عبدالرحمن الورداني يكتب: في المولد استقيموا يرحمكم الله!
الاحتفال بمولد نبي الإسلام أصبح عادة تتوارثها الأجيال، وتقاليد مجتمع شرقي يعتبرها الكثير من نهج الرسول، فتجد أنغامًا صاخبة، زفات بالخيول والأعلام، وتُقام السرادق والصوانات. ورغم كونها أمورًا بعيدة تمامًا عن صلب الشريعة، إلا أن البسطاء من العامة يقعون فيها للأسف.
مع قدوم ذكرى مولد النبي، صلى الله عليه وسلم، تجد الكثير من الطقوس والمظاهر، التي اكتسبت مع الزمن صبغة دينية. تلك الطقوس يظن الكثير أنها سنة عن النبي، رغم بعدها الشديد عنه، إما لضعف الإيمان أو للجهل بأمور الشرع.
يُقال أن الاحتفال بالمولد النبوي في مصر بدأ في الدولة الفاطمية، حيث أرادوا أن يتقربوا للشعب المصري، فما كان منهم إلا أن أقاموا الاحتفالات بالمناسبات الدينية، وصنعوا أنواعًا مختلفة من الحلوى تُقدم في هذه المناسبة.
ومع مرور الزمن نتجت إفرازات اجتماعية، غيرت وطورت في أشكال الاحتفال بذكرى المولد، لكن بأسلوب عفوي مستهتر وعشوائي، وبشكل يسيء للإسلام وللذكرى العطرة. فتارة نرى حلقات الذكر المختلطة بين الرجال والنساء، وتارة نرى الولائم التي يتقدمها «الدراويش»، ومن يطلق عليهم «المجاذيب»، في مشاهد لا تليق بالإسلام كدين سماوي.
وبحكم دراستي في الأزهر الشريف على أيدي شيوخه، وبحديثي مع أحد أساتذتي عن حكم هذا الموروث الاجتماعي بين عموم المسلمين، استنكره بشدة، موضحًا أن النبي احتفل بمولده بصيام يوم الإثنين فقط، وحين سأله أصحابه: لم تصوم؟ فقال: "ذاك يوم ولدتُ فيه"، وعن يوم الخميس قال إن الأعمال ترفع فيها إلى الله.
وكما أخبرتنا السيرة النبوية مدى محبة أصحاب الرسول له وتكريمهم إياه، يجب على كل مسلم أن يعتني بذكرى الحبيب المصطفى، والاقتداء به والسير على نهجه، ويمعن النظر في سيرته الشريفة، استقيموا يرحمكم الله!