لماذا ألغت معظم دول العالم عقوبة الإعدام؟

لماذا ألغت معظم دول العالم عقوبة الإعدام؟

باتت النبرة المنددة بأحكام الإعدام التي تصدر في بعض الدول أكثر من أي وقت مضى، خصوصا بعدما أقدم ثلثي دول العالم على تخليهم بشكل كامل عن عقوبة الإعدام، ولم يتبق إلا عدد قليل من الدول التي ترفض فكرة إلغاء العقوبة، غالبيتها في الشرق الأوسط، والمنطقة العربية.

تطالب جمعيات حقوق الإنسان حول العالم، ومن بينها منظمات عربية غير رسمية بإلغاء عقوبة الإعدام، واعتماد أساليب أخرى في الردع والعقاب ليس من بينها القتل، على اعتبار أن ذلك يعد عقابا انتقاميا لن يستفيد منه المجتمع، ولا حتى المجني عليهم.

 لكن ترفض غالبية الدول العربية هذا الطرح، على اعتبار أن الإعدام أحد طرق مواجهة الجرائم البشعة، والتي تهدد أمن الدول والمجتمعات، لذا ترفض حكومات هذه الدول مطالبات الجمعيات الحقوقية، والحكومات الأوربية بإلغائه.

لماذا ترفض الدول الإعدام؟

 الأصوات المنادية بإلغاء العقوبة باتت مسموعة حتى في غالبية الدول الأفريقية، وتشير إحصائيات منظمة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى أن تراجع تنفيذ أحكام الإعدام خلال السنوات الماضية، ساهم في تراجع معدلات القتل في مثل هذه الدول.

وتشير بعض المنظمات المطالبة بإلغاء الإعدام إلى أن وقف العقوبة ساهم في تراجع معدلات القتل كما حدث في كندا، حيث كان معدل جرائم القتل في عام 2008 أقل من نصف معدل عام 1976 الذي حُظِرَت فيه عقوبة الإعدام هناك.

وترفع الدول المطالبة بإلغاء العقوبة عدد من الأسباب التي تدعو لذلك، من أشهرها، أن المحكومون بعقوبة الإعدام يستحيل إنقاذهم حال ثبوت براءتهم، ويوضح الرسم التالي تفاصيل أسباب رفض هذه الدول لتطبيق العقوبة.


 

إحصائيات الإعدام حول العالم

وتشير الإحصائيات إلى أنه في عام 2017 نفذ 993 عملية إعدام في 23 بلدا على مستوى العالم، وهو رقم أقل بنسبة 4% من الأرقام التي نفذت في 2016 الذي شهد تنفيذ 1039 عملية إعدام، وأقل بنسبة 39% مقارنة بالإعدامات التي تمت في 2015.

ووفقا للمرصد العربي المناهض لعقوبة الإعدام، «مرصد حقوقي غير رسمي» فإن الدول التي ألغت العقوبة بالنسبة لجميع الجرائم، تصل لـ92 دولة حول العالم، إضافة إلى 10 دول ألغت العقوبة بالنسبة للجرائم العادية فقط، بينما 35 دولة ألغت العقوبة عمليًا، بينما يصل إجمالي الدول التي ألغت العقوبة في القانون والممارسة إلى 137.

60 دولة تطبق الإعدام

ووفقا لما رصده المركز يوجد حوالي 60 دولة فقط، لا تزال تنفذ أحكام الإعدام، منها 22 دولة نفذت عمليات الإعدام في عام 2014، 72% من هذه العمليات تمت في دول السعودية وإيران والعراق.

نصوص أممية تحظر الإعدام

وبالعودة لنصوص المنظمة الدولية الأكبر، ينص البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 15 ديسمبر 1989، على إلغاء عقوبة الإعدام نهائيا.

ووفقا لموقع وزارة الخارجية الفرنسية، النسخة العربية، فإن 81 دولة حول العالم وافقت على هذا الإعلان، كما الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان اعتمد قرارات بوقف عقوبة الإعدام في الأعوام 2007 و2008  و 2010 و 2014 بأغلبية لم ينفك يتسع نطاقها كل عام.

ففي سنة 2014، أيد القرار 117 صوتًا، مقابل 38 صوتا معارضا، وامتناع 34 دولة.

حكاية أول ولاية ألغت الإعدام

ووفقا لمواقع إلكترونية تابعة للأمم المتحدة فإن ولاية توسكانا الإيطالية كانت أول ولاية أوربية تقر إلغاء عقوبة الإعدام، وكان ذلك في العام 1786، لتبدأ مدن العالم منذ هذا التاريخ أن تحذو حذو لتوسكانا.

وتعد دول الاتحاد الأوربي هي الأكثر صرامة في تطبيق إلغاء الإعدام، ويعد إلغائه هدف رئيسي لسياسة الاتحاد في مجال حقوق الإنسان، كما أن الإلغاء هو شرط مسبق لدخول الاتحاد، وأقدمت دول خارج الاتحاد كتركيا وروسيا على نفس الأمر مؤخرا.

وفي أستراليا نفذ آخر حكم بالإعدام، في عام 1967، لكن بشكل فعلي ألغيا الإعدام رسميا في عام 1984، وكانت ولاية كوينزلاند أولى الولايات الأمريكية التي عطّلت العمل بأحكام الإعدام عام 1922 بينما قامت ولاية نيو ساوث ويلز بتعطيله لأي جريمة كانت في عام 1985.

وبشكل عام عطلت الولايات المتحدة عقوبة الإعدام بشكل فدرالي، إلا عدد كبير من ولاياتها لازال يستخدمها كعقوبة.

 ورغم أن الاتجاه السائد حاليا هو إلغاء الإعدام من العقوبات المقررة إلا أن هناك 5 دول صناعية كبرى لا تزال تقر هذه العقوبة هي «الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، الصين، سنغافورة، وتايوان».

الإعدام في أفريقيا

من الدول التي أقرت إلغاء عقوبة الإعدام أيضا ما يزيد عن 20 دولة في قارة أفريقيا، غالبيتها أقدمت على هذا القرار عقب استقلالها من الاحتلال الأوروبي الذي امتد لسنوات.


الصين وإيران الأولى في الإعدام

وتتصدر دول شرق آسيا الدول التي تطبق الإعدام وفي طليعتها الصين، التي لا يوجد إحصاء دقيق بعدد عمليات الإعدام، لتكتم السلطات على هذه المعلومات، لكن في الغالب يصنف أكثر من ينفذ فيهم الإعدام على أنهم مزارعين فقراء، تليها دولة إيران التي توسعت في الفترة الأخيرة في تطبيق عقوبة الإعدام، يليها السعودية والعراق.

عبدالغني دياب

عبدالغني دياب

صحفي مصري متخصص في الشؤون السياسية والاجتماعية