أسعار النفط تهبط لأدنى مستوى في ثلاث سنوات وسط مخاوف من تأثير الحرب التجارية على الطلب
انخفضت أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة ليهبط خام برنت دون مستوي 70 دولار للبرميل مسجلًا أدني مستوي له في ثلاث سنوات، وقد اهتزت سوق تداول النفط العالمية بسبب مجموعة من العوامل بما في ذلك الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على الشركاء التجاريين الرئيسيين وقرار أوبك بلس بزيادة الإنتاج، وقد أثارت هذه التطورات المخاوف بشأن توقعات الطلب العالمي على النفط ووضعت ضغوطًا هبوطية على الأسعار.
لقد خلقت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على السلع الكندية والمكسيكية والصينية والتي دخلت حيز التنفيذ الفعلي في 4 مارس حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية، مع قلق المشاركين في السوق بشأن التأثير المحتمل على النمو الاقتصادي والطلب على النفط، فمن المتوقع أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى تسريع معدلات التضخم في الولايات المتحدة بشكل طفيف وإبطاء النمو الاقتصادي في الأمد القريب، في حين تفرض ضريبة أكبر على الاقتصادين الكندي والمكسيكي، وقد يؤدي هذا إلى انخفاض استهلاك النفط في هذه الدول مما يؤثر بشكل غير مباشر على الطلب على النفط في الولايات المتحدة.
أعلنت منظمة أوبك بلس يوم الاثنين 6 مارس 2025 أنها ستبدأ في زيادة إنتاج النفط اعتبارًا من بداية شهر أبريل، وتخفيف تدريجي لتخفيضات الإنتاج التي تم إجراؤها في نوفمبر 2023، وكان هذا القرار مفاجئًا لبعض المحللين، حيث توقعوا أن تؤجل أوبك بلس هذه الزيادات نظرًا للتهديد الاقتصادي الكلي الناجم عن التعريفات الجمركية، وتخطط المجموعة لزيادة الإمدادات تدريجيًا بنحو 140 ألف برميل شهريًا على مدى العامين المقبلين، لكنها قد تتوقف أو حتى تعكس الزيادات إذا كانت الظروف تستدعي ذلك.
إن التأثير المتوقع لزيادات إنتاج أوبك بلس على سوق النفط العالمية هو زيادة محتملة في المعروض مما قد يفرض ضغوطًا هبوطية على أسعار النفط في الأمد القريب، ويتفاقم ذلك بسبب التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب والتي قد تؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي وتقليل الطلب على النفط، في يوم الأربعاء 8 مارس 2025 هبطت العقود الآجلة للنفط الخام لتتداول بالقرب من أدنى مستوياتها منذ سنوات حيث هزت المخاوف بشأن التعريفات الجمركية الأمريكية وزيادة الإنتاج المفاجئة من أوبك بلس أسواق السلع الأساسية.
يمكن للتوترات الجيوسياسية مثل التي بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين الرئيسيين أن تؤثر بشكل كبير على ديناميكيات العرض والطلب على النفط العالمي، حيث يمكن للحروب التجارية والتعريفات الجمركية أن تعطل سلاسل التوريد، في حين أن انقطاعات المعروض مثل تلك الموجودة في الشرق الأوسط يمكن أن تضع ضغوطًا تصاعدية على أسعار النفط، ويمكن أن تتأثر استراتيجيات إنتاج أوبك بلس أيضًا بالتوترات الجيوسياسية، كما هو الحال في القرار الأخير بزيادة الإنتاج.
لقد أدى الجمع بين التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على الشركاء التجاريين الرئيسيين وقرار أوبك بلس بزيادة الإنتاج إلى الضغط على أسعار النفط، لا تزال توقعات الطلب العالمي على النفط غير مؤكدة، مع الاضطرابات المحتملة في سلاسل التوريد والتباطؤ الاقتصادي التي تثقل كاهل السوق، لهذا يجب على المستثمرين مراقبة الوضع المتطور عن كثب والنظر في العواقب المحتملة على محافظهم الاستثمارية.
كيفية الاستثمار في سوق النفط؟
النفط من السلع الضرورية الأساسية للحياة الحديثة، وهو من بين السلع الأكثر استراتيجية، لذا فليس من المستغرب أن يكون النفط استثمارًا شائعًا، وفي حين أصبحت الطاقة الخضراء قوة متنامية مؤخرًا فإن الاقتصادات الحديثة ستحتاج إلى النفط لفترة طويلة، مما يضع حدًا أدنى لسعره.
لذا فإن النفط يوفر نوعًا من الملاذ الآمن الذي يفضله المستثمرون في الذهب، كما يوفر وسيلة للتحوط بمحفظة الاستثمار أيضًا، من خلال الاستثمار في النفط يمكن للمستثمرين المتقدمين تعويض ارتفاع سعر النفط على بقية محفظتهم والحماية من تسعير هذا المدخل الرئيسي المتقلب غالبًا، فيما يلي خمس طرق مختلفة للاستثمار في النفط، من الطرق المباشرة إلى الطرق غير المباشرة.
