خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان مكتوبة وخطب عن الأسبوع الرابع في الشهر

خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان مكتوبة وخطب عن الأسبوع الرابع في الشهر

يعتلي الخطباء المنابر في الأسبوع الرابع من الشهر المبارك ليلقون الخطب التي يودعونه بها على المصلين في المساجد، وينقلون خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان مكتوبة لمسامع المسلمين للاقتداء بما فيها من تعاليم الإسلام والابتعاد عما ينهاهم عنه.

بعض الأئمة تقوم بنشر خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان مكتوبة لتعم فائدتها على جموع المسلمين في مصر والعالم أجمع من خلال الخطب الملقاه في المساجد.

خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان مكتوبة

وننشر لكم خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان مكتوبة وقصيرة لتتناسب مع جميع المصلين، وهي تحض على صلاة الفطر ووجوب إخراج زكاة الفطر في موعدها وبالقدر المنصوص عليه في الإسلام.

ونستهل خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان بالحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:- عباد الله:

اتقوا الله تعالى وراقبوه, وتزودوا بما يقربكم إلى الله, واجتنبوا ما يوقعكم في سخطه وعقابه. وتذكّروا ما كنَّا فيه بالأمس من غِبطة وسعادة بقدوم شهر رمضان, وها نحن اليوم في آخر جمعة من رمضان, فلينظر كل واحدٍ منَّا ماذا أودع فيه من العمل. وهل استفاد من هذا الشهر واستغلَّه, أم أنه فرّط فيه, وغفل مع الغافلين. والمؤمن الصادق كما أنه يفرح بقدوم رمضان ويجتهد فيه, فإنه يحزن لفراقه وانقضاء أيامه, لما فيه من الفضائل والفرص الكثيرة, ولما فيه من الأجواء التي تنشط على العبادة وتنفر من المعاصي, ولأنه يخشى من عدم القبول, فإن من صفات السابقين بالخيرات, عدَمَ الإغترار بالعمل, والخوف من عدم القبول, بخلاف المُمْتنين على الله بأعمالهم, فإنهم يستكثرون ما يفعلونه, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك: العُجْب العُجْب ). وقالت عائشة رضي الله عنها: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ , أَهُو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر ويخاف الله ؟ قال: ( لا يا بنت الصديق ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل ), وفي رواية: ( هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يُقبل منهم ﴿ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ )، ولذلك تجد هؤلاء السابقين لا يتوقفون عن العمل, لأن العُمُرَ كلَّه فرصة للتزَوُّد في رمضان وبعد رمضان.

عباد الله: اختموا شهركم بكثرة الإستغفار, وسؤال الله القبول, ومن كان مقصراً أو مفرطاً فليتب إلى الله ولا يقنط من رحمة الله.

واعلموا أن مِن شعائرِ الإسلام الظاهرة: صدقةَ الفطر, فرضها النبي صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام, على الصغير والكبير والذكر والأنثي والحر والعبد من المسلمين.

وقد شرعها الله تعالى وأمر بها لِحِكَمٍ كثيرة:

منها: أنها طُهرَةٌ للصائم من اللغو والرفث.

ومنها: أنها طعمةٌ للمساكين.

ومنها: إظهارٌ التراحم والتواصل بين المسلمين, فقيرِهم وغنيِّهِم,

فهي صورة ظاهرة, ومثال حيٌ للتكافل الإجتماعي، حينما يقومُ المسلمُون, صغيرُهُم وكبيرُهم, فَيُخْرِجُون زكاتهم للمساكين في آخر الشهر, وكذلك صبيحةِ يومِ العيد.

فيا له من منظر عظيم يشرح الصدور ويَفرَحُ به المؤمنون, لأنه يدل على الأخوة الصادقة, والتراحمِ بين المؤمنين, وتعظيمِ أمر الله.

فما ظَنُّكُم بمن يرى المسلمين وهم يؤدونها بهذه الصورة الظاهرة, كيف سيكون شعوره، ونظرته إلى هذا الدين, وأحكامه. وغيرُ ذلك من الحِكَم التي من أجلّها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجها بهذه الصورة الظاهرة, صاعاً من طعام.

