هزت الملكة فريدة عرش فاروق، حينما وقع الطلاق في 19 نوفمبر 1948 وخرجت المظاهرات تهتف لها
الملكة فريدة.. الزلزال الأكبر الذي هز قلب وعرش فاروق
كانت الملكة فريدة أول امرأة تدخل قلب وقصر وعرش الملك فاروق، لكنها بعد إحدى عشرة سنة من زواجها طلبت الطلاق، بعد أن فضلت أن تكون امرأة على أن تصير ملكة. أشرف توفيق روى القصة كاملة في كتابه «نساء الملك فاروق».
الملكة فريدة زوجة شرقية
يمكن القول، أن هذا الطلاق جاء نتيجة طبيعية للحياة التي عاشتها فريدة وهي على العرس كإنسانة لا يروق لها ما يحدث داخل القصر، ولهذا اختلف الناس حولها، فالمصريون لقبوها بالطاهرة وأعجبوا بها لأنها قررت أن تكون امرأة وزوجة بالمعنى الشرقي، أما الغرب فاعتبروها «فلاحة» لأنها لا تفهم معنى أن تكون ملكة، ولأنها لا تعرف أن للملكية طقوساً فوق الأنثوية.
المهم أن «فريدة» هزت بشدة عرش فاروق، فحينما وقع الطلاق في 19 نوفمبر 1948 خرجت المظاهرات – على الأرجح مظاهرتان –، وهتفت الجماهير «حذاء فريدة فوق رأس فاروق»، و«خرجت من بيت الدعارة لبيت الطهارة»، فالغالبية من أبناء الشعب وقتها كانوا يعتبرونها بطلة قومية، لأنها قاومت فساد الملك، واعتبروها الوحيدة التي قالت لفاروق «لا»، وقالت له «أنا أو الحاشية».
أما الغرب فيقولون إنها امرأة غيورة، أخرجت كل أسرار الملك الخاصة إلى أقاربها، فكانت تحدث رؤساء الوزراء عن مفاسد الملك، فيستغلون ذلك ضده، بل إنها حررت محضراً رسمياً لإحدى عشيقاته حينما وجدتها عارية بالقصر، بل إن الغرب يقرر أن فريدة هي المسئولة عن انحراف فاروق الجنسي ونزواته.
الملكة فريدة ورحلة أوروبا
لم تكن فريدة أو صافيناز ذو الفقار غريبة عن الملك فاروق، ولم تكن شخصية مجهولة ما زالت تحتاج للدراسة قبل أن يتزوجها، فقد كانت أمها هي السيدة زينب كريمة محمد سعيد باشا، وكانت «زينب» على عادة الأسرة المالكة وصيفة من وصيفات الملكة نازلي في بداية زواجها من الملك أحمد فؤاد الأول، بل إن «نازلي» كانت ترشح «صافيناز» ضمن من ترشحهن للزواج بالملك الشاب فاروق الأول.
وذات يوم طلبت «نازلي» من «زينب» أن ترسل «صافيناز» لتصاحب فاروق وأخواته البنات في رحلة لأوروبا لمدة أيام، وتعللت أمها بأكثر من علة لتخرج من هذا المأزق، منها أن الأمر ليس بيدها، وإنما بيد والدها يوسف باشا ذو الفقار قاضي محكمة الاستئناف.
لكن «نازلي» أصرت وقالت «إن الأميرات أخوات فاروق يصررن على أن تصاحبهن صافيناز، وإلا فإنهن لن يسافرن، وإذا أصر يوسف ذو الفقار على الرفض، فقولي له إن هذا أمر ملكي».
وسافرت «صافيناز» بصحبة «نازلي» و«فاروق» وأخوته إلى أوروبا، وحين تلاقت العيون خفق قلب «صافيناز»، وحدثت حوارات طويلة بينهما.
خطوبة الملكة فريدة
وبعد عودته إلى مصر، وفي جناحه بقصر عابدين، رفع الملك فاروق التليفون واستدعى خادمه الإيطالي «بولي»، وقال له «قل للجنرال فتحي سنذهب إلى الإسكندرية حالاً»، وفي الطريق أوقف «فاروق» السيارة أمام منزل يوسف باشا ذو الفقار، وأمام شرفة صافيناز ناداها ووقف في مواجهتها وصاح الملك «صافيناز هل تتزوجيني؟». وقتها كان عمره 17 عاماً، وعمرها 15 عاماً.
وعندما فاتح «فاروق» أمه «نازلي» في الموضوع، قالت له إن عمره وعمر صافنياز صغيرًا، وكلاهما ليس صالحاً للزواج، وأنها تفضل أن ينتظر حتى الثلاثين، لكن «فاروق» أصر على موقفه، وتمت الخطبة.
كانت صافنياز وقتها ما زالت تحمل كتبها على صدرها كتلميذة في مدرسة نوتردام، ومنحها الملك فاروق اسماً ملكياً يبدأ بحرف الفاء تيمناً بنصائح أبيه الملك «فاروق»، ورفض اسم «فردوس»، لأن العامة ينطقون الفاء بالفتح بدلاً من الكسر، فتضيع بهجة الاسم الذي معناه «الجنة»، واستقر الرأي على اختيار اسم «فريدة»، لأنه اسم شعبي يرحب به الشعب.
طلاق الملكة فريدة
وإذا كانت حياة «فاروق» مع «فريدة» قد هزته، وهزت عرشه، فإن طلاقها قد أوقعه في مشكلة، عندما طلب من الشيخ محمد المراغي شيخ الأزهر بعد طلاقها أن يفتي بتحريم زواجها مرة أخرى، فرفض الشيخ، وقال قولته الشهيرة «أما الطلاق فلا أرده، وأما التحريم فلا أملكه»، وأفهم الملك أن تحريم الزواج بأمهات المؤمنين زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم خاص بالرسول فقط.
ويختلف المحللون على بداية التباعد الحقيقي بين «فاروق» و«فريدة»، وهل هو عام 1940، أم هو 1942؟،. فالبعض يرى أن البداية كانت مع حسناوات فرقة إنجليزية جاءت إلى مصر عام 1940، ولكن البعض الآخر يقرر أن هذه نزوات عابرة تحدث للجميع، ولكن الانحراف يبدأ بالالتصاق المتوالي أو الدائم بامرأة معينة، ويؤرخون ذلك بعام 1942، حينما وجد بجوار اسم الملك أسماء لأخريات كالراقصتين زينات مجدي، وعايدة عزيز، والمطربة الفرنسية آني برييه.
الملكة فريدة وحسني مبارك
على كلٍ، استمرت الملكة فريدة تحمل لقب الملكة منذ عقد القران عام 1938 حتى رحلت في 17 أكتوبر عام 1988 عن حياة ذات شقين، شقي ملكي وشق فني، وقد أقيم لها أكثر من معرض في باريس والبحرين، وكانت أول من استخدم لفظ الجلالة «الجلالة» في لوحاتها لتعيش.
وقد خرجت فريدة من مصر عام 1963 إلى لبنان، وانتقلت لمدريد عام 1975، والولايات المتحدة عام 1983، ثم عادت إلى مصر عام 1988، حيث منحها الرئيس الأسبق حسني مبارك شقة في 14 شارع السرايات الدور الثالث ، وفيها قضت أواخر أيامها.