1 .صناديق النفط المتداولة فى البورصة
واحدة من أسهل الطرق للاستثمار في النفط هي من خلال صندوق النفط المتداول في البورصة، يمتلك صندوق النفط المتداول في البورصة عقود آجلة وعقود خيارات علي النفط الخام، بدلاً من السلعة نفسها، وهو على عكس صناديق الذهب المتداولة فى البورصة التي في حيازاتها المعدن المادى الفعلي، ومع تقلبات سعر النفط الفوري يميل سعر الصندوق المتداول فى البورصة إلى محاكاة هذه التغييرات، وإن كان ذلك بشكل غير كامل بسبب كيفية استثمار الصندوق في النفط.
لذا، إذا كنت تري أن سعر النفط سيرتفع ولا تريد متاعب إدارة العقود الآجلة والعقود الأخرى بنفسك فقد يكون الصناديق المتداولة هي الحل، ومن خلال المراهنة على سعر النفط باستخدام صندوق لديك طريقة واحدة فقط للفوز وهي: إذا ارتفع سعر الخام، في حين أن هذا كان رهانًا جيدًا على المدى الطويل، فقد يكون هذا النوع من الصناديق المتداولة في البورصة أفضل كأداة تداول من الاستثمار بالشراء والاحتفاظ.
تشمل ثلاثة من أكبر صناديق الاستثمار المتداولة صندوق النفط الأمريكي (USO) وصندوق النفط Invesco DB (DBO) وصندوق ProShares K-1 Free Crude Oil Strategy ETF (OILK).
المخاطر: يمكن أن يكون سعر النفط متقلبًا وربما هذا الخطر الأكثر وضوحًا في الاستثمار في النفط، ونظراً لهذا التقلب التاريخي فإن صناديق النفط المتداولة في البورصة قد تكون الخيار الأفضل إذا كنت تبحث عن تداول السوق على مدى فترة زمنية أقصر، على سبيل المثال: عندما يكون الاقتصاد في حالة انتعاش، وبما أن صناديق النفط لا تمتلك النفط بشكل مباشر، فإن أداءها قد لا يتتبع سعر النفط بشكل جيد.
2 .العقود الآجلة للنفط
يمكنك الاستثمار في مشتقات النفط المسماة العقود الآجلة، والعقود الآجلة هي الطريقة الأكثر شعبية لتداول السلع الأساسية مثل النفط والذهب والذرة والقمح ومجموعة من السلع الزراعية الأخرى.
في العقود الآجلة توافق على شراء النفط بسعر محدد في المستقبل ولا تحتاج إلا إلى دفع جزء من العقد، وبسبب هذه الهيكلة تسمح العقود الآجلة للمتداولين بشراء أكثر مما قد يكونون قادرين عليه بخلاف ذلك، وإذا سارت الأمور على ما يرام فيمكنهم كسب الكثير من المال، ولكنهم قد يخسرونه بنفس السرعة اذا تحرك سعر السلعة في الاتجاه الخطأ.
ستحتاج إلى العمل مع وسيط يقدم تداول العقود الآجلة والذي يتطلب عادةً حدًا أدنى للحساب أعلى من حساب الوساطة التقليدي في الأسهم.
المخاطر: نظرًا للروافع المالية التى تنطوى عليها العقود الآجلة والطبيعة المتقلبة للنفط، يمكنك الفوز والخسارة بسرعة، إذا تحرك النفط ضدك فستحتاج إلى وضع المزيد من النقود للاحتفاظ بمركزك في العقود الآجلة أو إغلاقه بطريقة أخرى (ربما عندما يكون في أدنى مستوياته)، العقود الآجلة مخصصة للمتداولين ذوي الخبرة وبعض السماسرة الكبار فقط لديهم القدرة على تداول العقود الآجلة.
3 .أسهم النفط
توجد طريقة أخري للاستثمار فى النفط وهي امتلاك أسهم في الشركات التي تنتجه، ويمكن لشركات التنقيب عن النفط وإنتاجه أن تقدم لك طرقًا متعددة للفوز عندما يرتفع النفط، قد يكون هذا المسار هو الخيار الأفضل للمستثمرين، لأنهم يمكنهم الاستفادة عندما يرتفع النفط ولكن أيضًا عندما تزيد الشركة من إنتاج النفط، لذلك فهم لا يعتمدون فقط على سعر النفط وحده.
بالإضافة إلى ذلك، مع ارتفاع سعر النفط يصبح كل برميل يتم إنتاجه أكثر ربحية لشركة النفط بشكل تدريجي، لذا فإن أرباحها قد ترتفع بشكل أسرع من سعر النفط نفسه.