ومع ذلك نسمع من يفتي بإخراجها نقوداً ويخالف المنقول عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه قولاً وفعلاً, وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( من عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رد ).

وأما مَن نُقِلَ عنه من بعض المتقدمين القولُ بإخراجها نقوداً, فبدلاً من أن نبحث له عن عُذْرٍ نعتذر له به, لأنه خالف السنة, نذهب للأخذ بقوله وننسف النصوص الواضحة الصريحة, والتي لا تحتمل أدنى تأويل من أنها صاعٌ من طعام.

فاتقوا الله عباد الله, واعتنوا بعبادتكم, واحرصوا على أدائها, بالطريقة التي أُمِِرْتم بها, واعلموا أنَّ كلاً يُؤخذ من قوله ويُرَد, إلا الرسول صلى الله عليه وسلم.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ؛ أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.

خطبة آخر جمعة من رمضان مكتوبة

وخطبة آخر جمعة من رمضان مكتوبة تتحدث عن حصاد الشهر وضرورة الحرص عليه، الزكاة ومن تجب عليه، صلاة عيد الفطر وصدقته، وتقول: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ... أمَّا بعدُ:

أيها الإخوةُ المؤمنونَ: كَتبَ عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ- رحمهُ اللهُ تعَالى - إلى الأَمْصَارِ يأْمُرُهُمْ بخَتْمِ شهرِ رمضانَ بالاستغفارِ والصدقةِ - صَدَقةِ الفطرِ -، فصَدَقَةُ الفِطْرِ طُهرةٌ للصائمِ من اللَّغْوِ والرَّفَثِ، والاستغفارُ يُرَقِّعُ مَا تَخَرَّقَ مِن الصِّيَامِ باللغوِ والرَّفَثِ، ولهذَا قالَ بعضُ الْمُتَقَدِّمِينَ: "إنَّ صَدقةَ الفِطْرِ للصَّائِمِ كسجدَتَيِ السَّهْوِ للصَّلاَةِ".

وتَجِبُ هذِه الزَّكاةُ على كلِّ مسلمٍ فَضُلَ لَه يومَ العيدِ وليلَتَهُ-عَن قُوتِهِ وقوتِ عِيَالهِ وحَوائِجِهِ الأصْلِيَّةِ- شَيئًا مِن طَعامٍ، لا فَرقَ بينَ ذكرٍ وأنُثْى ولا بينَ صَغيرٍ وكبيرٍ، بَل لا فَرقَ بينَ غَنِيٍّ وفَقَيرٍ، ولا بينَ صَائمٍ وغيرِ صَائمٍ.

ويجبُ إخراجُهَا عَمَّن تَلزَمُهُ مَؤُونَتُه مِن زَوجةٍ أو قريبٍ إذا لَم يَستطِيعُوا إخْراجَهَا عَن أنفُسِهِم، فإنِ اسْتَطَاعُوا فالأَوْلى أَن يُخْرِجُوهَا عن أَنفُسِهِم، لأَنَّهم المخَاطَبُونَ بِهَا أصْلاً.

وأمَّا الجَنِينُ في بطنِ أمِّهِ إذَا أَكملَ أربعةَ أشْهُرٍ اسْتَحَبَّ بعضُ أهلِ العلمِ أَن تُخْرَجَ عَنه زَكاةُ الفطرِ تَطَوُّعاً من غيرِ وُجوبٍ؛ لفِعْلِ عُثمانَ بْنِ عَفَّان.

والواجبُ في صدقةِ الفطرِ صَاعٌ، والمرادُ بالصَّاعِ: الصَّاعُ النَبَوِيُّ، وصاعُ المَدِينةِ يُسَاوِي بالكيلو في زماننا الحاضِرِ =(كِيلوين وأربعينَ جراماً) مِنَ الْبُرِّ الجيِّدِ،وأمَا الأَرُزُّ ومَا أشبهَ ذَلكَ من الأطعمةِ الثقيلةِ فيزيدُ وزْنُه، والوزنُ المعتدِلُ(ثلاثَ كِيلو تقريباً).

