أجواء رمضان في مصر.. ليالي مضيئة بالفوانيس والتراويح

أجواء رمضان في مصر.. ليالي مضيئة بالفوانيس والتراويح

تنفرد أجواء رمضان في مصر دون أي مكان آخر، حيث تمتزج الروحانيات بالبهجة، وتنبض الشوارع بالحياة مع حلول الشهر الفضيل، بين زينة تتدلى من الشرفات، وموائد الرحمن التي تجمع الغرباء، ليالي مضيئة بالفوانيس والتراويح، ومشاهد استثنائية لا تتكرر إلا مرة في العام.

أجواء رمضان في مصر

مع اقتراب أذان المغرب، تتحول الشوارع إلى مشهد نابض بالحياة، فالمارة يسرعون للحاق بمنازلهم، وروائح الطعام تتسلل من النوافذ، بينما يجلس البعض في الشوارع على موائد الرحمن التي تحمل في طياتها قصص التكافل والتراحم بين المصريين، إنه رمضان، حيث تتجسد الروحانيات في كل ركن، وتعود العادات القديمة لتروي حكاياتها من جديد.

مع بداية الشهر الفضيل، تتزين الشوارع بالفوانيس، فتراها تتدلى من الشرفات وتتلألأ فوق مداخل المحلات، بينما تلتف الزينة القماشية بألوانها المبهجة حول الأعمدة، وكأنها وشاح يحتضن المدينة في طقس مميز لا يتكرر إلا مرة واحدة في السنة.

في الحارات القديمة مثل الحسين والسيدة زينب، يصبح المشهد أكثر سحرا، حيث يجتمع الأهالي في حلقات ذكر، وتتداخل أصوات الابتهالات مع صوت المسحراتي الذي يمر ليوقظ الصائمين، مرددا عبارته الشهيرة: اصحى يا نايم.. وحد الدايم، في طقس رمضاني ظل صامدا رغم مرور الزمن.

تمتد موائد الرحمن بطول المدن بشوارعها، يجهزها متطوعون ويشرف عليها أهل الخير، لا فرق بين غني وفقير، الكل يجلس إلى ذات الطاولة، يتبادلون الابتسامات والأحاديث، وكأن رمضان يذيب الفوارق الاجتماعية بلقمة تجمع القلوب قبل أن تملأ البطون.

على هذه الموائد، لا أحد يسأل الآخر عن اسمه أو مهنته، الكل إخوة، يجمعهم رمضان بروحانيته، والناس تأكل وتشكر.

المساجد عامرة والبيوت تتنفس الألفة

مع أذان العشاء، تتوجه أقدام المصلين إلى المساجد، التي تمتد صفوفها إلى خارج الأبواب، وخاصة في صلاة التراويح، حيث تصدح آيات القرآن في الأجواء، في مشهد روحاني يملأ القلوب بالطمأنينة.

وفي البيوت، يتجمع أفراد الأسرة حول طاولة الإفطار، يروون ذكرياتهم الرمضانية، بينما تحمل الأمهات أطباق الكنافة والقطايف، وسط أجواء دافئة لا تشبهها أي لحظة أخرى في العام.

أما في وقت السحور، فتتحول الشوارع إلى ساحة نابضة بالحياة، حيث تزدحم محلات الفول والفلافل بالزبائن، ويتجول المسحراتي بين الأزقة، ليوقظ النائمين بنغماته العتيقة التي لا تزال تسكن القلوب.

رمضان في مصر ليس مجرد شهر للصيام، بل حالة خاصة يعيشها الجميع، حيث تمتزج الروحانيات بالبهجة، والتقاليد بالمحبة، وكأن الزمن يتوقف ليمنح المصريين فرصة لاستعادة قيم التراحم التي لطالما تميزوا بها.

هو شهر واحد، لكنه يترك أثره في النفوس، ليبقى ذكرى لا تنسى، وحكاية تروى كل عام، مع كل فانوس يضيء، وكل صوت مسحراتي ينادي، وكل مائدة تجمع الغرباء ليصبحوا أصدقاء تحت مظلة الرحمة والكرم.