المخاطر: يتطلب الاستثمار في الأسهم الفردية الكثير من الوقت والطاقة ولا يمكنك ببساطة رمي السهم وتتوقع النجاح، ستحتاج إلى الاستثمار في شركة في وضع جيد إذا كنت تريد زيادة احتمالات نجاحك والتمسك بلاعب مثبت، وليس شركة في مرحلة التطوير أو لا تزال تبحث عن بئرها الأول، وبالطبع، يمكن أن تكون الأسهم الفردية متقلبة تمامًا مثل سعر النفط، لذا لا يزال بإمكانك أن تواجه رحلة وعرة.
4 .صناديق الاستثمار المتداولة فى أسهم شركات النفط
اذا كنت لا ترغب في الاستثمار في أسهم النفط الفردية، فيمكنك شراء صندوق استثمار متداول في البورصة يضم شركات النفط، ستظل تحصل على التعرض للنفط ولكن بطريقة أكثر تنوعًا تقلل من المخاطر، قد يحتفظ الصندوق بعشرات من أسهم شركات النفط، وهذا يقلص من اعتمادك على أي منها كثيرًا.
توجد ثلاثة من أكبر الصناديق هم Energy Select Sector SPDR Fund (XLE) وVanguard Energy ETF (VDE) وSPDR S&P Oil & Gas Exploration & Production ETF (XOP)، تتميز جميعها بنسب نفقات منخفضة وهي 0.9% فقط و 0.10% و 0.35% على التوالي، لذلك لن ينتهي بك الأمر إلى دفع الكثير لامتلاك الصندوق والاستفادة من مزايا التنويع.
المخاطر: يمكن أن يحميك تنويع الصندوق من المشكلات التي تعاني منها شركة معينة، لكنه لن يحميك إذا أثر شيء ما على الصناعة بأكملها مثل الانخفاض المستمر في سعر النفط، قد ترغب في إلقاء نظرة فاحصة على ما هو مدرج في صندوقك وما إذا كنت تحصل على نوع التعرض الاستثماري الذي تريده، لأن صناديق الاستثمار المتداولة قد تحتوي على شركات غير نفطية.
5 .صناديق الاستثمار المشتركة في أسهم النفط
توفر صناديق الاستثمار المشتركة فى أسهم شركات النفط وسيلة أخرى للاستثمار في مجموعة متنوعة من شركات النفط مما يقلل من المخاطر التي تتعرض لها ولكنها لا تزال تمنحك مكاسب إذا ارتفع سعر النفط.
يتضمن اثنان من أكبر الصناديق هنا صندوق Vanguard Energy Fund (VGENX) بنسبة نفقات تبلغ 0.44% وFidelity Select Energy Portfolio (FSENX) بنسبة نفقات تبلغ 0.73%، تتمتع هذه الصناديق بتعرض كبير لمنتجي النفط ولكنها تحتوي أيضًا على شركات أخرى لديها مكاسب أقل إذا ارتفع النفط، بالإضافة إلى شركات أخرى ذات صلة مثل منتجي الفحم أو الطاقة الشمسية.
المخاطر: مثل صناديق الاستثمار المتداولة فى النفط، فإن تنويع صندوق الاستثمار المشترك يحميك من التحديات التي تواجهها الشركات الفردية ولكن ليس ضد شيء يؤثر على الصناعة ككل مثل انخفاض أسعار النفط، كما هو الحال مع صناديق الإستثمار المتداولة، قد تحتوي صناديق الاستثمار المشتركة على العديد من الشركات التي لا تمنحك التعرض لأسعار النفط الذي تريده، لذا من المهم إلقاء نظرة على مقتنيات الصندوق.
ما الذي يجعل النفط استثماراً جذاباً للعديد من المستثمرين؟
يقدم النفط العديد من المزايا الإيجابية التي يمكن أن تجعله استثماراً جذاباً:
- سلعة مهمة استراتيجياً: النفط سلعة استراتيجية، وفي حين أن مصادر الطاقة الأخرى المتنافسة أصبحت متاحة، فإنه سيظل حيوياً في المستقبل المنظور.
- الطلب القوي: إن تنوع استخدامات النفط ومنتجاته المشتقة يعني أن الطلب سيظل مرتفعاً وسيساعد في الحفاظ على حد أدنى لسعر السلعة.
- مخزن دفاعي للقيمة: نظراً للطلب القوي على النفط والضرورة الاستراتيجية له، يمكن للسلعة أن تعمل كمخزن للقيمة لفترات أطول.
- التحوط ضد الاستثمارات الأخرى: تعتمد العديد من الشركات إلى حد ما على النفط بأسعار معقولة، لذلك عندما يرتفع النفط يمكن أن تتضرر، يمكن استخدام الاستثمار في النفط كتحوط ضد ارتفاع أسعار النفط في بقية محفظتك، مما يساعد في تقليل مخاطر ارتفاع أسعار النفط.