فاعتبارُ الصَّاعِ هو الأساسُ وهو الأحوطُ في الأحوالِ والأطمعةِ كلِّهَا، خُروجاً من الخِلافِ واتِّبَاعاً للنصِّ الثابتِ بيقينٍ.

تُؤَدَّى صدقةُ الفطرِ مِن غَالبِ قُوتِ البلَدِ، وإنْ لَمْ يُنَصَّ عليهِ فِي الحديثِ، كالأُرزِ مثلاً، وعلَى هذَا فَلا يُجزِئُ إخرَاجُهَا مِن الدَّرَاهِمِ والفُرُشِ واللِّباسِ وأقواتِ البهَائمِ والأمتعةِ وغيرِهَا لأنَّ ذلكَ خِلافُ ما أَمَرَ بهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

وأمَّا زَمَنُ إخْرَاجِهَا فلَه وقْتَانِ: وقتُ فَضِيلةٍ، ووقتُ جَوَازٍ.

فأمَّا وقتُ الفضيلةِ: فهو صَباحُ العيدِ قبلَ الصلاةِ، ويجُوزُ إخرَاجُهَا قبلَ العيدِ بيومٍ أو يومينِ ولا يجوزُ تأخيرُهَا عن صلاةِ العيدِ، فإنْ أخَّرَهَا عَن صلاةِ العيدِ بِلا عُذرٍ لَم تُقبلْ مِنهُ لأنَّه خِلافُ ما أمَرَ بهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفِي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ مَنْ أَدَّاهَا قَبلَ الصلاةِ فهي زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ، رواهُ أَبو داودَ.... وأمَّا إنْ أخَّرَهَا لعُذرٍ فَلا بأسَ.

أيها المسلمونَلزكاةِ الفطرِ خُصُوصِيَّتُهَا في مصَارِفِهَا، فلهَا مَصْرِفَانِ فقط،وهمُ الفقراءُ والمساكينُ.

وأمَّا مكانُ دفْعِهَا فتُدْفَعْ إلى فُقرَاءِ المكانِ الذي هوَ فيهِ.

عبادَ اللهِ.. أكثِروا مِن التكبيرِ ليلةَ العيدِ إلى صلاةِ العيدِ تعظيماً للهِ وشكراً له على إتمامِ النعمةِ؛ يقولُ جلَّ وَعَلا: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

عباد الله... لقدْ أوْشَكَ شهرُكُم علَى الرَّحِيلِ وخَتْمِ مَا أوْدَعتُمُوهُ فيهِ من أعْمَالٍ وأقوالٍ فمَنْ أحسنَ فيهِ وجَوَّدَ فهُو الآنَ يحصِدُ آثَارَهُ الْمُشْرِقَةَ وأنوَارَهُ الْمُبْهِجَةَ فإنَّ للطاعةِ أثراً على صاحبِهَا في وقتِه ومالِه وصحَّتِه وعيالِهِ.

عبادَ اللهِ... مَن كَانَ مَنعَ نفسَهُ في شهرِ رمضانَ من الحرامِ فلْيَمْنَعْهَا فيمَا بعدَه من الشهورِ والأعوامِ فإنَّ إلَه الشهرينِ واحدٌ وهو على الزَّمَانَيْنِ مُطَّلِعٌ وشَاهِدٌ. جزَانا اللهُ وإياكمْ عَلى فِرَاقِ شهرِ البركةِ وأجْزَلَ أقْسَامَنَا وأقسَامَكُم من رحمتهِ المشتركةِ وباركَ لنَا ولكُم في بقيَّتِه وسَلكَ بِنَا وبكُم طَريقَ هِدَايتِهِ بفضلِه ورحمتِه.

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى إِتْمَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى الوَجْهِ الذِيْ يُرْضِيكَ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ، اللهم لا يبلغُ مِدْحتَك قولُ قَائلٍ، ولا يَجزِي بآلائِكَ أَحدٌ. ربَّنا وجهُكَ أكرمُ الوُجُوهِ، وجَاهُكَ أعظمُ الجَاهِ، وعَطِيَّتُكَ أفضلُ العطَايا. تُطَاعُ ربَّنَا فتشكُرُ، وتُعصَى فتَغْفِرُ، وتُجِيبَ المضطرَّ، وتكشف الضُّرَّ.

