ذكرى حرب الأفيون الأولى.. عندما تلاعبت بريطانيا بالعقل الصيني
أغلب الأسباب التي تندلع من أجلها الحروب تتمثل في توسيع نطاق دولة ما فتحارب جارتها وتستولي على أرضها، أو الاستيلاء علي موارد دولة معينة لإنعاش اقتصاد الدولة الاستعمارية..
لكن الحرب من أجل الكيف وتجارة المخدرات لجني الأرباح الهائلية التي تحرمها وتجرمها المواثيق الدولية هذا هو ما يدعوا للتعجب، وهذا ما حدث بالفعل في حربي الأفيون الأولي التي اندلعت في مثل هذا اليوم.
توسيع آفاق
القرن الثامن عشر كانت العلاقات التجارية بين بريطانيا والصين في أوجها، خاصة مع استيراد بريطانيا الكثير من المنتجات الصين في المقابل استيراد الثانية منتجات محدودة جدًا من الأولي، الأمر الذي طلبت بريطانيا بتوسيع أفاق التجارة بين البلدين إلا أن الصين رفضت الطلب مبررة إنها دولة لديها اكتفاء ذاتي لا تحتاج استيراد المزيد من المنتجات البريطانية.
لم تكف بريطانيا عن المحاولة فتحايلت على العقل الصيني وأجبرت إحدي شركاتها "الهند الشرقية البريطانية" التي كانت تعمل مع الصين آنذاك أن تقوم بزراعة الأفيون في المناطق الوسطي والشمالية من الهند وتصديره إلى الصين كوسيلة لدفع قيمة واردتها للصين، فكانت أول شحنة أفيون للصين عام 1781.
الشعب الصيني أدمن الأفيون، وانتقل التقدم والازدهار من الصين إلي بريطانيا، انتعشت الخزائن البريطانية وافرغت مثيلتها الصين، ما أجبر الإمبراطور الصيني إلي محاولة انتشال شعبه من الشر المتسوحل في بلده.
اندلاع الحرب (الأولى)
أصدر الإمبراطور الصيني يونج تشينج مرسومًا بمنع استيراد الأفيون، حتي إنه أرسل ممثل عنه ليصادر شحنة أفيون، ومن ثم ذهب الممثل لمركز تجارة الأفيون البريطاني وقام بحرق ألفي طن من الأفيون على أعتاب الصين، الأمر الذي استفز البريطانيون وجعلهم يدقون قلاع بكين لتكون حرب الأفيون الأولي 1840 لتستمر حتى عام 1842، إلا أن دفاع الصين لم يكن بقوة هجوم بريطانيا الأمر الذي أسفر عن توقيع معاهدة فان جنح أو ما تسمي "ينكن" والتي فيها سلمت الصين 5 من موانيها لتجارة بريطانيا و ضريبة مغايرة للمنتجات البريطانية .
الاتفاقية
أهم ماتنص عليه هذه الاتفاقية هو تنازل الصين عن جزر هونغ كونغ لبريطانيا والتي أصبحت فيما بعد قاعدة عسكرية وسياسية لها وتم فتح خمسة موانئ للتجارة البريطانية ودفع تعويضات لبريطانيين عن نفقات الحرب، وتحديد تعريفة جمركية علي الواردات البريطانية باتفاق الجانبين، ما أفقد الصين سيادتها في فرض الضرائب. كما نصت الاتفاقية علي تطبيق نص الدولة الأولى بالرعاية في التجارة.
وفي العام التالي، اجبرت بريطانيا الصين علي توقيع ملحق لهذه الاتفاقية ينص بتحديد نسبة5% علي الصادرات البريطانية إلي الصين.
وتعتبر اتفاقية "فان جينج" بداية سلسلة من الاتفاقات غير المتكافئة والمهينة التي وقعتها الصين مع الدول الغربية في ذلك الوقت.
فشل "فان جنج"
لم تحقق معاهدة "فان جنج" ما كانت تصبوا إليه بريطانيا والقوي الغربية. فلم يرتفع حجم التجارة مع الصين كما كانوا يتوقعون. والحظر علي استيراد الافيون استمر، فوقعت حرب الأفيون الثانية.