنوات من الفساد
قضى كريم 4 سنوات في المساعدة في التلاعب بنتائج المباريات في مصر وتونس ونيجيريا، وكان يتقاضى لقاء كل عملية من مائتي إلى ألف دولار.
وتُظهر كمية كبيرة من الوثائق السرية، التي اطلعت عليها بي بي سي أن كريم تلاعب بنتائج مباريات من خلال رسائل تبادلها عبر فيسبوك مع العشرات من لاعبي شمال افريقيا.
ففي مايو 2016، كتب كريم للاعب جزائري عارضا «أخي، اخسر المجموعة الأولى، ثم فز بالمباراة وستحصل على 2500 دولار».
كانت مهمة كريم تتلخص في إتمام الصفقات وإقناع اللاعب بأنه المهم أن يخسر المجموعة الأولى لكنه سيفوز بالمباراة، مستغلا حاجة اللاعبين للمال خصوصا في بلدان شمال أفريقيا.
وتشير الوثائق إلى تورط أكثر من 20 لاعبا إفريقيا شماليا إما بشكل مباشر في التلاعب بنتائج مباريات أو بشكل غير مباشر بعدم إخبار السلطات عندما طلب منهم وسطاء ذلك.
عقب انتهاء التحقيق، بعث كريم رسالة إلى أخيه الأصغر يوسف، وهو لاعب تنس محترف كذلك، قال فيها: ألقوا القبض عليّ في غرفتي. وكنت غبيا لأني لم أحذف بعض الأشياء.
وحاول كريم تفادي العقوبات القاسية من خلال عرضه التعاون مع السلطات مقابل مساعدتهم في الوصول لوسطاء المقامرة، وشبكات الفساد الدولية إلا أنه في النهاية عوقب بالحرمان من اللعبة مدى الحياة.