اللهمَّ اختِمْ لنَا شهرَ رمضانَ برِضوَانِكَ، وأعِذْنَا مِن عُقُوبَتِكَ ونِيرانِكَ. اللهمَّ اجعلْ موعِدَنَا بَحْبُوحَةَ جِنَانِكَ. اللهمَّ اجعلْنَا مِمَّن قَبِلْتَ صِيامَهُ، وأسعَدْتَه بطاعَتِكَ فاسْتَعَدَّ لما أمَامَه، وغَفَرْتَ زلَلَه وإجْرَامَه. اللهمَّ لا تجعلْ حَظَّنَا مِن صِيَامِنَا الجوعَ والعطشَ، ولا تجعلْ حَظَّنَا مِن قِيامِنَا التَّعَبَ والسَّهَرَ. اللهمَّ واجْعَلْنَا مِمَّن وافَقَ ليلةَ القدرِ، فحازَ عظيمَ الثوابِ والأجرِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ.

اللهمَّ واجْعَلْنَا مِمَّن صَامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً. اللهمَّ اجْعَلْنَا مِمَّن قَامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً. اللهمَّ لا تُفَرِّقْ هَذَا الْجَمْعَ إلاَّ وقَدْ غَفَرْتَ جَميعَ ذُنُوبِهِ.. اللهمَّ اعْتِقْ رِقَابَنَا، ورِقَابَ آبَائِنَا، وأمهَاتِنَا، وذريَّاتِنَا ومَنْ لَه حَقٌّ عَلَينَا، اللهمَّ اعْتِقْنَا جميعاً مِنَ النارِ.

اللهمَّ إنا نسأَلُكَ رِضَاكَ والْجَنَّةَ، ونعوذُ بكَ مِن سَخَطِكَ والنارِ، بِرحمَتِكَ يَا أرحمَ الراحمينَ.. سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزَّةِ عمَّا يصفونَ وسلامٌ على المرسلينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

خطبة آخر جمعة من رمضان 

وفي خطبة آخر جمعة من رمضان عباد الله، إن أبواب الرحمة في رمضان فتحت، والشياطين فيها صفدت، والأعمال فيها ثوابها الجنة إذا بالخير رفعت، ومن غفل عن شهر رمضان وفضله فإن النار له نصبت، واعلموا عباد الله إنما الأعمال بخواتيمها، فاختموا شهركم الفضيل بخير ما يحبه الله من أعمال ألا وهي الزكاة، فهي طهرة لصيمكم، وكفارة للغوكم وزلاتهم وأخطائكم، زواجبكم اتجاه أخوتكم في الله والدين، وتذكروا عباد الله أن زكاة الفطر واجبة عليكم قبل صلاة العيد، حتى تنالوا ثوابها وثواب الشهر الفضيل، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: {فرضَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ}.

فحضروا ما استطعتم مما طابت به نفسكم حتى تقدموها في سبيل الله، واحرصوا على تقديمها في وقتها، واخفظوا ماء وجه من تقدمونها لهم، فإن أفضل الزكاة عند الله من كانت يده اليسرى لم تعلم ما فعلته يده اليمنى من خير، واعلموا عباد الله أن ربكم مطلع على أعمالكم وما تعلنون وما تسرون، قال الله تعالى في كتابه الحكيم: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، فاتقوا يوماً ترجعون به إلى الله، يوم لا تشفع فيه لكم ألا أعمالكم، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}، فَاغتنموا فرصة ختام العشر الأواخر من رمضان بالصدقة، لما لها من أجر عند الله وثواب عظيم، ولا تكونوا من الخاسرين والنادمين.

خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان 

وتتطرق خطبة الجمعة الأخيرة من رمضان الثانية عن حصاد الشهر وزكاة الفطر وعلى من تجب، صلاة العيد، وغيرها وتبدأ بالْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ... أمَّا بعدُ:

أيها الإخوةُ المؤمنونَ: كَتبَ عُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ- رحمهُ اللهُ تعَالى - إلى الأَمْصَارِ يأْمُرُهُمْ بخَتْمِ شهرِ رمضانَ بالاستغفارِ والصدقةِ - صَدَقةِ الفطرِ -، فصَدَقَةُ الفِطْرِ طُهرةٌ للصائمِ من اللَّغْوِ والرَّفَثِ، والاستغفارُ يُرَقِّعُ مَا تَخَرَّقَ مِن الصِّيَامِ باللغوِ والرَّفَثِ، ولهذَا قالَ بعضُ الْمُتَقَدِّمِينَ: "إنَّ صَدقةَ الفِطْرِ للصَّائِمِ كسجدَتَيِ السَّهْوِ للصَّلاَةِ".

وتَجِبُ هذِه الزَّكاةُ على كلِّ مسلمٍ فَضُلَ لَه يومَ العيدِ وليلَتَهُ-عَن قُوتِهِ وقوتِ عِيَالهِ وحَوائِجِهِ الأصْلِيَّةِ- شَيئًا مِن طَعامٍ، لا فَرقَ بينَ ذكرٍ وأنُثْى ولا بينَ صَغيرٍ وكبيرٍ، بَل لا فَرقَ بينَ غَنِيٍّ وفَقَيرٍ، ولا بينَ صَائمٍ وغيرِ صَائمٍ.

ويجبُ إخراجُهَا عَمَّن تَلزَمُهُ مَؤُونَتُه مِن زَوجةٍ أو قريبٍ إذا لَم يَستطِيعُوا إخْراجَهَا عَن أنفُسِهِم، فإنِ اسْتَطَاعُوا فالأَوْلى أَن يُخْرِجُوهَا عن أَنفُسِهِم، لأَنَّهم المخَاطَبُونَ بِهَا أصْلاً.

وأمَّا الجَنِينُ في بطنِ أمِّهِ إذَا أَكملَ أربعةَ أشْهُرٍ اسْتَحَبَّ بعضُ أهلِ العلمِ أَن تُخْرَجَ عَنه زَكاةُ الفطرِ تَطَوُّعاً من غيرِ وُجوبٍ؛ لفِعْلِ عُثمانَ بْنِ عَفَّان.

والواجبُ في صدقةِ الفطرِ صَاعٌ، والمرادُ بالصَّاعِ: الصَّاعُ النَبَوِيُّ، وصاعُ المَدِينةِ يُسَاوِي بالكيلو في زماننا الحاضِرِ =(كِيلوين وأربعينَ جراماً) مِنَ الْبُرِّ الجيِّدِ،وأمَا الأَرُزُّ ومَا أشبهَ ذَلكَ من الأطعمةِ الثقيلةِ فيزيدُ وزْنُه، والوزنُ المعتدِلُ (ثلاثَ كِيلو تقريبًا).

فاعتبارُ الصَّاعِ هو الأساسُ وهو الأحوطُ في الأحوالِ والأطمعةِ كلِّهَا، خُروجاً من الخِلافِ واتِّبَاعاً للنصِّ الثابتِ بيقينٍ.

تُؤَدَّى صدقةُ الفطرِ مِن غَالبِ قُوتِ البلَدِ، وإنْ لَمْ يُنَصَّ عليهِ فِي الحديثِ، كالأُرزِ مثلاً، وعلَى هذَا فَلا يُجزِئُ إخرَاجُهَا مِن الدَّرَاهِمِ والفُرُشِ واللِّباسِ وأقواتِ البهَائمِ والأمتعةِ وغيرِهَا لأنَّ ذلكَ خِلافُ ما أَمَرَ بهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

وأمَّا زَمَنُ إخْرَاجِهَا فلَه وقْتَانِ: وقتُ فَضِيلةٍ، ووقتُ جَوَازٍ، فأمَّا وقتُ الفضيلةِ: فهو صَباحُ العيدِ قبلَ الصلاةِ.

