ذكرى «بوعزيزي».. وسر «Dégage» التي أشعلت الربيع العربي

ذكرى «بوعزيزي».. وسر «Dégage» التي أشعلت الربيع العربي

رحيل ثلاثة حكام ومقتل رابع، وتشريد 3 مليون عربي ومقتل 500 ألف أخرين، وصراعات لازالت مستمرة حتى الأن.

البداية كانت يوم 17 ديسمبر، حينما قام الشاب التونسي سيد بوعزيزي بإشعال النيران في نفسه، أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجًا على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ وقالت له: (بالفرنسية: Dégage) أي ارحل (فأصبحت هذه الكلمة شعار الثورة للإطاحة بالرئيس وكذلك شعار الثورات العربية المتلاحقة).

436x328_37541_135979

الشرطية فادية حمدي

أضرم على الأقل 50 مواطناً عربياً النار في أنفسهم لأسباب اجتماعية متشابهة تقليدا لاحتجاج البوعزيزي،وأقيم تمثال تذكاري تخليداً له في العاصمة الفرنسية باريس.

في يوم 18 ديسمبر 2010 انطلقت الثورة التونسية بخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم، لتنتهي بتخلي الرئيس التونسي زين العابدين بن على عن منصبه وهروبه إلى السعودية 14 يناير 2011.

الأمر لم يتوقف عند تونس فقط، فخرج رئيس مجلس الشورى المصري صفوت الشريف وأحد أعمدة نظام مبارك، يجيب على أحد الأسئلة بشأن الثورة التونسية "مصرليست مثل تونس"، لكنه كان مخطئًا بالتأكيد، في يوم 25 يناير 2011 خرج مجموعة من الشباب منددين بتصرفات الداخلية المصرية ومطالبين بإقالة وزيرها حبيب العادلي، ليتحول الأمر بعد ذلك إلى ثورة شعبية للمطالبة برحيل النظام كاملاً، وفي يوم 28 يناير (جمعة الغضب) انسحبت الشرطة المصرية من مواقعها بعد مواجهات واسعة مع المحتجين، ونزلت قوات الجيش إلى الشوارع ، وبعد 17 يوماً من اعتصام الملايين في ميدان التحرير وتحديداً يوم 11 فبراير أعلن الرئيس المصري حسني مبارك تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية وتسليم السلطة للقوات المسلحة، قدم بعدها للمحاكمة بتهمة قتل متظاهرين والاستلاء على أموال دون وجه حق وبرأته المحكمة.

وجد الشعب الليبي نفسه محاصراً وسط ثورة تونسية في الغرب ومصرية في الشرق، ليعلن حلقة جديدة من الربيع العربي يوم 17 فبراير 2011 على معمر القذافي الذي يحكم البلاد منذ 42 عاماً، وتطور الأمر إلى نزاع مسلح بين قبائل معارضة ومؤيدة للقذافي، وفي 21 أغسطس انضمت العاصمة طرابلس إلى الاحتجاجات ونجحت في إسقاط نظام معمر القذافي لينتهي الأمر بقتله 20 أكتوبر من نفس العام.

التقطت اليمن طرف الخيط وانطلقت الإحتجاجات من الجامعة بصنعاء يوم 11 فبراير 2011، مطالبة برحيل الرئيس علي عبدالله صالح الذي أعلن بعدها أنه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة أو يورث الحكم لنجله، وفي يوم الجمعة 18 مارس (عرفت فيما بعد بجمعة الكرامة) قتل 52 برصاص قناصة النظام، وبعد انضمام بعض القادة العسكريين إلى صفوف الثوار، وُقع على المبادرة الخليجية في 23 نوفمبر 2011 لحل الأزمة السياسية، عُطل بموجبها الدستور، ومُنح «صالح» حصانة من الملاحقة القانونية، وتسلم نائب الرئيس صالح عبد ربه منصور هادي الرئاسة بموجب المبادرة الخليجية في 21 فبراير 2012. لم تنتظر سوريا كثيراً بعد شقيقاتها تونس ومصر وليبيا واليمن، فاشتعلن=ت ثورتها في 15 مارس 2011، وتحولت إلى أوجها بعد قيام قوات الداخلية السورية باعتقال عدد من أطفال مدينة درعا، كانوا قد كتبوا عبارات ثورية التقطوها من ثورات الربيع العربي على جدران المدارس والمنازل، وبعد أن رفضت السلطات تسلميهم لأهاليم بدأت في اشتبكات مسلحة انتهت باقتحام الجيش السوري لجامع العامري الذي اعتصم به الأهالي وارتكاب مجزرة حركت سوريا بأكملها، لتنشب حرب أهلية حتى الأأن مع رفض الرئيس السوري بشار الأسد التنحي عن منصبه بعد 4 سنوات من الاقتتال.

محمد أبو عقيل

محمد أبو عقيل

صحفي مصري يكتب في الملف الثقافي والرياضة