رئيس التحرير أحمد متولي
 وماذا بعد «الفيل الأزرق» و«هيبتا»؟

وماذا بعد «الفيل الأزرق» و«هيبتا»؟

"يا أهل القراءة.. رجاءًا ترشحولي رواية أقراها" عادةً يتكرر ذلك الطلب يوميًا أكثر من مرة على جميع "جروبات" الفيس بوك المُتعلقة بالقراءة، وعلى رأسهم "عصير الكتب".

نظريًا هو طلب عادي وطبيعي، أن يطلب أحدهم نصيحتك فيما يقرأه في الساعات القادمة أمر إيجابي حتمًا، ولكن ما هو غير طبيعي أن تأتي معظم الإجابات من نوعية "الفيل الأزرق"، "هيبتا"، "اكتشفت زوجي في الأتوبيس" وغيرهم من الروايات الحديثة نسبيًا.

جميع تلك الروايات السابقة، والروايات التي على شاكلتهم، "على عيننا وراسنا"، ولكن كيف تكون تلك الروايات ضمن قائمة "أفضل ما قرأت"؟ لا أعيب في تلك الروايات بالتأكيد، فيكفي كونها دفعت جيلًا كان أبعد ما يكون عن القراءة إلى التهام السطور التهامًا؛ لمعرفة كيف ستنتهي تلك الأحداث؟ هل سيعود يحيى إلى لبنى في الفيل الأزرق؟ كيف ستنتهي حكايات "أ" و"ب" و"ج" و"د"  في هيبتا؟

ولكن الأزمة هنا أن معظم من يعتبرون تلك الروايات تتصدر قائمتهم لـ "أفضل ما قرأت"، غالبًا ما تكون قائمتهم أصلًا خاوية على عروشها إلّا من تلك الروايات، أو مليئة بروايات مشابهة أو حتى روايات الجيب القديمة "رجل المستحيل" و"عبير".

البدايات أجمل، تلك قاعدة ثابتة، وعليه، فبالتأكيد سينبهر القارئ حديث العهد بتلك الروايات، ما ذلك الخيال؟ وما تلك القدرة على الوصف والتجسيد؟ ولكن.. ألا ترى معي أن عليك أن تنتقل للمرحلة التالية، أن تقرأ ما أهو أبعد وأكثر عمقًا من ذلك؟

نهاية العام الماضي، تصدّر أحمد مراد قائمة "أفضل الكُتاب" في العام، هذا ليس غريبًا في حد ذاته، ولكن أن تتضمن تلك القائمة كُتّاب أمثال "د. أحمد خالد توفيق"، "سعود السنعوسي"، الرائع "يوسف زيدان"، ناهيك عن عمالقة الأدب "يوسف السباعي ونجيب محفوظ" فهنا حتمًا يجب أن نتوقف قليلًا.

الروايات على شاكلة مؤلفات "أحمد مراد"، "محمد صادق"، "عمرو الجندي"، "عبير عبدالرحمن" وغيرهم، جيدة كبداية، أن تكون مرحلة انتقالية بين كونك غير قارئ إلى قارئ. فهي خفيفة، ممتعة، وعادةً ما تكون مشوّقة، ولكنها بالتأكيد لا تصلح بأن تكون زادك الوحيد من القراءة، وتظل تتغنى بها ومدى روعتها وجمال أبطالها.

إن كنت حديث العهد بالقراءة، ستكون تلك الروايات على قائمة الترشيحات بالتأكيد، ولكن ما أن تقرأها فعليك تجاوزها إلى ما هو أكثر ثراءًا، ولتكن كبداية روايات الروائي الكبير أحمد خالد توفيق، فهي ساخرة، ممتعة، والأهم تكتمل بها عناصر الرواية أو القصة القصيرة، حسب نوعها.

لا يعني ذلك أن هناك عيبًا في الكُتاب الشباب، فمنهم مثلًا الروائي سعود السنعوسي صاحب روايتيّ "ساق البامبو" و"فئران أمي حِصة". الروايتين، على السواء، من أفضل ما اُنتج من روايات عربية في الأعوام الأخيرة، وإن لم يسبق لك قراءة أيًّا منهما، فعليك وضعهما على قائمة مشترياتك القادمة.

بعيدًا عن الكُتاب الشباب، لا يجوز أن تخلو قائمة ما قرأت من واحدة على الأقل من مؤلفات "يوسف زيدان"، وأشهرهم "عزازيل". كما توجد له روايات أقل حجمًا، وأكثر بساطة، وإن لم تكن أقل عمقًا مثل روايته "ظل الأفعى".

أمّا إن كنت تبحث عن الروايات الرومانسية، فبعد مرحلة ما يمكن أن نطلق عليه "روايات فتكات"، نسبة إلى الموقع النسائي الشهير الذي كان محطة الانطلاق لمعظم الكُتاب الإناث الآن، فيمكنك قراءة ذلك النوع من روايات كبار الكُتاب أمثال "يوسف السباعي"، "إحسان عبدالقدوس".

نهاية، القراءة "أذواق"، وما قد يروق لي قد تعتبره أنت مجرد "مضيعة للوقت"، وما أراه سطحيًا قد تجده شديد العمق، ولكن قبل أن تحكم بأن كاتبٍ ما هو الأفضل، وأن روايةٍ ما هي الأجمل، عليك أن تقرأ كثيرًا لمختلف الكتاب، الكبار والشباب، وفي مختلف المجالات، لا داعي أن تتحول إلى "درويش" لكاتب بعينه تناصره "طول الخط" مثلما يحدث الآن.. أرجوك.

شيماء عبدالعال

شيماء عبدالعال

صحفية مصرية مهتمة بالكتابة في ملف الأدب والثقافة