ويجُوزُ إخرَاجُهَا قبلَ العيدِ بيومٍ أو يومينِ ولا يجوزُ تأخيرُهَا عن صلاةِ العيدِ، فإنْ أخَّرَهَا عَن صلاةِ العيدِ بِلا عُذرٍ لَم تُقبلْ مِنهُ لأنَّه خِلافُ ما أمَرَ بهِ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفِي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ مَنْ أَدَّاهَا قَبلَ الصلاةِ فهي زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ، رواهُ أَبو داودَ.... وأمَّا إنْ أخَّرَهَا لعُذرٍ فَلا بأسَ.

أيها المسلمونَلزكاةِ الفطرِ خُصُوصِيَّتُهَا في مصَارِفِهَا، فلهَا مَصْرِفَانِ فقط،وهمُ الفقراءُ والمساكينُ.

وأمَّا مكانُ دفْعِهَا فتُدْفَعْ إلى فُقرَاءِ المكانِ الذي هوَ فيهِ.

عبادَ اللهِ.. أكثِروا مِن التكبيرِ ليلةَ العيدِ إلى صلاةِ العيدِ تعظيماً للهِ وشكراً له على إتمامِ النعمةِ؛ يقولُ جلَّ وَعَلا: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

عباد الله... لقدْ أوْشَكَ شهرُكُم علَى الرَّحِيلِ وخَتْمِ مَا أوْدَعتُمُوهُ فيهِ من أعْمَالٍ وأقوالٍ فمَنْ أحسنَ فيهِ وجَوَّدَ فهُو الآنَ يحصِدُ آثَارَهُ الْمُشْرِقَةَ وأنوَارَهُ الْمُبْهِجَةَ فإنَّ للطاعةِ أثراً على صاحبِهَا في وقتِه ومالِه وصحَّتِه وعيالِهِ.

عبادَ اللهِ... مَن كَانَ مَنعَ نفسَهُ في شهرِ رمضانَ من الحرامِ فلْيَمْنَعْهَا فيمَا بعدَه من الشهورِ والأعوامِ فإنَّ إلَه الشهرينِ واحدٌ وهو على الزَّمَانَيْنِ مُطَّلِعٌ وشَاهِدٌ. جزَانا اللهُ وإياكمْ عَلى فِرَاقِ شهرِ البركةِ وأجْزَلَ أقْسَامَنَا وأقسَامَكُم من رحمتهِ المشتركةِ وباركَ لنَا ولكُم في بقيَّتِه وسَلكَ بِنَا وبكُم طَريقَ هِدَايتِهِ بفضلِه ورحمتِه.

اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى إِتْمَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى الوَجْهِ الذِيْ يُرْضِيكَ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ..اللهم لا يبلغُ مِدْحتَك قولُ قَائلٍ، ولا يَجزِي بآلائِكَ أَحدٌ. ربَّنا وجهُكَ أكرمُ الوُجُوهِ، وجَاهُكَ أعظمُ الجَاهِ، وعَطِيَّتُكَ أفضلُ العطَايا. تُطَاعُ ربَّنَا فتشكُرُ، وتُعصَى فتَغْفِرُ، وتُجِيبَ المضطرَّ، وتكشف الضُّرَّ.

اللهمَّ اختِمْ لنَا شهرَ رمضانَ برِضوَانِكَ، وأعِذْنَا مِن عُقُوبَتِكَ ونِيرانِكَ. اللهمَّ اجعلْ موعِدَنَا بَحْبُوحَةَ جِنَانِكَ. اللهمَّ اجعلْنَا مِمَّن قَبِلْتَ صِيامَهُ، وأسعَدْتَه بطاعَتِكَ فاسْتَعَدَّ لما أمَامَه، وغَفَرْتَ زلَلَه وإجْرَامَه. اللهمَّ لا تجعلْ حَظَّنَا مِن صِيَامِنَا الجوعَ والعطشَ، ولا تجعلْ حَظَّنَا مِن قِيامِنَا التَّعَبَ والسَّهَرَ. اللهمَّ واجْعَلْنَا مِمَّن وافَقَ ليلةَ القدرِ، فحازَ عظيمَ الثوابِ والأجرِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ!

اللهمَّ واجْعَلْنَا مِمَّن صَامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً. اللهمَّ اجْعَلْنَا مِمَّن قَامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً. اللهمَّ لا تُفَرِّقْ هَذَا الْجَمْعَ إلاَّ وقَدْ غَفَرْتَ جَميعَ ذُنُوبِهِ.. اللهمَّ اعْتِقْ رِقَابَنَا، ورِقَابَ آبَائِنَا، وأمهَاتِنَا، وذريَّاتِنَا ومَنْ لَه حَقٌّ عَلَينَا، اللهمَّ اعْتِقْنَا جميعاً مِنَ النارِ.

اللهمَّ إنا نسأَلُكَ رِضَاكَ والْجَنَّةَ، ونعوذُ بكَ مِن سَخَطِكَ والنارِ، بِرحمَتِكَ يَا أرحمَ الراحمينَ.. سبحانَ ربِّكَ ربِّ العزَّةِ عمَّا يصفونَ وسلامٌ على المرسلينَ والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

خطبة الجمعة الرابعة من شهر رمضان 

وتتحدث خطبة الجمعة الرابعة من شهر رمضان، وهي من الخطب القصيرة التي تتلائم مع جميع الظروف الاستثنائية، عن وداع الشهر المبارك وتبدأ بسم الله والحمد لله، والصّلاة والسّلام على سيّدنا رسول الله، الصّادق الوعد الأمين، بلّغ الرّسالة ونصح الأمّة وجاهد في الله حقَّ الجهاد، حتّى أتاه اليقين من ربّه، أمّا بعد، إخواني: إنّ الحمد لله حمدًا يوافي نعمه ويجافي نقمه ويكافي مزيده، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، السلام عليكم ورحمة الله:

عباد الله، لقد خلق الله السَّموات والأرض، وخلق الأكوان والأزمان، وفضَّل بعضها على بعض، فسبحان الله الذي فضّل شهر رمضان على غيره من الشّهور والأزمان، وجعل فيه مسارات للنّجاة من فِتن الدّنيا، ومن عذاب النّار، شهرًا تطيب به العبادة، وتحلو معه لذّاتها، وتصل به القلوب إلى ربّها، فاحرصوا على تقواه، عباد الله، أوصيكم ونفسي المخطئة بتقوى الله، وأحذّركم وبالَ عصيانه ومُخالفة أمره، فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيرًا يره، ومن يعمل مثقال ذرةٍ شرًا يره، لإنّ تقوى الله هي الخطوة الأولى التي ينطلق بها الإنسان المُسلم في الوصول إلى ربّه، وهي الخطوة الأولى التي تُعزّز من فرصة النّجاة، فمن اتّقى الله في رمضان فاز واغتنم من خيراته التي ليس لها جزاء سوى المغفرة، والجنّة، ولإنّ العاقل من يتقّي، فما هي هذه الحياة الدّنيا إلّا أيّام معدودة، تتسارع في عزفها، فكما كنّا في الأمس في انتظار شهر رمضان، ها نحن نُطلق الدّموع في وداعه، ضيفًا عزيزًا على الجميع، فهذه الدّنيا قصيرة ولو طالت، وهذه الأعمار لا بدَّ لها إلى فناء، فلا نُهلك أنفسنا في البحث عن دُنيا، لإنّ خير العمل هو ما يبتغي به المُسلم وجه الله تعالى، وفي ختام هذا الشّهر نُبارك للجميع فرحة العيد، الذي نستقبله بما يليق به من الحفاوة والتّقدير، لإنّ عيد الفطر هو الفرحة الأولى التي أعدّها الله تعالى للصائم، ليكون في انتظار حصوله على الفرحة الثانية، فجزاء الصّيام هو أحد الأمور التي تكفّل الله بها لنفسه، فقد رُوي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: ” قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.. فالحمد لله الحيّ الذي لا يموت، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.​​​​​​​

شيماء عثمان

شيماء عثمان

صحفية مصرية من محافظة الإسكندرية، عملت مراسلة للعديد من المواقع والصحف المحلية